"" - باسمة عطويبالرغم من أن زيارة بعثة صندوق النقد الدولي الأخيرة إلى لبنان كانت استطلاعية، خصوصاً أنها جاءت بعد مرور شهرين على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وشهر على تشكيل حكومة الرئيس نواف سلام، إلا أن الوفد بقي على "ثوابته" خلال لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين، لجهة ضرورة تطبيق الإصلاحات الاقتصادية والمالية المطلوبة للمضي قدماً في الوصول إلى اتفاق نهائي مع لبنان، بعد توقيع الاتفاق المبدئي في نيسان عام 2022، ما يوحي بأن لبنان لن يتمكّن من دخول البرنامج التمويلي الموعود مع الصندوق، من دون إنجاز هذه الإصلاحات مسبقاً.وبحسب مصدر متابع لجولة البعثة لـ""، فإن الصفة الغالبة على الزيارة هي جولة "استماع" للمسؤولين اللبنانيين والمصرفيين والخبراء الاقتصاديين، حول كيفية الخروج من الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي أتمّت عامها الخامس، من دون طرح أفكار وتصورات جديدة كما كان يحصل في الزيارات السابقة، وكانوا مهتمين بمعرفة معلومات عن حجم الضرر الاقتصادي والمالي الذي لحق بلبنان جراء العدوان الإسرائيلي.كما تشير المعلومات إلى أن الهدف من "جلسات الاستماع" هو أن الصندوق يرى أن الحكومة اللبنانية مضطرة لإعادة صياغة رؤيتها العامة لخطة التعافي المالي، بعد كل التطورات الأمنية والمالية التي حصلت، وجزء من هذه الرؤية العامة سيرتبط بالتشريع المتعلق بإعادة هيكلة القطاع المصرفي، الذي سيحدّد بطبيعة الحال مصير الودائع والرساميل وما تبقى من موجودات في القطاع المصرفي.غبريل: لا أفكار محددة حول الاتفاق المقبل*********من جهته، يشرح الخبير الاقتصادي ورئيس مركز الأبحاث في بنك بيبلوس نسيب غبريل لـ""، أن "بعثة صندوق النقد الدولي هدفت من خلال لقاءاتها إلى معرفة ما هي أولويات الحكومة الجديدة، والوضع الاقتصادي بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان وتداعيات الخسائر التي حصلت على الوضع ككل، كما تم البحث في إمكانية أن تكون هناك فرصة جديدة لبدء المفاوضات مع الحكومة اللبنانية حول مشروع جديد للاتفاق بين لبنان وصندوق النقد، لكنهم لم يطرحوا خطة معينة أو تصوراً حول الاتفاق".ويضيف: "هدف الزيارة الأساسي هو الاتفاق على برنامج جديد ودعم جهود السلطة للخروج من الأزمة، وقد أثنت البعثة على خطوة مصرف لبنان للاستمرار في التوقف عن تمويل الدولة، وأبدت استعدادها لمساعدة الجهات اللبنانية في وضع خطة للإصلاح الاقتصادي المتكامل، تركز على الاستدامة في المالية العامة والدين العام، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، ودعم محفزات النمو الاقتصادي وتعزيز الشفافية"، مشدداً على أن "البعثة لمست خلال لقاءاتها أن المسؤولين اللبنانيين يسعون للوصول إلى اتفاق مع الصندوق والحصول على تمويل، والدليل أنهم طلبوا مساعدتهم للوصول إلى هذا الأمر".تجدر الإشارة إلى أن لقاءات البعثة شملت مسؤولين في بعض المصارف وخبراء اقتصاديين، ولم تشمل جمعية المصارف بشكل رسمي، حيث تم التركيز على معرفة تصوراتهم حول كيفية حل مشكلة الودائع، في حال لم يتم شطب قسم منها (وهو اقتراح البعثة خلال الزيارات السابقة)، بالإضافة إلى التوقعات حول الاقتصاد اللبناني للعام 2025.راشد: شروط الصندوق لم تتغير*********من جهته، يرى الخبير السابق في صندوق النقد الدولي منير راشد لـ""، أن "بعثة صندوق النقد لم تغيّر موقفها تجاه كيفية خروج لبنان من أزمته المالية والاقتصادية، بل تتوقع أن يقبل المسؤولون اللبنانيون بالشروط التي طرحتها منذ بداية الأزمة للوصول إلى اتفاق"، واصفاً الزيارة بأنها "استطلاعية بناءً على طلب الحكومة اللبنانية التي أبدت رغبتها في إعداد برنامج مدعوم بتمويل من صندوق النقد".ويضيف: "لا أتوقع تغييراً في الموقف اللبناني لأسباب عدة، أبرزها أن الصندوق يطلب إجراءات مسبقة منها إعادة هيكلة المصارف وتأمين استمرارية الدين العام، وهذا يتطلب شطب قسم من الودائع والمحافظة فقط على صغار المودعين"، مشدداً على أن "هنا تكمن صعوبة الأمر، لأن موقف الصندوق هو أن الدين العام في لبنان يبلغ 110 مليارات دولار (سندات اليوروبوندز بالإضافة إلى دين مصرف لبنان للمصارف)، وهذا يعني أن لبنان يعاني مستوىً عالياً من الدين لا يمكن تقليصه، إلا بشطب قسم من الودائع، وهو ما يرفضه لبنان".