عندما حدّد وزير الداخلية والبلديات الجديد أحمد الحجار، في 4 آذار الجاري، موعد الإنتخابات البلدية والإختيارية وموضحاً أنها ستجري على أربع مراحل، أولاها في محافظة الشّمال في 4 أيّار المقبل، سرت تساؤلات حول أسباب عدم توجيه الحجّار الدعوة إلى الهيئات الناخبة كي يصبح إجراء الإنتخابات أمراً حتمياً.


يومها برّر الحجّار عدم دعوة الهيئات الناخبة بأنّ “القانون يسمح لنا بأن ندعو خلال شهر كحد أدنى، أو ثلاثين يوماً، وإذا بدأنا في الرابع من أيّار يكون علينا قبل الرابع من نيسان دعوة الهيئات الناخبة أسبوعاً تلو الأسبوع”، مؤكّداً في الوقت نفسه عزم حكومة القاضي نوّاف سلام على إنجاز الإستحقاق المحلي بموعده، ما يعني طيّ صفحة التمديد للمجالس البلديّة والإختيارية مرة جديدة، بعدما جرى التمديد لها ثلاث سنوات توالياً منذ انتهاء ولاياتها في أيّار من العام 2022.


ومع أنّ أسباب التمديد للبلديات في العامين 2022 و2023 قد انتفت، وهي تزامن المرّة الأولى مع الإنتخابات النيابية التي جرت في العام 2022، وتأمين الأموال اللازمة لكي تجري في موعدها، وهي أموال لم تكن متوافرة العام قبل الماضي نتيجة الأزمة المالية وانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية، فإنّ أسباب تأجيل إجراء الإنتخابات البلدية العام الماضي، وهو الوضع الأمني غير المستقر نتيجة العدوان الإسرائيلي على لبنان، ما يزال حاضراً بقوة، برغم مساعي تقوم بها السلطة لأن تكون الإنتخابات المحلية مواكبة لبداية العهد الجديد بعد انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية وتأليف سلام حكومته.


إذ على الرغم من التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النّار بين لبنان وإسرائيل في نهاية شهر تشرين الثاني الماضي، فإن الإعتداءات الإسرائيلية على لبنان لم تتوقف، كما أنّ الخروقات الإسرائيلية للإتفاق مستمرة وبشكل يومي، حيث يكاد لا يمرّ يوم بلا سقوط شهداء وجرحى وحصول أضرار مادية ومعنوية نتيجة الغارات الإسرائيلية، فضلاً عن عدم إنسحاب إسرائيل من أراض لبنانية، كما ينص الإتفاق، ما تزال تحتلها حتى الآن في الجنوب.


إستمرار الإعتداءات الإسرائيلية على لبنان ترافق مع عدم عودة أكثر من 100 مواطن لبناني إلى بلداتهم وقراهم في الجنوب إمّا بسبب استمرار احتلال إسرائيل لها، أو بسبب الدمار الكبير الذي أصابها، ما طرح تساؤلات عدّة لم تجد الحكومة ولا وزارة الداخلية أجوبة عليها بعد، وهي حول كيفية إجراء الإنتخابات المحلية في بلدات وقرى موزعة بين الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية تحوّلت أبنيتها ومقار بلدياتها إلى ركام.


وجاءت التطوّرات الأخيرة على الحدود اللبنانية ـ السّورية لجهة الهرمل وبعلبك كي تزيد من مروحة هذه التساؤلات، بعدما تسبّبت الإشتباكات التي دارت في تلك المناطق الحدودية في نزوح أعداد كبيرة من سكانها منها نحو مناطق أكثر أمناً، وأنّه في حال استمرار هذه الإشتباكات وتطوّرها، أو في حال عدم عودة الأهالي إليها، فكيف يكون السبيل لإجراء الإنتخابات البلدية فيها؟


لا أاجوبة بعد لدى وزارة الداخلية حول هذه الأسئلة وغيرها، برغم أنّ الوقت يضيق قبل حلول 4 نيسان، وهو اليوم الأخير الذي يفترض بوزير الداخلية توجيه الدعوات فيه إلى الهيئات الناخبة.