"" - باسمة عطوييحيط مشهد ضبابي بمؤسسة كهرباء لبنان، رغم ارتفاع ساعات التغذية منذ بداية العام إلى 10 ساعات يوميًا. إذ تسجّل فاتورة الفيول العراقي الذي يستورده لبنان لإنتاج الكهرباء مبلغ 1.042 مليار دولار (بحسب مؤسسة كهرباء لبنان)، لم يتم تسديدها بعد بانتظار إقرار آلية وقانون من الحكومة ومجلس النواب يسمحان بذلك، وتعتبر المؤسسة أن هذه المبالغ ديون على الدولة اللبنانية. كما تمّ تحرير أسعار تعرفة الكهرباء وربطها بالدولار منذ نحو سنتين، وباتت المبالغ المجباة من المستهلكين تتراكم في حسابات البنك المركزي (110 ملايين دولار بحسب تصريحات الوزير السابق وليد فياض)، حيث يُستعمل جزء منها لشراء الفيول وزيادة ساعات التغذية التي ينعم بها اللبنانيون حاليًا. لكن كل هذه الخطوات أقرب إلى حلول ترقيعية وغير مستدامة، لأنها لم تعالج الخلل الأساسي، أي القيام بالإصلاحات الجذرية المطلوبة في مؤسسة كهرباء لبنان، لضبط الهدر، ووقف الاستنزاف المستمر للأموال العامة، ورفع التعديات عن الشبكة، وتحسين الجباية، إضافة إلى تعيين هيئة ناظمة للقطاع.تجدر الإشارة إلى أن آلية رفع ساعات التغذية تمت وفقًا للخطوات التالية: في كانون الثاني الماضي، زاد إنتاج 240 ميغاواط من معملي الذوق والجية، وتمت إضافتها إلى 600 ميغاواط من إنتاج معملي دير عمار والزهراني و70 ميغاواط من معمل الإنتاج الكهرمائي على الليطاني، فارتفعت ساعات التغذية إلى نحو 10 ساعات يوميًا. وتمّ استخدام جزء من الجباية التي تقوم بها المؤسسة لتغطية نفقات إنتاج 6 ساعات كهرباء، في حين أن الفيول العراقي يغطي إنتاج 4 ساعات.وبحسب تقديرات خبراء الطاقة، فإن حاجة لبنان للطاقة تُقدَّر بنحو 3000 ميغاواط، فيما المتاح من معامل إنتاج الكهرباء يتراوح بين 1200 و1600 ميغاواط في ذروة الإنتاج. وتعاني هذه المعامل منذ سنوات من الأعطال والتقادم وضعف الإنتاج، من بينها معملا “دير عمار” و”الزهراني”، اللذان يشكلان 55% من إجمالي الطاقة الكهربائية الإنتاجية، أي ما يوازي 900 ميغاواط، ما يوفّر نحو 9 إلى 10 ساعات تغذية يوميًا.منيمنة: لمعالجة وضع المؤسسة بشكل جذري وإلا فنحن ذاهبون إلى أزمة مجددًايوافق عضو لجنة الأشغال والطاقة والنقل والمياه النيابية، إبراهيم منيمنة، على أن هناك ضبابية تحيط بآلية عمل مؤسسة كهرباء لبنان، ويقول لموقع “”: “لا أملك أرقامًا دقيقة حول الجباية ومقارنتها بمجمل التكلفة، لكن الأكيد أن التعرفة التي تُجبى اليوم لا تتضمن كلفة الفيول العراقي، وحتى لو تمت الجباية بنسبة 100%، فإنها لا تكفي لتغطية كلفة هذا الفيول، إذ إن سعر الكيلوواط هو 27 سنتًا، في حين أن على لبنان نحو مليار دولار يجب تسديدها من الخزينة اللبنانية للدولة العراقية”.ويضيف: "المشهد في قطاع الكهرباء غير واضح. وقبل انتخاب رئيس الجمهورية، كان هناك اجتماع للجنة الطاقة النيابية حول مالية كهرباء لبنان، وتوصلنا إلى تصور بضرورة إعادة هيكلتها، لأن هناك ديونًا على المؤسسة، وسقفًا للتعرفة لا يمكن القفز عنه بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للبنانيين، خصوصًا بعد العدوان الإسرائيلي". ويلفت إلى أن "سعر الفيول يرتفع عالميًا، بالإضافة إلى أن نوعية الفيول المستعملة في لبنان أسعارها مرتفعة جدًا، واستعمال الغاز لتوليد الطاقة يحتاج إلى استثمارات. وبالتالي، يعاني القطاع في مجمله من مشاكل تقود إلى خلاصة مفادها أننا إما نحتاج إلى زيادة التعرفة بشكل كبير لتغطية النفقات، أو معالجة وضع المؤسسة وتنظيمها بشكل جذري ونهائي، وإلا فنحن ذاهبون إلى أزمة في القطاع الكهربائي مجددًا".هايتايان: الحلول الترقيعية تعني استمرار الاتكال على الفيول العراقيمن جهتها، ترى الخبيرة في النفط والغاز، لوري هايتايان، لموقع “"، أنه "من حيث المبدأ، من المفترض أن تغطي مؤسسة كهرباء لبنان كلفة إنتاج الطاقة من خلال الجباية بطريقة فعالة، لتأمين التيار بأكبر قدر ممكن من الساعات إلى أن نصل إلى 24/24". وتذكّر بأن "مؤسسة كهرباء لبنان كانت في حالة عجز خلال السنوات الماضية، وكانت الدولة اللبنانية تغطي هذا العجز، ولم يحصل أي تطوير حقيقي أو تقني للمؤسسة، أو تحسين للجباية، إلى أن انفجرت الأزمة في العام 2021، حينها اضطروا إلى رفع الدعم عن المؤسسة ورفع التعرفة".وتعتبر هايتايان أن "التحدي الأكبر أمام المؤسسة هو تعميم الجباية على كافة المناطق اللبنانية، لتغطية كلفة الإنتاج والصيانة والتطوير، وهذا هو دور كهرباء لبنان في المرحلة المقبلة". وتشير إلى أن "المؤسسة تعتبر كلفة الفيول العراقي دينًا على الدولة اللبنانية، لأنه جاء نتيجة اتفاق بين الحكومة اللبنانية والحكومة العراقية. ولذلك، حين قررت كهرباء لبنان شراء الفيول من مصادر أخرى، اعترض الجانب العراقي، معتبرًا أنه من الأولى أن تُسدَّد مستحقات الفيول الذي صدّره إلى لبنان خلال الأزمة، طالما أن الأموال باتت متوفرة لديها".وتوضح أنه "حاليًا، يُخصَّص جزء من الأموال التي تجبيها المؤسسة لشراء الفيول، بالإضافة إلى الفيول العراقي، ولذلك هناك زيادة في التغذية، لكن إذا بقيت كهرباء لبنان على هذه الحال، فستظل بحاجة إلى الفيول العراقي".وتختم: "اليوم، كل الحلول ترقيعية بسبب الأزمة التي كانت قائمة. الحل المستدام معروف، وهناك خطة للكهرباء قيد الدراسة من قبل وزير الطاقة الجديد، ويجب السير فيها لتطوير القطاع وتعدد مصادر إنتاج الكهرباء، كي لا تبقى المؤسسة عبئًا على الدولة".