بدأ المركز التربوي للبحوث والإنماء بتوقيع العقود مع منسقي لجان المواد والأعضاء لوضع المناهج التربوية للتعليم ما قبل الجامعي، رغم أن عمله في المناهج كان كله خارج الأسس القانونية. ولم يعرف بعد كيف ستواكب وزيرة التربية ريما كرامي هذا الملف الحساس.توقيع عقود وإدخال أعضاءأكثر من مصدر في اللجان أكد لـ"المدن" أن "المركز" تواصل معهم وحدّد موعداً لتوقيع العقود. وسبق ووقع البعض العقود الأسبوع الفائت. وشرحوا لـ"المدن" الآلية التي وقّعوها، والتي تتضمن كيفية العمل في كتابة محتوى الكفايات. ومنها على سبيل المثال، الدفع للخبراء بحسب المهمة. وتحدد الأخيرة بعدد أيام معينة، سيصار إلى درسها في اللجنة العليا للمناهج.إلى هذا التسرّع في "تمرير" المناهج، أدخل القيّمون على المركز التربوي خبراء جدد في بعض اللجان. وبمعزل عن مخالفة عمل اللجان للقانون، فان تعيين خبراء جدد فيها، يفترض أن يمر عبر إطار إداري. لم يحترم "المركز" هذا الأمر. فقد سبق وشكل لجاناً لاختيار مرشحين، وأجرى معهم مقابلات وأجرى لهم لاحقاً تدريبات. أما أخيراً فقد تم إدخال "خبراء" على اللجان من دون فتح باب الترشح ومن دون إجراء مقابلات، ومن دون الخضوع للتدريبات التي سبق وقام بها "المركز" للجان بعد تشكيلها. وتقول مصادر مواكبة أنه جرى إسقاط عميدة كلية الآداب في الجامعة اللبنانية بالتكليف سهى الصمد على لجنة اللغة الإنكليزية، ومنحت منصب "مراجعة" للمحتوى.تعديل على الأوراقسياسة "الترقيع" في وضع المناهج ظهرت أيضاً في إعادة تعديل الأوراق المساندة للإطار العام، التي سبق وأقرت في اللجنة العليا للمناهج. وأكدت مصادر مطلعة لـ"المدن" أنه جرى تشكيل لجنة لتعديل الأوراق بعد اقراراها في اللجنة العليا، ومن دون العودة إليها. وتضيف أن "هذا التجاوز غير مسبوق. فعمل المركز التربوي منذ تشكيل اللجان لوضع الإطار العام، ثم تشكيل لجان لكتابة المواد، غير قانوني، وضمنًا توقيع العقود مع الأعضاء. ويمكن القول إن "ثلاث سنوات عمل المركز كان بمثابة هدر للمال على اللجان". إلا أن إعادة تعديل الأوراق من دون العودة للجنة العليا للمناهج يستوجب التوقف عنده وإجراء التحقيقات اللازمة فيه.هيكلية المناهج والمرسوممصادر عملت في المناهج سابقاً لفتت إلى أن "الأمل معقود على الوزيرة ريما كرامي لتغيير النهج. ولا يكفي محاولة إصلاح أو قوننة التجاوزات، بل يجب أن يكون العمل على المناهج بما يليق بلبنان".وحول عدم قانونية عمل المركز في المناهج الحالية، أكدت المصادر أن الهيكلية التعليمية للمناهج المعتمدة حالياً صدرت بمرسوم عن مجلس الوزراء، وذلك قبل سنتين من صدور المرسوم المتعلق بالأهداف العامة للمناهج في العام 1997. وقد حظيت الهيكلية حينها بنقاش واسع قبل إقرارها. أما حالياً فلم ينشر "المركز" الهيكلية لاطلاع الجمهور عليها، ولم تصدر بمرسوم عن الحكومة. بل العكس، جرى تشكيل لجان لكتابة كفايات المواد، وأعيد النظر بالهيكلية (السلم التعليمي) أكثر من مرة، وجرى هدر للمال العام.رئيسة المركز التربوي هيام إسحاق ردت على ما يقال بحق المركز. وأكدت لـ"المدن" أن "الاتفاق مع البنك الدولي يلحظ آلية لكيفية وضع المناهج وهناك هيئة عليا مشرفة ونحن التزمنا بالاتفاق".وحول أن عمل اللجان كله خارج القانون، لناحية عدم صدور الأوراق بمرسوم، نفت إسحاق هذا الأمر مشيرة إلى أن "لا قانون يفرض على المركز التربوي إصدار الأوراق بمرسوم. بل تصدر المناهج بمرسوم بعد إنجازها، لتصبح رسمية".ولناحية تشكيل لجنة لتعديل الأوراق بعد إقرارها في اللجنة العليا للمناهج، أكدت إسحاق أنه "سبق أن صدرت ثلاث أوراق عن اللجنة العليا للمناهج وحازت على توقيع وزير التربية أولا ومن ثم رئيس الحكومة". ولدى تعقيبنا عن عدم جواز تعديل الأوراق بعد صدورها عن اللجنة، قالت: "نحن نتعامل مع أوراق حيّة، في حال رأينا أننا بحاجة إلى تعديلات طفيفة لا تمس الجوهر، وهناك أمور غير ملحوظة، فلا مشكلة في إعادة النظر ببعض التفاصيل الصغيرة التي لا تؤثر على الإطار العام".وبما يتعلق بإدخال أعضاء جدد على اللجان، لا سيما لجنة اللغة الإنكليزية، قالت: "الجامعة اللبنانية انتدبت أستاذة منها كي تكون في لجنة مراجعة المحتوى. ونحن لبينا الطلب، للإفادة من خبرتها. ولم يُصر إلى غير ذلك. ودخولها لا يبدل في اللجنة بل يزيد عليها خبرة إضافية".تناقضات رئيسة المركزإسحاق أوقعت نفسها بتناقضات كثيرة. بما يتعلق بضرورة صدور الأوراق بمرسوم، لفت مرجع قانوني واسع الاطلاع إلى أن هيكلية المناهج والأهداف صدرت بمراسيم عن مجلس الوزراء. وقال لـ"المدن": "هذه المراسيم لها طابع تنظيمي تتعلق بتحديد المراحل التعليمية في لبنان وبالأهداف من المناهج. وأي تغيير على الهيكلية (تسمى حالياً السلم التعليمي) أو الأهداف تستوجب صدورها بمرسوم عن مجلس الوزراء، وأخذ رأي مجلس شورى الدولة، على غرار ما حصل في المرسوم 10227 في العام 1997. غير ذلك، كل العمل الحالي خارج الأسس القانونية".وأضاف المصدر أنه لا يمكن التذرع بأن تمويل المناهج أتى من البنك الدولي لفرض طريقة عمل بشكل مغاير للأسس القانونية. فسواء كانت الأموال المخصصة للمناهج في مشروع البنك الدولي هبة أو قرض، فأي تعديل على الهيكلية التعليمية أو المناهج، يجب أن يصدر بمرسوم عن مجلس الوزراء."المدن" تواصلت مع أعضاء في اللجنة العليا للمناهج لتأكيد مدى جواز إجراء تعديل على الأوراق الثلاث. وأكد مصدر لـ"المدن" غرابة تعليق إسحاق حول أن "الأوراق الحيّة" يمكن تعديلها. وأضاف المصدر أن أي تعديل على الأوراق يجب أن يعرض على اللجنة، التي أقرت الأوراق الثلاث. وقد أجروا تعديلات من دون العودة إلى اللجنة. وليس من حق "المركز" التذرع "بالأوراق الحيّة" وتغيير أي حرف من دون العودة للجنة العليا.ووفق المصدر لا يكفي حصول "المركز" على توقيع الوزير عباس الحلبي ورئيس الحكومة على الأوراق الثلاث. بل يجب أن تصدر بمرسوم عن مجلس الوزراء. وهذا لم يحصل. ما يعني أنه لا يمكن للقيّمين على "المركز" التعامل كما لو أن توقيع الرئيس السابق نجيب ميقاتي مرسوم صادر عن الحكومة.المهم المنتج لا آلية العملعمل القيّمون على "المركز" بملف المناهج كان أشبه بوضع الحصان أمام العربة. جرى تهريب كل العمل بذريعة التمويل الدولي. وانتهى الأمر بهدر كبير للمال العام. وحالياً لم يعرف كيف ستتعامل وزيرة التربية مع هذه القضية بعد. وفي هذا الإطار، يؤكد مستشار الوزيرة عدنان الأمين أنهم تسلموا المستندات من "المركز" في الآونة الأخيرة وعددها نحو 19 ملفاً. ولفت لـ"المدن" إلى أنه في السابق كان هناك مقاربة وآلية عمل في "المركز" يوجد حولها وجهات نظر عدّة. وحالياً ليس هناك ضرورة لوقف العمل وإعادة الأمور إلى نقطة الصفر.وأضاف الأمين أنه يعمل حالياً على دارسة هذه الأوراق. بعدها، ستعقد لقاءات مع المركز التربوي لوضع جدول زمني للتوصل إلى "سلم تعليمي ومصفوفة المدى والتتابع" صالحتين لتأليف المناهج. وقال: "تدخلنا سيكون لإصلاح وتصويب المسار نحو الأفضل. ما يعنينا هو طبيعة المنتج وإذا كان جيداً ويفيد لبنان".