منذ إنعقاد لقاء “إعلان طرابلس” في دارة الرئيس نجيب ميقاتي بمشاركة قيادات سياسية ونيابية وروحية ونقابية شمالية وبمشاركة الرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام والنائب بهية الحريري للبحث في الأوضاع الاقليمية وإنعكاساتها اللبنانية عموما والشمالية خصوصا، واللقاء يتعرض لهجوم غير مبرر، ربما لأسباب سياسية أو شخصية، خصوصا أن هذا الهجوم لم يوفر الرئيس ميقاتي الذي بات بعد تجربة ناجحة في الحكم والسير بلبنان إلى بر الأمان بإنتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، أساسا في المعادلة السياسية اللبنانية ورجل المهمات الصعبة المشهود له وطنيا وعربيا ودوليا، وبالتالي فهو ليس بحاجة إلى لقاء أو مناسبة لإثبات حضور أو للبقاء في المشهد السياسي، علما أن الأهوال التي شهدتها البلاد والعدوان الاسرائيلي على مدار سنة وثلاثة أشهر قد أدى إلى تجميد كل الملفات وفي كل المناطق بما فيها طرابلس والشمال، أما اليوم وبعد توقف الحرب وإنتظام المؤسسات الدستورية بات يمكن الالتفات إلى المشكلات الداخلية والعمل على إيجاد الحلول لها.
لذلك، فإن “إعلان طرابلس” جاء إنطلاقا من شعور الرئيس ميقاتي بمسؤوليته الوطنية بالدرجة الأولى والتي مارسها بأبهى صورها على رأس حكومة تصريف الأعمال التي حالت دون الانهيار والارتطام الكبير، ومسؤوليته تجاه مدينته طرابلس التي تبقى البوصلة في حركته السياسية والاجتماعية والخدماتية وكذلك منطقة الشمال لا سيما في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها.
من هنا، فإن لقاء “إعلان طرابلس” لم يكن مجرد مناسبة عابرة، بل رسم خارطة طريق وطنية ومحلية يفترض بالعهد الجديد رئاسة وحكومة تنفيذها إنطلاقا من الاهتمام المتوازن بكل المناطق اللبنانية حماية وتنمية وإنماء، والتأكيد أن هذه المنطقة ليست متروكة لن يُسمح لأي كان تهميشها.
بالأمس، إستكمل الرئيس ميقاتي لقاء “إعلان طرابلس” بإجتماع لفاعليات طرابلس الروحية والقضائية والأمنية والنقابيّة في دارته في الميناء لوضعها تحت المجهر وللوقوف على الأوضاع الأمنية والفلتان الحاصل مع التركيز على آفة المخدرات التي تهدد مجتمع المدينة كما سائر المناطق اللبنانية.
وقد وضع اللقاء الذي تخلله نقاشات مستفيضة وصريحة تصورا كاملا لكيفية ضبط الأمن بكل مندرجاته بدءا من تفعيل الحضور الأمني وتنشيط العمل القضائي وتحمل رجال الدين مسؤولياتهم في الوعظ وبث الوعي، وتضافر جهود المجتمع في التصدي لما يحصل، فضلا عن تنمية المنطقة والتفتيش عن كل السبل الكفيلة بتوفير فرص العمل للشباب للحد من الفقر وتحسين الواقع الاجتماعي والمعيشي، إنطلاقا من قاعدة أساسية قوامها أن طرابلس تحتاج إلى خطط أمنية مترافقة مع خطط تنموية تساعد على الحد من المخاطر.
وبحسب المعلومات، فإن المجتمعين في اللقاء أمس إطلعوا من القيادات الأمنية على كثير من الحقائق، أبرزها أن كل الأحداث التي تشهدها طرابلس فردية ولا يوجد فيها عصابات أو جريمة منظمة وأن السبب الرئيسي لها هو المخدرات واللجوء إليها سببه الوضع الاجتماعي والاقتصادي، مع الإشارة إلى أن معظم المتورطين في هذه الأحداث هم من خارج طرابلس وليسوا من أبنائها.
ولفت المجتمعون إلى دور بلدية طرابلس الغائبة تماما عن القيام بواجباتها وصولا إلى عدم تعاونها مع الأجهزة الأمنية في كثير من الأمور الكفيلة بإعادة تنظيم المدينة، مؤكدين أن التعديات على الأملاك العامة وصراع النفوذ المتنامي بين المعتدين عليها في بعض المناطق الشعبية هو السبب الرئيسي للفوضى العارمة الحاصلة.
وبحسب المعلومات، فإن اللقاء أفضى إلى تشكيل لجنة متابعة من المجتمعين للتواصل فيما بينها ومعالجة الأمور الطارئة، وإعداد دراسات ووضع تصورات للبناء عليها وتحديد آليات التدخل الايجابي سواء من القوى الأمنية أو الجهات القضائية أو رجال الدين، على أن تعقد إجتماعات دورية تكون متخصصة في أزمتيّ الأمن والمخدرات، فضلا عن لقاءات أخرى للبحث في قضايا إقتصادية وإجتماعية أخرى مع أصحاب الإختصاص وصولا إلى إيجاد شبكة أمان لطرابلس التي تمتلك كل المقومات الإقتصادية والسياحية والثقافية لتكون مدينة نموذجية قادرة على أن تلعب دورها المحوري المنوط بها.
وفي هذا الاطار، أكد الرئيس ميقاتي أننا “لن نتخلى عن طرابلس والشمال وسنبقى إلى جانب أهلنا في كل الظروف، مشددا على ضرورة اتخاذ تدابير مستعجلة وفورية أمنيا واجتماعيا واقتصاديا، من خلال تكثيف عمل الجيش وقوى الامن الداخلي والامن العام وأمن الدولة في طرابلس والميناء والبداوي وتكثيف الدوريات لتفعيل الأمن الاستباقي”.
ولفت الى” أهمية التعاون بين المؤسسات الأمنية والمجتمع المدني لضبط ظاهرة المخدرات وتشكيل لجان مشتركة لمراقبة الأوضاع، وكذلك التعاون مع المنظمات غير الحكومية في سبيل التوعية الاجتماعية ضد المخدارت والسلاح وإشراك الشباب ورجال الدين في حلقات توعية”.
لا شك، في أن الرئيس ميقاتي يدرك أن الأمن والأمان والاستقرار والتنمية في طرابلس هم مسؤولية مشتركة، لذلك فقد حرص في لقاء “إعلان طرابلس” وفي إجتماع الأمس على إشراك جميع المكونات المعنية بالقضايا المطروحة لتساهم في المعالجات وإيجاد الحلول، وهذا السلوك الايجابي سينطبق على الاجتماعات المقبلة إلا في حال أراد البعض أن يعزل نفسه عن مشاكل طرابلس والشمال وعندها فليتحمل مسؤوليته تجاه مواطنيها!..
The post لقاءات طرابلس في دارة ميقاتي.. لمعالجة الأزمات وإيجاد شبكة أمان!.. غسان ريفي appeared first on .