أفضت الترشيحات التي تقدّم بها أساتذة الجامعة اللبنانية لتولّي منصب "عميد كلية"، إلى ترشّح غالبية العمداء الحاليّين الذين تولّوا المنصب سابقاً بالتكليف، بعد تعطّل مجلس الجامعة. فمن أصل 19 كلية ومعهد عالي للدكتوراه في الجامعة، نحو ثلاثة عمداء فقط لم يتقدّموا بترشيحهم للانتخابات، وهم في كلية العلوم الاجتماعية، والمعهد العالي للدكتوراه في الحقوق، والمعهد الجامعي للتكنولوجيا صيدا.نزاهة وشفافية الانتخاباتترشيح العمداء الحاليين أنفسهم يطرح علامات استفهام كثيرة حول نزاهة وشفافية الانتخابات، وحول قانونية هذه الترشيحات. فترشّح عميد الكلية يؤثّر على نزاهة الترشيحات، وعلى نزاهة العملية الانتخابية لاحقاً: من ناحية لن يجرؤ أساتذة بالكلية على الترشح بوجه العميد، ومن ناحية ثانية سيكون العميد المشرف على العملية الانتخابية، حتى لو أن رئيس الجامعة بسام بدران قرّر إجراء الانتخابات في قاعة مجلس الجامعة في الإدارة المركزية، وليس في مبنى عمادة الكلية. لا بل ثمة من يشكّك في نقل عملية الاقتراع من مبنى العمادة إلى الإدارة المركزية، في ظل عدم وجود ثقة بإدارة رئيس الجامعة من مختلف مكوّنات الجامعة. فالأساتذة المتقاعدون الذين أتى بهم رئيس الجامعة إلى الإدارة المركزية كمستشارين، ما زال لديهم اليد الطولى في الكليات.ولاية لمدى الحياةإشكالية الترشيحات الحالية لا تقتصر على ترشيح العميد نفسه والاقتراع لنفسه في الانتخابات، بل ثمة عمداء مرشحين ستصبح ولايتهم "لمدى الحياة"، في حال تم اختيارهم من قبل مجلس الوزراء. فقد مضى على تكليف العديد من العمداء ثلاث أو أربع سنوات أو حتى ست سنوات (ولاية العميد بالأصالة أربع سنوات) كحال عمادة كلية التربية أو السياحة.والإشكالية الثانية تكمن في وجود عمداء ومدراء وأساتذة مرشحين سيتقاعدون بعد سنة أو اثنتين أو ثلاثة. وانتقاء اسمهم في مجلس الوزراء لاحقاً يؤدي إلى شغور المنصب بعد التقاعد. أي العودة إلى عملية التكليف المخالفة للأصول. بيد أن المشكلة الفعلية تكمن في أنّ ترشيح هؤلاء لأنفسهم يُخالف قراراً سابقاً صدر عن مجلس الجامعة، يقضي بعدم قبول طلبات ترشيح أساتذة لا يمكنهم البقاء لولاية كاملة في منصبهم. بمعنى عدم جواز ترشّح أي أستاذ يتقاعد من الجامعة قبل انتهاء مدة ولاية المنصب الذي سيتولاه، من رئيس القسم، مروراً بالمدير ووصولاً إلى العميد. لكن، يتبيّن حالياً من الترشيحات التي اطّلعت على غالبيتها "المدن"، أنّ جزءاً كبيراً من المرشحين (عمداء ومدراء وأساتذة) يتقاعدون من الجامعة قبل انتهاء ولاية العمادة المحدّدة بأربع سنوات. والإشكالية تكمن في أنّ التعميم الذي صدر للدعوة إلى تقديم طلبات الترشيح، لم يتطرق في بناءاته إلى قرار مجلس الجامعة الآنف الذكر.فرض مرشح وحيدإلى الإشكاليات المذكورة أعلاه، ثمة أمثلة أكثر تعقيداً في ترشيح العمداء الحاليين لأنفسهم. ففي كلية الصحة ترشح العميد الحالي إيلي حدشيتي، رغم أن هناك مخالفة في الأساس بتكليفه عمادة كلية الصحة. فملاكه أساسًا بكلية العلوم، ولم يكن من مبرّر لتكليفه في ظل وجود مرشحين في الكلية. أما بكلية الطب فالإشكالية أكثر تعقيداً. فقد تبيّن أنّ هناك مرشحة وحيدة هي العميدة الحالية سعدى علامة (يُفترض أن يرفع مجلس الوحدة خمسة أسماء إلى مجلس الجامعة بعد إجراء الانتخابات). عملياً سيرفع مجلس الوحدة اسماً وحيداً، وفي هذه الحالة يكون مجلس الوحدة قد فرض مرشحاً وحيداً ليس على مجلس الجامعة، بل على مجلس الوزراء أيضاً، الذي يعيّن العميد بين ثلاثة أسماء يرفعها مجلس الجامعة.في هذا الإطار، يحقّ لمجلس الجامعة في حال عدم اكتمال الترشيحات المرفوعة إليه بخمسة مرشحين (أي فرض ثلاثة مرشحين أو أقل عليه) رفض الترشيحات وطلب إعادة الانتخابات. وفي حال عدم توفر مرشحين مستوفين للشروط في الكلية، يصار إلى طلب تقديم ترشيحات من كليات مشابهة، وفي حالة كلية الطب، يطلب الترشيح من كلية طب الأسنان أو الصيدلة أو حتى العلوم.تغيير الهيئة الناخبةالإشكالية السابقة الذكر تكمن في أنه لا يوجد مجلس للجامعة في الوقت الحالي. فمن يأخذ القرار بهذا الشأن، وبشأن أسماء المرشحين الثلاثة الذين سترفع أسماؤهم إلى مجلس الوزراء؟ هل يبت الأمور رئيس الجامعة منفردًا، أم بالتشاور مع وزيرة التربية ريما كرامي، عملاً بروحية المرسوم الاشتراعى رقم 49 تاريخ 1977، المتعلق بتفويض وزير التربية صلاحيات مجلس الجامعة في حال تعذّر الأخير، لأي سبب كان، عن ممارسة حقه في الترشيح. وهنا الإشكالية معقدة كثيراً لاسيما في ظل عدم وجود "كيمياء" بين الطرفين، أو رؤية موحدة حول كيفية مقاربة ملفات الجامعة الكثيرة.إشكالية الترشيحات لا تقتصر على العمداء الطامحين لتأبيد ولايتهم، بل على وجود مدراء فروع انتهت ولايتهم منذ أكثر من عام، وجرى التمديد لهم خلافاً للقانون 66 الذي يحدد الولاية بثلاث سنوات. والحديث هنا عن مدراء الفرع الأول بكلية الإعلام، ومديري الفرع الثاني والرابع بكلية العلوم، ومديرة الفرع الفرنسي بكلية الحقوق، ومدير الفرع الثالث بالكلية عينها، ومدير الفرع الخامس بالعلوم الاجتماعية. وثمة شكوك حول قانونية تصويتهم في الانتخابات المقبلة ومدى تأثيرهم على الانتخابات والهيئة الناخبة. فهم، كمثل العمداء المكلفين، ترشحوا لمنصب العميد وهم من عداد الهيئة الناخبة، كما إن عدم قانونية تمديد ولايتهم تفرض تعيين مدراء آخرين للفروع. وهذا ما لم يحصل منذ أكثر من عام.