قال مصدر من حركة "حماس" لـ"المدن"، إن هناك جهوداً كبيرة يبذلها الوسطاء في الأيام الأخيرة للعودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، كاشفاً أن الاتصالات والمفاوضات تجري على "أرضية إيجابية جداً"، وأن الحديث الجاري هو "جيّد".
عرض "جيّد"!
لكن المصدر استبعد ما جاء في تقارير بشأن إمكانية إعلان الاتفاق الأحد المقبل، أي مع حلول عيد الفطر، مبيناً أن التفاوض والتباحث ما زال بحاجة إلى مزيد من الوقت حتى تنضج التصورات والأفكار المطروحة على الطاولة، وهو ما يعني استبعاد إمكانية التوصل إلى اتفاق شامل حول تجديد وقف إطلاق النار خلال يوم أو يومين؛ نظرا لضيق الوقت.
ومع ذلك، يضغط الوسيطان القطري والمصري باتجاه بدء وقف إطلاق النار خلال العيد، ولو مؤقتاً، إلا أن هذا الأمر يبدو من الصعب تحقيقه الأحد، غير أن هناك احتمالية لسيناريو "خفض التصعيد" أو نوع من الهدوء، كتخفيض وتيرة الهجمات الإسرائيلية على القطاع في فترة العيد.
وبشأن "الأرضية الجيدة" للمفاوضات، أوضح المصدر الحمساوي أنها نتجت عن عمل الوسطاء على الأفكار المطروحة و"الأخذ والعطا" بخصوصها على مدار الأسبوعين الأخيرين.
ما هو المقترح "الهجين"؟
والحال أن هناك عدداً من المقترحات المقدمة من قبل الوسطاء في الآونة الأخيرة، وهو السبب وراء الخلط من قبل وسائل الإعلام وصعوبة تسريب العرض الدقيق الجاري بحثه في غرف مغلقة، لكن مصادر "المدن" تقول إن العرض المصري الذي يوازن بين المقترح الأميركي الأول والثاني، هو الأرجح ليكون أرضية جيدة للمفاوضات، لكونه يمثّل "الهجين الأنسب والوسط" بين المقترح الأصلي الذي قدمه مبعوث الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف.. وبين مقترحه الثاني الذي فشل أيضا خلال جولة مفاوضات الدوحة السابقة، في جسر الفجوة بين حركة "حماس" وإسرائيل، وبالتالي استئناف الأخيرة حربها على القطاع بذريعة تعثر المفاوضات "بسبب شروط حماس".
وكان مقترح ويتكوف الأول ينص على تسليم كتائب "القسام" نصف المحتجزين الإسرائيليين الأحياء ونصف الجثامين، مقابل تمديد المرحلة الأولى لاتفاق غزة 50 يوماً، ودون ربط ذلك بالمرحلة الثانية، ولكن عندما رفضت "حماس" ذلك بشكل قاطع، تقدم ويتكوف بمقترح جديد يتضمن نصف النصف، ليطالب بتسليم 5 محتجزين أحياء ومجموعة من الجثامين مقابل 50 يوماً من الهدوء، ودون ربط ذلك بالاتفاق أو المرحلة الثانية، على أن يتم تسليم هؤلاء المحتجزين في اليوم الأول دفعة واحدة، وهو ما قابلته الحركة بالرفض حينها.
أمور أخرى تُبحث
وأما الآن، فما زال الوسطاء في حركة دؤوبة للتوصل إلى اتفاق بموجب طرح جديد تحت مسمى "مقترح ويتكوف"، حيث يحاول مراعاة شرط المقاومة المتمثل بربط أي صفقة بالمرحلة الثانية ومفاوضاتها، وأن لا تكون منفصلة عن الاتفاق، إضافة إلى إطلاق عدد من المحتجزين على دفعات وليس مرة واحدة.
لكن مصادر سياسية أوضحت لـ"المدن"، أن هناك تفاصيل أخرى يتم بحثها بعيداً من الإعلام، بما في ذلك تحديد جداول زمنية لإطلاق سراح كافة المحتجزين الإسرائيليين، في مقابل تحديد جدول زمني نهائي للانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع، إضافة إلى ابتعاد "حماس" عن مشهد حكم غزة، وتولي اللجنة المستقلة إدارة القطاع لفترة انتقالية.
تهدئة مؤقتة..خلال العيد؟
لكن مصدراً سياسياً عربياً مطلعاً على سير المفاوضات، بيّن لـ"المدن"، أنّ هناك إمكانية لتجديد وقف إطلاق النار، ولو تحت مسمى "تهدئة مؤقتة" خلال العيد؛ لأن جميع الأطراف بحاجة إلى تهدئة، فإسرائيل تريد الإفراج عن مزيد من المحتجزين الأحياء المتبقين في غزة، وأيضاً لهدوء خلال عيد الفصح اليهودي الذي يحل في الثاني عشر من نيسان/أبريل، علاوة على حاجة عملياتية لهدوء بين الفينة والأخرى، وذلك باعتباره مناخاً "ملائماً" لتحديث مخزونها الاستخباراتي فيما يتعلق بأهدافها في غزة.
وبمنظور المصدر العربي، فإن حماس هي الأخرى بحاجة إلى تجديد الهدوء، لتهدئة الأصوات الشعبية الغاضبة في القطاع جراء تعرضها لضغط كبير نتيجة حرب الإبادة الطويلة، إضافة إلى رغبتها بترتيب أوضاعها في ظل تعرض قيادات كبيرة لاغتيالات في الأيام الماضية، هذا إن علمنا أن عضواً وحيداً بمكتب "حماس" السياسي بالقطاع، بقي على قيد الحياة، بعد اغتيال آخرين خلال الحرب.
ووفق بعض التوقعات المتفائلة، فإنه لا يُستبعد الإعلان خلال الساعات المقبلة عن تهدئة "مؤقتة" خلال العيد مقابل الإفراج عن 5 محتجزين إسرائيليين، على أن يُؤجل بحث الخطوط العريضة لما بعد العيد، وذلك خلال جولة مفاوضات مقبلة.
موقف إسرائيل.. غير واضح
مع ذلك، يبدو الموقف الإسرائيلي غير واضح تماما، ما دفع "حماس" إلى إبداء تفاؤل حذر بشأن إمكانية تجديد اتفاق وقف إطلاق النار؛ لأن الأمر متعلق بإسرائيل ومدى الضغط الأميركي عليها. وأشارت مصادر "المدن" من حركة "حماس" بأنه من الصعب الحكم على نوايا إسرائيل.
في حين، تحدثت مصادر "المدن" أن تل أبيب تراجعت في الأيام الماضية عما قبلت به هي وواشنطن بشأن الإفراج عن 5 محتجزين، وعادت لمطلبها السابق بإطلاق سراح 11 محتجزا مقابل تمديد التهدئة لبضعة أسابيع. وعلى الأرض، تواصل إسرائيل اللعب بورقة النازحين، باعتبارها الأكثر ضغطا على "حماس" بالمفاوضات، حيث دعت خلال الساعات الماضية مزيدا من سكان مناطق مدينة غزة وشمالها إلى النزوح، تمهيدا لعمليات قصف وتوغل محتملة.
ومهما كان السيناريو المُنتظر لغزة خلال العيد وما بعده، فإن الأوساط السياسية تُجمع في أحاديثها ل"المدن" على أن كل شيء معتمد على سلوك وموقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.