ما شهدته ضاحية بيروت أمس وقرى الجنوب من عدوان إسرائيلي أدى الى سقوط شهداء وجرحى وتدمير مبان بكاملها في إستعادة لمشاهد حرب أيلول، يؤكد أن العدو الصهيوني لم يكن يوما يحتاج الى ذريعة للإعتداء على لبنان، بل هو يختلق هذه الذرائع لتنفيذ مخططاته العدوانية.


لذلك، فإن روايات إطلاق الصواريخ المجهولة المصدر لم تعد تنطلي على أحد، خصوصا أن إسرائيل التي تسيطر على الأجواء اللبنانية بمسيّراتها وتلاحق كل ما يتحرك على الأرض وكل ما له علاقة بالمقاومة لن تعجز عن كشف عمليات بدائية من هذا النوع، ما يؤكد أن الصواريخ إسرائيلية المصدر ومطلقيها مأجورون من رتبة عملاء يعملون على تهيئة الأجواء لتنفيذ المخططات الاسرائيلية.


كل المعطيات تؤكد عدم وجود أي مبرر لهذا العدوان الاسرائيلي الغاشم، خصوصا أن ما قاله حزب الله عن عدم مسؤوليته أو علاقته بإطلاق الصواريخ تبناه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون خلال وجوده في ضيافة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أكد من جهته أنه “لم تصلنا أي معلومات بشأن نشاط عسكري لحزب الله في الجنوب ولا شيء يبرر القصف الإسرائيلي لضاحية بيروت”، وقد إنسحبت هذه المواقف على كثير من المسؤولين في الأمم المتحدة وفي الدول المعنية.


كل ذلك، يعني أن إسرائيل تريد أن تخوض حرب التطبيع مع لبنان لفرض التفاوض بالقوة وتحت النار، خصوصا أن موقف لبنان الرسمي حول رفض التطبيع أو تشكيل لجان مدنية أو سياسية لمناقشة الإنسحاب الاسرائيلي من النقاط الخمس وحل قضية الأسرى وترسيم الحدود، قد أزعج إسرائيل وأميركا التي تسعى الى ممارسة كل أنواع الضغط على لبنان من أجل الرضوخ لمخططها، وما زيارة المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس الى لبنان بعد عيد الفطر سوى حلقة من حلقات هذا الضغط المترافق مع الاعتداءات والتهديدات الاسرائيلية المتواصلة.


أسباب عدة أدت الى توسيع العدوان الاسرائيلي أمس وصولا الى تدمير مبنيين في الضاحية الجنوبية بالكامل بعد ثلاث غارات تحذيرية عليها، أبرزها:


أولا: تأكيد أميركا وإسرائيل على أن نجاح الدبلوماسية التي تعتمدها الدولة اللبنانية يحتاج الى خطوات متقدمة على طريق التطبيع.


ثانيا: تحميل حزب الله مسؤولية ما يحصل وتجييش بعض الأطراف اللبنانية ضد المقاومة لتسليم سلاحها.


ثالثا: محاولة إحداث فتنة داخلية في لبنان عملت عليها إسرائيل خلال الحرب وفشلت، وما تزال تسعى إليها للإستفادة من الثغرات التي يمكن أن يفتحها بعض الذين يتبنون السردية الاسرائيلية وتوجهاتها في الداخل اللبناني.


رابعا: مخاوف نتنياهو من تأخير المستوطنين في العودة الى شمال فلسطين المحتلة والذي ما تزال مستوطناته خالية بنسبة 90 بالمئة، الأمر الذي يضغط عليه سياسيا وسط كمّ كبير من الأسئلة في الشارع الاسرائيلي عن أسباب وقف الحرب مع لبنان، طالما أن المستوطنات ما تزال غير آمنة.


خامسا: سعي نتنياهو من خلال إستئناف العدوان على لبنان وقبله على غزة الى صرف الأنظار في الداخل الاسرائيلي عن أزماته مع المعارضة التي تطالب بإسقاطه، ومع حلفائه من اليمين المتطرف، ومع أهالي الأسرى لدى حركة حماس، ومع المحكمة التي تشكل سيفا مسلطا عليه، ومع العسكر على خلفية إقالة رئيس الشاباك، ومع ملفات الهدر والفساد.


يضع العدوان الاسرائيلي الجديد الحكومة اللبنانية أمام تحديات كبرى، خصوصا أن وعود رئيسها نواف سلام ممنوعة من الصرف وبعيدة عن الواقع، ولا تؤدي الى أي نتيجة في الاتصالات واللقاءات التي يجريها، علما، أن إستمرار التباينات في المواقف الوزارية حول العدوان الاسرائيلي وسلوك وزير الخارجية يوسف رجي وتصريحاته التي تبرر الاعتداءات، والأصوات النشاز التي تصدر من بعض التيارات السياسية، من شأن كل ذلك إذا لم يوضع له حد سريع، أن يؤدي عاجلا أم آجلا الى ما لا يحمد عقباه وعندها ليت ساعة مندم.




Related Posts

  1. تخبط سلام وإستفزازات القوات.. يهددان العهد!.. غسان ريفي
  2. نواف سلام لنواب طرابلس: "بدكم تصلوا على النبي"!.. غسان ريفي














The post إسرائيل تخوض حرب “التطبيع” مع لبنان!.. غسان ريفي appeared first on .