أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية جديدة بعنوان "شريط حياة" للكاتب الإماراتي عمران كشواني، يتوغّل في أعماق النفس البشرية منذ الطفولة المبكرة وحتى لحظة الاستسلام أمام حقيقة الموت، محمّلة بتأملات فلسفية، وتساؤلات دينية، وهواجس وجودية، وهوس طفولي يتبدّى في ذاكرة مشبعة بالخوف من العالم الخارجي، والخرافات، والجنس، والموت.
تقع الرواية في خمس "دفَقَات" متتالية، تُجسّد كلّ منها مرحلة من مراحل التكوّن النفسيّ والفكري لشخصيّة الراوي، الذي يبدأ بسرد لحظة الاحتضار وما يصاحبها من اختلاجات باطنية، قبل أن يعود في شريط زمني متقطع إلى طفولته، فيستعرض عبرها تحولات الوعي، وأثر التربية المتشددة، وصراعات العائلة، والأسئلة الوجودية العميقة التي تصطدم بتفسيرات جاهزة ومتناقضة.
يعتمد الكاتب على تداعي الصور والذكريات، والمونولوغ الداخلي، واللغة المتوترة المشبعة بالدهشة والشكّ والخوف، لتقديم نصّ حيّ نابض يعيد خلق تفاصيل الطفولة والفتوّة والمراهقة، ويطرح أسئلة حول العقاب، والهوية، والحب، والموت، والوجود.
مما جاء في كلمة الغلاف:
يسعى عمران كشواني في روايته لتفكيك جوهر الوجود الإنسانيّ عبر سرد يمتدّ من التجربة الفرديّة إلى التساؤلات الكونيّة، عبر رحلة استقصائية في النفس البشريّة، محورها السؤال المستمرّ حول المعنى؛ معنى الحياة، الموت، والعلاقة بين الفرد والعالم.
يُعيد بطلُ الرواية، في تأمّله العميق، تعريف الموت كحالة "انكشاف" للحقيقة المجرّدة، وتراه في اللحظات الأخيرة، يكتشف زيف التصورات الاجتماعية والحبّ المعلّق على أوهام المشاركة.
الموت في الرواية تجربة فردانية محضة، حيث يتبدّد الحضور الإنسانيّ للجماعة، ويصبح المرء أمام ذاته العارية. حتى اللغة، هذا الوسيط الذي يُعبّر به الإنسان عن العالم، تصبح عاجزة في وجه الموت، إذ يتحوّل كل شيء إلى "شريط حياة" من الصور والأحداث، كأنّ الموت يُعيد سرد الحياة ولكن من زاوية الإلغاء والانتهاء.
يتساءل البطل عن الحبّ، ويدعو الحبّ "وهماً" نشأ ليمنح الوجود الإنسانيّ مبرّراً للبقاء. يتبدّى الحبّ كأداة لتحقيق غايات اجتماعيّة ونفسيّة، ولكنّه في لحظات الموت ينكشف كَوهم هشّ لا يحمل معه أي ثقل حقيقيّ أمام الفناء.
هذه الرواية محاولة فلسفيّة لاستيعاب وجودنا الزائل، لتقديم حياة الإنسان كحالة من الصراع المستمر بين الرغبة في الفهم والجهل الذي يحيط بنا من كل جهة، ليترك القارئ وسط الشكوك والتناقضات التي تعج بها الحياة، ويضعه في مواجهة ذاته، ويجبره على طرح السؤال نفسه: ما قيمة حياتنا وسط هذا الكون الشاسع؟ وهل يمكن للحياة أن تحمل أي معنى إذا كانت نهايتها دائمًا الفناء؟ ماذا وراء هذا العالم الظاهر؟ وهل يمكن إدراك جوهره؟
المؤلف:
عمران كشواني، كاتب ومعلم إماراتي من مواليد 20 أبريل 1979، يعمل في مهنة التدريس منذ 20 عاماً. حاصل على بكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، وحاصل على ماجستير في الموارد البشرية. لديه ستّة مؤلفات منها ثلاث روايات وثلاثة أعمال لليافعين. ترشح للائحة القصيرة لجائزة كتارا للرواية العربية العام 2024 عن فئة روايات اليافعين.