أكد حاكم مصرف لبنان بالإنابة الدكتور وسيم منصوري انه منذ "انتخاب الرئيس العماد جوزاف عون وحتى اليوم، فإن الأوضاع النقدية في لبنان آخذة بالتحسن، واحتياطات المصرف المركزي بالعملات الأجنبية ارتفعت نحو 300 مليون دولار حتى اليوم".

وشدد على ان "سياسة المصرف المركزي هي الاستمرار باستقرار سعر الصرف الذي لا يتغيّر الا بالتوافق مع الحكومة اللبنانية على اسس اقتصادية ومالية واضحة، ومع توجهات حكومية في هذا الخصوص".

وإذ لفت الى انه "تم وضع دراسة كاملة لمليون و260 الف حساب موجودة في المصارف وقيمتها 86 مليار دولار، تسمح للحكومة ولاحقا للبرلمان، في وضع تصور أوضح لاعادة الأموال الى المودعين"، قال: "يمكن ان أقول لأول مرة، اننا اقتربنا من إيجاد حل مقبول لهذه المسألة".

كلام منصوري أتى بعد زيارته رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في قصر بعبدا بعد ظهر اليوم، حيث جرى عرض الأوضاع المالية وموجودات المصرف المركزي، والخطط المالية الآيلة الى المحافظة على الاستقرار النقدي اللبناني، اضافة الى الإجراءات الواجب اتخاذها لاعادة الأموال الى المودعين. وحضر اللقاء المستشار الاقتصادي للرئيس عون الدكتور فرحات فرحات.

تصريح منصوري

وبعد اللقاء، اكد منصوري ان "زيارة رئيس الجمهورية أتت لتهنئته بانتخابه"، وقال: "منذ هذا الانتخاب وحتى اليوم، الأوضاع النقدية في لبنان آخذة بالتحسن، واحتياطات المصرف المركزي بالعملات الأجنبية ارتفعت نحو 300 مليون دولار حتى اليوم".

أضاف: "اكدت لفخامته ان سياسة المصرف المركزي هي الاستمرار باستقرار سعر الصرف، وكل من يعتقد انه يمكنه، من خلال بيع الليرة او الدولار تحقيق أرباح حالية او مستقبلية والتأثير على سعر الصرف، فالامر لا يحصل بهذه الطريقة".

وتابع: "احتياطات المصرف الحالية تسمح لي بالقول انه يمكننا المحافظة على الاستقرار النقدي الحالي، على امل ان تكون الظروف المقبلة اكثر إيجابية، ويصبح الطلب على الليرة اللبنانية مرتبطا بمؤشرات اقتصادية وليس فقط بأخبار إيجابية، أتمنى ان تستمر. المؤشرات الاقتصادية حتى الآن لا تبرر للمركزي تغيير سعر الصرف الذي يحصل بالتوافق مع الحكومة اللبنانية على اسس اقتصادية ومالية واضحة، ومع توجهات حكومية في هذا الخصوص. وعليه، فإن الاستقرار في سعر الصرف سيستمر، ولا تغيير فيه واتمنى ان تبقى الثقة بالليرة اللبنانية".

سئل: لماذا قبل هذه الفترة ارتبط سعر الصرف بالامور السياسية فيما الاستقرار اليوم لا يزال صامدا؟

اجاب: "ان سياسة المصرف المركزي منذ الأول من آب وبعد الغاء منصة صيرفة هي عدم التدخل في السوق لشراء الدولار، فالمصرف لا يقوم بهذا الامر ولا يطلب الدولار من السوق، وهذا بالتالي لا يتسبب بضغط على القطاع الخاص لتلبية حاجاته، لانه كما هو معروف، جزء كبير من الاقتصاد اللبناني يعتمد على الدولار أي "مدولر". هناك فائض في ميزان المدفوعات وهو ما سمح، ومن خلال بيع الليرة اللبنانية الى المصارف، بزيادة الاحتياط في المصرف المركزي".

اضاف: "لأوضح الأمور اكثر، اكتفى مصرف لبنان منذ 1 آب ببيع الليرة من خلال القطاع المصرفي حصرا لمن يحتاجها، والغالبية تطلب الليرة لدفع الضرائب. والمركزي يسعّر الليرة التي يقوم بطبعها، ومنذ هذا الوقت حتى اليوم، يستمر هذا الامر بالسياسة نفسها. اذا، الاستقرار النقدي مرتبط بضبط الكتلة النقدية وذلك بالتنسيق مع الحكومة ومصرف لبنان، اكثر من أي امر آخر".

سئل: ما هي المؤشرات التي نحتاج اليها للتأثير على سعر الصرف، وما هي الفترة الزمنية لكي تعكس هذه المؤشرات استقرارا؟

أجاب: "الاخبار الإيجابية هي امر جيد، وأؤكد ان الاهتمام الدولي بلبنان لم يعد مؤشرات، بل تحول الى معلومات عن رغبة كبيرة في تواصل الدول مع لبنان، وهذا سينعكس تحسنا على الوضع في الداخل اللبناني والوضع الاقتصادي، لانه حين تدخل دولارات إضافية الى البلد من الخارج -وكما ذكرت هذا لن يعني تغييرا في سياسة الصرف اذ ستبقى سياسة الاستقرار- فهذا يحفّز على وضع خطط لتغيير هذا الامر في المرحلة المقبلة، وقد بحثنا هذا الامر مع فخامة الرئيس، وآمل ان تشكّل الحكومة قريبا لتضع خططها للمرحلة المقبلة، واعتقد ان اللبنانيين جميعا تعبوا".

سئل: كيف يمكننا توعية المجتمع على ضرر الاقتصاد النقدي وتأثير استعداد الدول للمساهمة في إعادة الاعمار؟ وهل انت على استعداد لتكون وزيرا قريبا؟

أجاب: "احدى مشاكل لبنان الكبيرة هي انه حين يكون شخص في موقعه، يبدأ النظر الى مواقع أخرى. وبالتالي، أؤكد انني أتحضر فقط للقيام بواجبي في المكان الذي اشغله، وسوف اكمل هذا الامر حتى اللحظة الأخيرة، وآمل ان يكون وجودي في منصبي موقتا لان انتخاب حاكم اصيل للمركزي، هو إعادة لانتظام المؤسسات في لبنان، وهذا ما طالبت به قبل تسلمي مهامي في الأول من آب، وهو ما أؤكد عليه اليوم".

اضاف: "في ما خص المساعدات وإعادة الاعمار، فقد بذل المصرف المركزي جهدا كبيرا لتفسير ما هو الاقتصاد النقدي الذي كان موجودا. وفي احد المؤتمرات الصحافية التي عقدتها سابقا، قلت انه يجب الخروج من هذا النوع من الاقتصاد لانه يشكل خطرا على لبنان وسمعته الدولية والمالية".

وتابع: "ان تقرير مجموعة العمل المالي FATF الذي اعلن وضع لبنان على اللائحة الرمادية، استثنى المصرف المركزي في المقدمة، معتبرا انه قام بواجبه واصدر التعاميم اللازمة، وضمن النقاط العشر المطلوبة من الدولة اللبنانية في التقرير، فإن المصرف المركزي والقطاع المصرفي الذي يراقبه، لا يحتاجان الى القيام بأي شيء من الوارد في هذه النقاط. وحتى بعد سنتين، يمكن اعتبار القطاع المصرفي ومصرف لبنان قد قاما بواجباتهما".

واردف: "أهمية هذا الامر هو ان الاقتصاد النقدي ليس ضمن النقاط العشر المذكورة، أي ان تفسير دخول وخروج الأموال ان نقديا Cash او عبر المصارف، تم قبولها من قبل منظمة دولية هي FATF، وهو ما يبعث على الطمأنينة ويعني اننا نحمي قطاعنا المالي والمصرفي، ويفترض ان نستمر في هذه الحماية في المستقبل، واي مساعدة ستأتي يجب ان تتم عبر القطاع الشرعي اللبناني ضمن آليات تضعها الحكومة اللبنانية مستقبلا، وأعتقد ان المؤشرات الموجودة تتجه نحو هذا المجال".

سئل: بعد انتخاب رئيس الجمهورية، يسأل المواطنون عن عودة ودائعهم الموجودة في المصارف. وهل يمكن ان يساعدنا صندوق النقد الدولي؟ وهل الدعوى الأخيرة بحقك سياسية؟

أجاب: "هناك أمور جيدة قام بها مصرف لبنان في المرحلة الماضية تطمئن الناس، ولكن طالما لم اصل بعد الى آلية واضحة للقول للمودعين انهم سيحصلون على أموالهم، أخجل منهم في الحديث عن هذا الموضوع. ولكن، يمكنني القول ان العمل في المصرف المركزي مستمر منذ تسلمي مهامي وحتى اليوم، والأمور افضل من السابق. تم وضع دراسة كاملة لمليون و260 الف حساب موجودة في المصارف وقيمتها 86 مليار دولار، تم تفصيلها لمعرفة كيفية تقسيمها وفق الودائع والاعمار والشركات وغيرها...هذه الدراسة المفصلة التي تم الانتهاء منها تقريبا، تسمح للحكومة ولاحقا للبرلمان، بوضع تصور أوضح لاعادة الأموال الى المودعين".

اضاف: "يمكن ان أقول لأول مرة، اننا اقتربنا من إيجاد حل مقبول لهذه المسألة. لطالما قلت انه لا وجود لاقتصاد من دون قطاع مصرفي الذي لا وجود له من دون ثقة المودعين، فهذه الأمور مترابطة ولا يمكن النهوض بالبلد ما لم يستعد المودع وديعته ويشعر بأن هناك دولة تقف الى جانبه وتحاول انصافه في هذا الامر".

وتابع: "اما مسالة الدعوى، فمن المؤكد انها لا تخفي استهدافا سياسيا، فإذا نجحت بما قمت به خلال الفترة الماضية، فبسبب انه لم يكن هناك أي تدخل سياسي اطلاقا في عمل مصرف لبنان، او تأثير سياسي، بل تفهم من كل السياسيين، وهناك أمور كثيرة لا اشكر السياسيين عليها، ولكنني اشكرهم على عدم تدخلهم في عمل المصرف المركزي. هناك خلاف قضائي - قضائي في موضوع الرئيسة غادة عون، فقد وصلني كتاب صريح من مدعي عام التمييز بعدم التجاوب مع طلباتها، وبحسب المادة 13 من أصول المحاكمات الجزائية، فهو رئيسها المباشر، أي من الناحية القانونية البحتة، يفترض ان يكون القرار للرئيس جمال الحجار، وعندما رأى انه تم السير بقراره ولم يتم ارسال المستندات الى القاضية عون، سحب الادعاء بشكل فوري. ان مصرف لبنان وانا شخصيا، لا علاقة لنا بهذا الموضوع، وأتمنى حله بالاطر القضائية وابعادنا عن المسألة، وهذا ما قام به الرئيس الحجار".

واردف: "في ما خص موضوع الإصلاحات وصندوق النقد، فقد تم وضعه على الطاولة. هناك نظام عالمي علينا احترامه والسير فيه. يجب القيام بالإصلاحات وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وإعادة أموال المودعين، وفق الطريقة الأنسب لنا ضمن السيادة اللبنانية. واذا نفذنا هذا الامر يمكن تلقائيا المشاركة في برنامج مع صندوق النقد الدولي بطريقة مقبولة من لبنان والصندوق، وهو ممر ضروري لعودة لبنان الى الأسواق العالمية لاحقا".

سئل: كيف يمكن للمواطن الاستفادة من تراجع سعر صرف الليرة؟

أجاب: "لا افادة للمواطنين من تراجع سعر الصرف، فمن يستبدل 100 دولار مثلا بالليرة اللبنانية للاستفادة، فهذا مضاربة وليس ربحا، فالربح يتحقق من خلال العمل. ان مصرف لبنان لن يسمح لاي مضارب في لبنان بتعديل او تغيير سعر الصرف الذي سبق وحددت شروط حصوله، وأتمنى ان تنتهي المضاربات في لبنان الى غير رجعة".

بلاسخارت

واستقبل الرئيس عون الممثلة الشخصية للامين العام للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت مهنئة بانتخابه رئيسا للجمهورية، وعرضت معه الأوضاع العامة في البلاد والوضع الأمني في الجنوب وعمل القوات الدولية، حيث اكد رئيس الجمهورية على "ضرورة استكمال تنفيذ الاتفاق الذي اعلن في 26 تشرين الثاني الفائت، ووقف الخروقات الأمنية، لا سيما تدمير المنازل وجرف الأراضي وتلف المزروعات".

كما تم عرض سبل تفعيل عمل المنظمات الدولية في لبنان في المجالات كافة.

سفير لبنان في السعودية

واستقبل الرئيس عون سفير لبنان في المملكة العربية السعودية فوزي كبارة، وعرض معه العلاقات الثنائية بين البلدين في ضوء الزيارة التي يعتزم الرئيس عون القيام بها الى الرياض، والتي ستكون أول زيارة للرئيس خارج لبنان وفق ما تم الاتفاق عليه في الاتصال بين رئيس الجمهورية وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز.

نزار زكا وتايس

وزار قصر بعبدا، رئيس منظمة دعم الرهائن حول العالم نزار زكا، ترافقه والدة الصحافي الأميركي المفقود في سوريا اوستن تايس السيدة ديبرا تايس، حيث استقبلهما الرئيس عون واستمع منهما الى آخر المعلومات حول الصحافي الأميركي المفقود، في ظل التقارير التي تفيد انه لا يزال على قيد الحياة.

وطلبت تايس من الرئيس عون ان يسعى لبنان الى الكشف عن مصير ابنها، في اطار الجهود التي يبذلها البلد لكشف مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، متمنية ان تسفر كل هذه المساعي عن خاتمة سعيدة بالنسبة الى اهالي المفقودين.

وحيا الرئيس عون عزم تايس على "معرفة مصير ابنها، وارادتها الصلبة في تخطي كل الصعوبات والتحديات على مدى اكثر من 12 عاما لمتابعة هذه القضية"، مؤكدا انها "تتشارك هذه الرغبة والإرادة مع أهالي المفقودين اللبنانيين الذين لا يزالون مصرين على معرفة مصير أبنائهم".

واعرب عن تعاطفه مع السيدة تايس، واعدا ببذل كل المساعي في سبيل الكشف عن مصير كل المفقودين، مشيرا الى ان "لبنان بدأ بالفعل خطوات عملية في هذا المجال".

زكا

وبعد اللقاء، قال زكا: "منظمة دعم الرهائن حول العالم المهتمة بقضية اوستن تايس المخطوف في سوريا، طلبت موعدا من فخامة الرئيس الذي حدد موعدا سريعا، اذ نتوجه انا والسيدة تايس الى سوريا للاجتماع مع القيادات السورية للحصول على معلومات جديدة. لقد وصلنا الى مرحلة متقدمة ونتمنى ان نحصل على نتائج ملموسة للجهود التي نبذلها، يوم الاثنين المقبل ان شاء الله".

اضاف: "أشكر فخامة الرئيس على استقباله وتجاوبه ورحابة صدره، وتحدثنا ايضا عن المفقودين اللبنانيين وان نتمكن من اغلاق هذا الملف ليعرف الأهالي مصير أولادهم، وسنتعاون مع الدولة اللبنانية وفخامة الرئيس الذي اكد على تعاونه لمعرفة مصير جميع المفقودين اللبنانيين في سوريا".

وردا على سؤال، قال: "المنظمة عملت منذ سقوط نظام الأسد في سوريا، على التوجه الى دمشق للبحث عن الرهائن، وكنا نملك خيوطا كثيرة ووصلنا الى بعض النتائج التي تؤكد ان اوستن تايس على قيد الحياة، وهناك امل ان يكون في بيت آمن وسط حراسة في سوريا. وقد شكرنا فخامة الرئيس على جهود الدولة اللبنانية لدعم هذه القضية وقضايا أخرى مماثلة".

وقال ردا على سؤال: "المنظمة لم تجد أي مفقود لبناني او اجنبي، واذا وجدنا الحمض النووي DNA يكون الامر سهلا، وفي حال لم نجد سنواصل البحث لمعرفة مصير المفقودين".