"" - محمد المدنيحركة "شيعية" ملفتة شهدتها أروقة مجلس النواب أمس، حيث عُقد اجتماع بين نواب من كتلتي الثنائي الشيعي من جهة وتسعة وزراء معنيين بأزمة النزوح من جهة أخرى. وقد أثارت هذه الخطوة استياءً كبيراً لدى غالبية القوى النيابية التي رفضت تسييس ملف النزوح، بدلاً من طرحه في جلسة عامة يعقدها مجلس النواب بمشاركة جميع الوزراء المعنيين.وطرحت بعض الكتل النيابية تساؤلات عدة حول الهدف من تغييب الكتل النيابية كافة من مختلف الأحزاب والطوائف عن هذا الاجتماع الذي يعني كل لبنان دون استثناء. فإذا كان الثنائي الشيعي يعتبر نفسه "مالك" ملف النزوح على اعتبار أن الغالبية العظمى من النازحين هم من الطائفة الشيعية، فإن الغالبية الساحقة من المضيفين للنازحين هم من الطوائف الأخرى، وبالتالي لا يمكن تحييد أي جهة عن ملف يشكل اليوم قنبلة موقوتة في ظل المشاريع التي تسعى إلى إشعال الفوضى والفتنة بين اللبنانيين.كما أن في المجلس النيابي لجنة يرأسها النائب سجيع عطية، وهي مكلفة بالإشراف على تنفيذ خطة الطوارئ التي وضعتها الحكومة. فلماذا لم تدعُ هذه اللجنة للاجتماع؟ ولماذا لم تحضر بصفتها اللجنة المكلفة؟كل هذه الأسئلة مشروعة، ولكن يغيب عن ذهن البعض أن لبنان، وتحديداً المكوّن الشيعي، يمرّ بلحظة تتطلب احتضاناً ودعماً خاصة في ملف النزوح الذي يشكّل تحدياً كبيراً للبيئة الحاضنة له.كما أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يبقى ركناً محورياً تتقاطع عنده كل التسويات والحلول، خاصة في ظل غياب رئيس للجمهورية وبعد استشهاد السيد حسن نصرالله، مما يفسر تسارع الوزراء إلى حضور اجتماع تدعو إليه كتلة رئيس المجلس النيابي.غير أن المبالغة في التفسيرات والاستنتاجات بناءً على هذا الاجتماع لا تجوز في ظل حكومة تصريف أعمال فاقدة لأي ثقل سياسي، وخاصة فيما يتعلق بوزراء تكنوقراط تائهين ومستمرّين بفعل أزمة سياسية طويلة، لن تحفظ لهم الكثير من الذكرى أو المكانة عند انتهائها.في المحصلة، فإن حزب الله، من خلال دعوة الوزراء وحضورهم لمناقشة ملف النزوح، أراد إيصال رسالة مفادها أنه لا يزال قويًا ومؤثرًا في الساحة السياسية اللبنانية. عبر تأكيد حضوره في المجلس ولقائه الكتل النيابية والنواب المستقلين، يرغب الحزب في إبراز قوته وقدرته على تحريك القرارات الوطنية، خاصة في الملفات الحساسة كملف النزوح. ويحرص بذلك على التأكيد للجميع أنه ما زال فاعلًا رئيسيًا في السياسة اللبنانية، ولا يمكن تجاوزه أو تهميشه، كما دعا مؤخراً رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي أعلن قبوله بوصول رئيس للجمهورية من دون “الشيعة”، فجاء هذا الاجتماع كنوع من رد حازم على محاولات تهميش الطائفة أو عزلها.