كتب المحرر السياسي
يجري التداول في أوساط القوى المعارضة لـ”حزب الله” أنها تتوقع خروجه من المشهد السياسي بعد “إستسلامه” بفعل الضربات الموجعة التي تلقاها ويتلقاها، وأن هذا الوضع سيؤدي إلى نشوء معادلات سياسية جديدة في لبنان والمنطقة، ولاسيما سوريا والعراق، تطوق إيران وتحرمها من اذرعها وخطوطها الامامية.
أكثر من يروج لهذا “السيناريو” القوات اللبنانية، ومن يطلع على التصريحات الأخيرة للنائب غياث يزبك، ومسؤول العلاقات الاعلامية في معراب شارل جبور يستطيع فهم ما قاله الدكتور سمير جعجع عن حذف الشيعة من المعادلة، إذا لم يشاركوا في الانتخابات الرئاسية. ما يعني انه يتحدث من موقع القوة ويعتقد أن مسار الأمور يتجه لمصلحته، وانه سيكون المستفيد الأول من “هزيمة” حزب الله خصوصا، والثنائي الشيعي عموما، وانه سوف يستثمر هذه “الانجازات” في السياسة.
يدرك جعجع تماما أن الأجواء غير مهيأة لإجراء الانتخابات الرئاسية، وهو لذلك يشيع أن لا مانع لديه من دعم ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون، وهو يعتبر على ما يبدو أن هناك “قطبة مخفية” تلعب لصالحه مستشرفا تطورات جذرية سياسية وميدانية ستقلب الأمور رأسا على عقب، لأنه يعتقد أن اي حل بإنهاء الحرب ستكون له مفاعيل سياسية لن تصب إلا في خانته كونه الطرف السياسي الوحيد الذي راهن على الحرب.
وترى القوات أن نظرتها إلى الوضع الراهن وآفاقه تتلاقى مع نظرة الدولة العميقة في واشنطن، وبالتالي فانها هي الجهة القادرة على حماية نتائج الحرب على لبنان بافرازاتها السياسية والامنية. وهذا يعني أن ثمة تركيبة سياسية ستنشأ فور إقرار وقف إطلاق النار، واتخاذ ترتيبات أمنية لبنانية – دولية، وفيها انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتشكيل حكومة ” مستقلة” تكون ذريعة لاقصاء ” الثنائي الشيعي” وحلفائه من باقي الطوائف، والدعوة إلى انتخابات نيابية وفق قانون جديد.
تأمل جهات قواتية أن يفضي هذا التطور إلى إنتخاب الدكتور سمير جعجع لأنه سيكون ” المنتصر” والأكثر إفادة من هذه الحرب على قاعدة “مصائب قوم عند قوم فوائد”، وانه الأكثر أهلية لقيادة المرحلة الجديدة، وله تجربة ناجحة في هذا المجال من خلال إمساكه الارض من ” كفرشيما إلى المدفون” بانيا ” دويلته” النموذجية، بقبضة حديدية.
واذا سارت الأمور على ما يرام بالنسبة إلى جعجع، فإن الخطوة التالية هي تغيير الخريطة النيابية الشيعية في البرلمان ليتسنى له المجيء برئيس للسلطة التشريعية من خارج ” الثنائي”يكسر إحتكار حركة” أمل” لها، من خلال رئيسها نبيه بري، وتسمية رئيس للحكومة مقرب منه..
هذا “السيناريو” يبدو ضربا من ضروب ” اليوتيوبيا” وينكره مسؤولون قواتيون، لكن ثمة معلومات تشير الى أن كواليس “السياديين” تمتلئ بهذه الاخبار التي يتم تداولها همسا او في الحلقات الضيقة. ومن الطبيعي أن يدغدغ هذا الوضع مخيلة جعجع، وأن يراهن الاخير على استسلام حزب الله وتهميش الطائفة الشيعية، مثلما راهن على سقوط بشار الاسد وخاب أمله. وهو على ما يبدو لم يقرأ جيدا خلفيات التقارب السعودي – الايراني الجديد، ولا يدرك أن السنة لا يقبلون بأي صيغة حل يكون فيها الشيعي مهزوما او مغلوبا على أمره، وكذلك الأكثرية الساحقة لدى الموحدين الدروز، وأن شرائح مسيحية واسعة لا تشاطره هذا الرأي.
وعندما سئل أحد أركان “الثنائي الشيعي” إبتسم بمرارة وهز رأسه، مكتفيا بالقول: “يبدو أن البعض لا يتعظون من دروس الماضي القريب وعبره، وهم يبيعون الأحلام في أكياس من وهم، وستتحول أحلامهم الى كوابيس”!..
The post بين كواليس وكوابيس السياديين!.. appeared first on .