منذ فجر أمس حتى ساعات متقدّمة من الليل لم تتوقف الغارات الإسرائيلية المدمّرة على الضاحية الجنوبية التي ترافقت مع إنذارات متواصلة لإخلاء السكان من المباني التي حوّلها العدو الإسرائيلي إلى أهداف لتدميرها وإلحاقها بما سبقها من الأبنية والأحياء السكنية التي تحولت إلى ركام بفعل الإجرام الإسرائيلي المدمّر للحجر والبشر.
وكما في الضاحية كذلك في الجنوب الذي أُفرغ من أهله، وكذلك المدن التاريخية التي دُمّر القسم الأكبر منها كصور والنبطية وبعلبك والهرمل والخيام، إلى عشرات القرى والبلدات التي دُمّرت بالكامل لدرجة تصعب العودة إليها والعيش فيها.
سياسيًا، شدّد الرئيس وليد جنبلاط في مداخلة خلال حلقة “صار الوقت” عبر شاشة MTV مع الرئيس فؤاد السنيورة على، “أنّنا لن نذهب إلى لعبة الآخرين أياً كانت، ولا لتغيير ات وفاق الطائف للذهاب إلى المجهول”، مضيفاً: “نعم لاستكمال الاتفاق وتحسينه إذا أمكن”.
وفي اعتداءٍ غاشم على فرق الإسعاف والدفاع المدني، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارة على المدخل الجنوبي لمدينة بعلبك في بلدة دورس استهدف فيها مركزاً للدفاع المدني في المدينة أدت الى تدميره بشكل كلي أثناء تواجد عدد من العناصر في الداخل.
وفي الوقت الذي يتحضّر فيه العدو الإسرائيلي للانتقال إلى الخطة الثالثة من الهجوم البري باتّجاه الداخل اللبناني، كما أشارت التقارير الإعلامية العبرية، ما زال الوضع الميداني في القرى الحدودية المتاخمة لإسرائيل بين “كرٍ وفر”، وما زالت الصواريخ والمسيّرات الذكية التي تُطلق من لبنان باتّجاه الداخل الإسرائيلي تصيب أهدافها بدقة بحسب البيانات الصادرة عن “حزب الله”.
توازياً، استبعدت مصادر أمنية مواكبة للتطورات إمكانية التوصّل إلى وقف لإطلاق النار قبل تسلّم الرئيس دونالد ترامب مهامّه في العشرين من شهر كانون الثاني المقبل.
وقالت المصادر لجريدة “الأنباء” الإلكترونيّة، “لقد آن الأوان لاتّخاذ قرار شجاع لوقف إطلاق النار، لأنّ عامل الوقت لا يخدم لبنان، لا اقتصادياً، ولا سياسياً، ولا حتى عسكرياً”، مشيرةً إلى أنّ، “كل صاروخ يطلقه حزب الله باتّجاه إسرائيل يصعّب عليه تأمين البديل عنه، وذلك بفعل الحصار المفروض عليه، وأنّ إطالة أمد الحرب قد يؤدي إلى نقص في مخزون السلاح التابع لحزب الله”.
ورأت المصادر أنّ، “التسريبات لوقف إطلاق النار هي لشراء الوقت فقط، ولو كان رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، فعلاً لا يريد التوغّل البري لما استبدل وزير دفاعه يوآف غالانت بوزير آخر أكثر تعصباً هو يسرائيل كاتس الذي لم ينفك عن التهديد بتدمير غزة ولبنان”.
وما يحصل في لبنان، بحسب المصادر المواكبة، مشابه تماماً لسيناريو غزة، معتبرةً أنّ، “لبنان يمرّ بمرحلة تدمير هيكلي”، أي تدمير الحجر، والبشر، والاقتصاد.
في السياق، قدّر الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونيّة الخسائر المباشرة التي لحقت بلبنان نتيجة الحرب الإسرائيلية بما يزيد عن 5 مليارات دولار. وأنّ أكثر من مئة ألف وحدة سكنية دمّرت بالكامل.
ويضيف عجاقة أنّ “الخسائر الناتجة عن غياب الفرص الاقتصادية تقدّر ما بين 7 إلى 8 مليارات دولار، أي أنّ مجموع الخسائر يوازي 12 إلى 13 مليار دولار، هذا في حال التوصّل لوقف إطلاق النار اليوم، لكن إذا استمرّت الحرب فإنّ الخسائر ستصبح أكبر بكثير.
عجاقة رأى أنّ الوضع اليوم مختلف كثيراً عن حرب تموز 2006. في ذلك الوقت كان القطاع المصرفي بخير، وكان هناك مؤتمر ستوكهولم، وباريس 3، بالإضافة إلى مساعدات الدول الخليجية وقد تخطت إجمالي المبالغ التي قُدّمت إلى لبنان في ذلك الحين 10 مليار دولار. أمّا اليوم فالوضع مختلف كلياً، مشككاً بقدرة إيران على المساعدة بالإعمار بسبب العقوبات المفروضة عليها.
وعلى خط المساعي الهادفة إلى التوصّل لوقف إطلاق النار نقل موقع “أكسيوس” عن مسؤول أميركي أنّ، “محادثات وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، دون ديرمر، كانت جيدة، وأنّها عالجت معظم الخلافات مع تل أبيب بشأن وقف إطلاق النار في لبنان، وأنّ السفيرة الأميركية في بيروت، ليزا جونسون، قد أبلغت رئيس مجلس النواب نبيه بري، باستمرار وساطة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، مؤكّدة أنّ هذا الحراك يحظى بمباركة الإدارة الأميركية الجديدة.
وكانت جونسون قد التقت الرئيس بري في عين التينة بعد ظهر أمس، ثمّ انتقلت بعدها إلى السراي الحكومي للقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، الذي كانت له مجموعة لقاءات سياسية ودبلوماسية، حيث شدّد أمام زوّاره على وقف إطلاق النار، وتمسّك لبنان بتطبيق القرار 1701. وبعيداً عن السياسة، أجرى ميقاتي اتّصالاً بالمصّمم العالمي إيلي صعب، مهنّئاً بإنجازه الجديد في عالم الموضة الذي أقيم في الرياض تحت عنوان “ألف ليلة وليلة”.
أمنياً، وعملاً بتوجيهات الرئيس وليد جنبلاط، ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب تيمور جنبلاط، في الحفاظ على السلم الأهلي، أشار بيان صدر عن مفوضية الإعلام في “التقدمي” حول ما جرى في منطقة راشيا من توقيف لسيارة مشبوهة من قِبل الأجهزة الأمنية والعسكرية والبلدية، حيث شدّد البيان أنّه، “في إطار الإجراءات المتّفق عليها لحماية المقيمين والنازحين، يهمّ الحزب التقدمي الاشتراكي التأكيد على أنّ الأجهزة الأمنية، والعسكرية، والبلدية، هي المرجعية المعنيّة في مثل هذه الحالات، والتعاون والتنسيق مطلوب من جميع المعنيين”.