ليس أمرا عابرا أن يقدم مساعد الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف إستقالته وأن ينسحب من المشهد السياسي الإيراني في ظل الظروف الدقيقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، خصوصا أن ظريف كان مهندس المفاوضات الإيرانية الأميركية حول الملف النووي، والمتحمس دائما للحوار وصولا إلى تقديم بعض التنازلات مقابل رفع جزء من العقوبات الأميركية عن بلاده.


واذ جاءت إستقالة ظريف عقب جلسة عزل وزير الاقتصاد عبدالناصر همتي، فإن ذلك لا يغطي على وجود تباين كبير في إيران حول كيفية التعاطي مع أميركا، خصوصا في ظل قرار المرشد الأعلى السيد علي خامنئي برفض الحوار معها أو تقديم التنازلات لها في مفاوضات الملف النووي بهدف رفع العقوبات عن إيران.


من هنا، يمكن قراءة إستقالة ظريف على أنها تمهيد لإعلان فشل هذه المفاوضات ما من شأنه أن يضع منطقة الشرق الأوسط على صفيح ساخن من الخليج العربي إلى العراق واليمن وسوريا وغزة ولبنان.


لا شك في أن عودة التوتر بين إيران وأميركا في حال إنتهاء هذه المفاوضات ومع السلوك الفرعوني للرئيس الأميركي دونالد ترامب، فإن ذلك سيؤدي إلى تشجيع إسرائيل على تنفيذ تهديداتها بشن عدوان على إيران التي لن تسكت في حال إستخدم العدو الأجواء الخليجية لإطلاق صواريخه، ما قد يهدد بتوتر أفقي خصوصا إذا ما تحرك الحوثيون في اليمن والحشد الشعبي في العراق نصرة لإيران التي يفترض بها أن ترد الصاع صاعين لإسرائيل ولمن يساعدها كما سبق وتوعدت.


والتوتر نفسه سوف ينسحب على سوريا التي يتنازعها نفوذ تركي حلق بطائراته فوق دمشق في رسالة إستعداد لحمايتها وأهلها السنة من الاجتياح الصهيوني للأراضي السورية، مقابل نفوذ إسرائيلي يوحي خداعا بالحرص على حماية الطائفة الدرزية في جرمانا، وذلك كمقدمة واضحة لإحتلال إسرائيلي قادم لقسم كبير من الأراضي السورية.


وأيضا بالنسبة لغزة التي تصر إسرائيل على المماطلة في المرحلة الاولى من صفقة التبادل وتطالب بتمديدها الأمر الذي ترفضه حماس وتؤكد أنه لا توجد أية مفاوضات معها بشأن المرحلة الثانية، ما قد يطيح بالاتفاق، خصوصا أن إسرائيل التي تشعر بالهزيمة عند كل عملية تسليم عادت لتضيّق على غزة بمنع المساعدات وبتأخير إطلاق المعتقلين الفلسطينيين مقابل إطلاق الأسرى من قبل حماس التي لن تقف مكتوفة الأيدي حيال التطورات الجديدة.


وكذلك الأمر بالنسبة للبنان الذي يرزح تحت إحتلال إسرائيلي موصوف قدمته الولايات المتحدة الأميركية “هدية” مفخخة لحكومة نواف سلام الغارق بالاتصالات الدبلوماسية غير المنتجة والخائف من أميركا والمجتمع الدولي حتى في ذكر المقاومة وشهدائها وهو ما أدى إلى فشل زيارته إلى الجنوب وإنقلاب أهله عليه وصولا إلى مواجهته أمام وسائل الإعلام.


ولا يبدو أن العدو الاسرائيلي يفكر في الإنسحاب من لبنان خصوصا أنه يتمركز بالنقاط الخمس ويتوسع في نطاقها، وهو ما يزال يقوم بتمشيط يومي لبعض القرى التي إنسحب منها لمنع الجيش اللبناني من الانتشار فيها، وهذا الاحتلال الذي لن تجدي معه الاتصالات الدبلوماسية لن يجد أمامه لاحقا سوى المقاومة الشعبية أو ربما المقاومة المركزية في حال خرجت الأمور عن السيطرة في المنطقة ككل.




Related Posts

  1. سوريا تبدأ مرحلة صياغة الدستور بتشكيل لجنة خبراء متخصصة
  2. طلب من كرامي للأجهزة الأمنية
  3. عكار.. هكذا توفي عنصراً من الجيش اللبناني!




The post مؤشرات إستقالة ظريف.. الشرق الأوسط على صفيح ساخن!.. غسان ريفي appeared first on .