""حسمت المحكمة العسكرية في قضية شغلت الرأي العام بعد القاء القبض قبل نحو سنة على ثلاثة اشخاص في محيط عين التينة وبحوزتهم اجهزة اتصال متطورة ومعدات، وإتهموا بالتجسس لصالح العدو الاسرائيلي متستّرين خلف شركة اميركية وهمية، وإستطاعوا مسح كامل الترددات التي تسمح بمعرفة جميع المعلومات الفنية المتعلقة بخصائص الشبكة الخليوية وتحديد موقع الهواتف الخلوية في منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت.وفي ساعة متأخرة من ليل امس اصدرت المحكمة برئاسة العميد وسيم فياض حكما مشددا على الموقوف الرئيسي محيي الدين حسنة وهو مهندس اتصالات وانزلت بحقه عقوبة الاشغال الشاقة مدة 15 عاما، كما حكمت على الموقوف هادي عواد وهو متخصص ايضا في الاتصالات، بالسجن عشر سنوات اشغالا شاقة مع تجريدهما من حقوقهما المدنية، واعلنت المحكمة براءة رامي الصانع لعدم كفاية الدليل.وكان حسنة وعواد والصانع قد اوقفوا في كانون الاول العام الماضي، واحيلوا امام المحكمة حيث نفوا اي علاقة لهم بالتجسس لصالح العدو، وادلى الموقوف الرئيسي حسنة ان عمله اقتصر على تصوير مناطق في الضاحية وبيروت والمتن لصالح الشركة الاميركية بهدف تحديث خرائط "غوغل مابس"، مفنّدا عمل الاجهزة التي ضبطت والتي سبق ان استخدمها في عمله لصالح شركات اخرى في الخارج ومنها ايران والعراق. وتناقضت اقواله مع شهود من وزارة الاتصالات واحدى شركتي الخليوي الذين اكدوا امام المحكمة ان المعدات يمكن ان تلتقط موجات اجهزة لاسلكية ومنها "البيجر".اما عواد فدوره اقتصر على قيادة السيارة في منطقة الضاحية الجنوبية حيث كانت كاميرا على سطحها تلتقط صورا بلغ عددها بالآلاف واتهم بالتدخل بالجرم، فيما قام الصانع بتصوير مناطق بنفس الطريقة في الحمرا ومحيطها قبل ان يلقى القبض عليه في عين التينة.وتُرجمت قناعة المحكمة بعمل المتهمين حسنة وعواد لصالح العدو من خلال الحكم المشدد عليهما القابل للتمييز امام محكمة التمييز العسكرية، وذلك بعد ادانتهما لكون الاول حسنة كان يحوز معدات منها هاتفين يحويان على برنامج مسح الشبكة الخليوية على جميع الانظمة وسجلّ المحطات الخادمة في كل منطقة وعددها وقوة اشارتها، ونوعية الخدمة واستخدام جهاز ماسح لشبكات توفير خدمات الانترنت واستخدام كاميرا موصولة الى حاسوب وعصف كي يتم تصوير المناطق بتقنية عالية وتسجيل الموقع الجغرافي لكل نقطة لربط الانظمة المستخدمة، ويصبح لدى المشغّل في الخارج الموقع الجغرافي لكل نقطة تم مسحها بواسطة هذه الانظمة وصورة توضيحية للمنطقة وتفاصيل تقنية لجميع شبكات الاتصالات الخليوية وكشف الاماكن الجغرافية لمستخدمي الشبكة الخليوية. اما عواد فإعتبر متدخلا بهذه الجرائم من خلال قيادة السيارة واجراء عمليات مسح وتحويلها الى المشغل الاساس في الخارج المتمثل بإسرائيل.الجلسة الاخيرة امس كانت مخصصة للمرافعة ، حيث طلب ممثل النيابة العامة القاضي هاني حلمي الحجار تطبيق مواد الاتهام بحق المتهمين.وفي دفاعه عن حسنة ، إتهم المحامي صليبا الحاج شعبة العلومات في قوى الامن الداخلي بـ"تشويه الحقائق"، مبرزا اكثر من 20 مستندا ليدحض ثلاث نقاط ارتكز عليها القرار الاتهامي لاتهام موكله بالتعامل مع العدو، ومن تلك المستندات ما يثبت ان الشركة الاميركية ليست وهمية، وان المبلغ الذي تقاضاه موكله مقابل العمل لصالحها لا يتعدى السبعة آلاف دولار وليس 200 الف، فضلا عن ان المعدات المضبوطة تم شحنها بشكل نظامي عبر المطار وهي متوافرة في الاسواق اللبنانية.وإنتقد الحاج تقارير خبيرين في الاتصالات استمعت اليهما المحكمة سابقا معتبرا ان ما قاله "ليس صحيحا على الاطلاق خصوصا ان المعدات لا تحوي انظمة خاصة". وابدى استغرابه من عدم توقيف شاهد حضر خصيصا من اميركا للادلاء بشهادته، وهو الذي قال عنه حسنة انه عرّفه على صاحب الشركة الاميركية جون تايلور، وسأل الحاج: "طالما ان الشركة وهمية واسرائيلية فلماذا لم يتم توقيف الشاهد الذي يعمل في هذه الشركة ايضا؟".وناقش الحاج في مرافعته تقرير شعبة المعلومات حول ما ورد فيه لجهة انه يمكن تحويل النظام الذي استخدمه حسنة الى محطة خليوية تعمل على جهاز تنصت، واعتبر انه يمكن في هذه الحالة لاي انسان شراء هذا الجهاز والتنصت على الناس. وقال في هذا المجال: "قدّموا لنا اي دليل واحد يثبت علاقة ما قام به موكلي بإسرائيل وليحاسب حينها ورفاقه".ورأى الحاج ان موكله مهندس وليس هاوٍ، مستعرضا وقائع القضية عندما سلّم حسنة نفسه تلقائيا بعد توقيف احد رفاقه في عين التينة اثر اشتباه حراس المقر بسيارة ومثبّت على سطحها كاميرا، منتهيا الى ان لا ادلة تصلح للحكم على موكله. وخلص الى طلب ابطال التحقيقات الاولية لمخالفتها الاصول القانونية، وكف التعقبات عن موكله لعدم وجود جرم، واذا لم تقتنع المحكمة بذلك طلب إعادة فتح المحاكمة والكشف مجددا على المعدات بشكل محايد.كما ترافع وكيل حسنة المحامي معين غازي معتبرا من جهته ايضا ان تقارير خبيرين استمعت اليهما المحكمة لا تمت الى الحقيقة بصلة طالبا اعلان براءة موكله.وترافع المحامي احمد جابر عن المتهم هادي عواد منتقدا بدوره تحقيقات شعبة المعلومات، وتحدث عن تناقضات بينها وبين المستندات المتوافرة في الملف. وقال:"ان قدرة الجهاز لا تعني ان الموكل عميل اسرائيلي"، موضحا ان التنصت لا يتم الا بالتعاون مع شركتي الخلوي وهذا ما لم يحصل، طالبا البراءة لموكله من جرم التدخل.كما طلبت وكيلة المتهم رامي الصانع المحامية رولا ماجد كف التعقبات عن موكلها واعلان براءته كونه لم يكن على علم بماهية الاجهزة وعمله اقتصر على قيادة السيارة ليس اكثر.*********وبسؤال المتهمين عن كلامهم الاخير طلبوا البراءة.