يشهد لبنان تراجعًا حادًا في معدلات الأمطار لهذا العام، مما ينذر بكارثة زراعية حقيقية تهدد الأمن الغذائي والمائي في البلاد، وفقًا لما أشار إليه مختصون.وبحسب مصلحة الأرصاد الجوية، فإن التساقطات المطرية انخفضت بنسبة 50% عن المعدلات الطبيعية، ما يؤثر سلبًا على مخزون المياه الجوفية وعمليات ري المحاصيل، ويضع القطاع الزراعي أمام تحديات غير مسبوقة.ويحذر مسؤولون وخبراء من أن نقص الأمطار والثلوج سيؤدي إلى انخفاض مستوى المياه في البرك الزراعية والآبار الجوفية، ما قد يجبر بعض المزارعين على اللجوء إلى حلول غير آمنة، مثل استخدام مياه المجاري لري المحاصيل، وهو ما قد يعرض المنتجات الزراعية للتلوث ويزيد من المخاطر الصحية على المستهلكين.وتسعى وزارة الزراعة إلى الحد من تداعيات الأزمة عبر اتخاذ إجراءات احترازية. وفي تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أوضح وزير الزراعة نزار هاني أن الوزارة بدأت في إصدار توجيهات للمزارعين والنحالين بضرورة ترشيد استهلاك المياه واعتماد تقنيات حديثة للري للحفاظ على الموارد المتاحة.وأشار هاني إلى أن "كمية الأمطار المسجلة حتى الآن لا تكفي لتعبئة خزانات المياه الجوفية، مما يستوجب اتخاذ تدابير صارمة لضمان عدم استنزاف المخزون المتبقي".كما أعلنت الوزارة سلسلة توصيات للمزارعين، أبرزها استخدام الري بالتنقيط لتقليل هدر المياه، وتجنب حراثة التربة للحفاظ على الرطوبة، واستخدام الأغطية البلاستيكية للحد من التبخر، وعدم استخدام مياه غير صالحة للري مثل مياه الصرف الصحي، فضلاً عن إصلاح أي تسربات في شبكات المياه سواء الزراعية أو المنزلية.وأكد أستاذ الموارد المائية وهندسة الري في الجامعة اللبنانية داوود رعد، أن لبنان "على أعتاب كارثة زراعية نتيجة شح المياه". وشدد رعد في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" على أن الزراعة تستهلك ما بين 65 و70% من المياه المتاحة، مما يزيد من تعقيد الأزمة.ورغم التوقعات بهطول بعض الأمطار قريبًا، يبقى لبنان أمام تحد كبير في مواجهة الجفاف.وحسب مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، فإن الحل يكمن في ترشيد الاستهلاك والتعاون بين الجهات الرسمية والمزارعين للحفاظ على الموارد المائية المتاحة، وتجنب تفاقم الأزمة خلال السنوات المقبلة.ويرى الخبراء أنه في ظل هذه المعطيات، يبدو لبنان بحاجة إلى استراتيجية وطنية شاملة لإدارة المياه، تشمل تحسين البنية التحتية، وتشجيع تقنيات الري الحديثة، وتوعية المواطنين بأهمية الحفاظ على كل قطرة ماء، لأن الأزمة ليست موسمية فحسب، بل تحد طويل الأمد يهدد مستقبل الزراعة والبيئة في البلاد.وحذر الخبير البيئي والكيميائي جلال حلواني من أن الوضع الحالي يشكل جرس إنذار للمستقبل، مشيرًا إلى أن "استمرار هذا النمط من تراجع الأمطار خلال السنوات المقبلة قد يؤدي إلى جفاف شديد يؤثر على كافة القطاعات، خاصة الأمن الغذائي والصحي".وأوضح حلواني في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" أن المناخ المتغير يؤثر على مصادر المياه، مما قد يؤدي إلى انخفاضها تدريجيًا، داعيًا إلى اعتماد سياسات طويلة الأمد لحماية الموارد المائية وضمان استدامتها.