ربما يكون الفارق الكبير بين إنفاق حملتي المرشحة الديموقراطية كامالا هاريس وخصمها الجمهوري دونالد ترامب، على الإعلانات الرقمية عبر الإنترنت، عاملاً مؤثراً في التصويت خلال الانتخابات الرئاسية المرتقبة.
وتفوقت هاريس على ترامب بنسبة 20 إلى 1 في "فايسبوك" و"إنستغرام"، في الأسبوع الذي دارت فيه المناظرة الرئاسية، واستغلت اللحظة الحاسمة لتغطية الولايات المتأرجحة بالإعلانات والبحث عن مانحين جدد على مستوى البلاد، حسبما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز".وأوضحت الصحيفة أن الإنفاق غير المتوازن، 12.2 مليون دولار مقابل 611 ألف دولاراً في منصات شركة "ميتا"، بحسب سجلات الشركة، لم يكن استثناءً. فمنذ دخلت هاريس السباق، غمرت حملتها حملة ترامب بفيض من الإعلانات الرقمية، متجاوزة إنفاقه بعشرات الملايين من الدولارات وأثارت قلق بعض الجمهوريين.وقبل أربع سنوات، كان ترامب، بوصفه رئيساً للولايات المتحدة، ينفق مبالغ طائلة على الإنترنت في وقت مبكر من دورة الانتخابات على أمل الفوز بولاية ثانية. والآن، يواجه ترامب عجزاً في السيولة النقدية، ويراهن بشكل مختلف تماماً مستغلاً الجاذبية الفريدة لعلامته التجارية في الإنترنت، ومتانة لائحة المتبرعين التي تم بناؤها على مدى ما يقرب من عقد من الزمان وإيمانه بقوة التلفزيون.وكان الفارق صارخاً بشكل خاص على الشاشات في أكثر ساحات المعارك تنافساً في الأسبوع المحيط بالمناظرة. وفي بنسلفانيا، حيث أنفقت هاريس 1.3 مليون دولار على منصات "ميتا"، مقارنة بـ 22465 دولاراً أنفقها ترامب. وفي ميتشغان، أنفقت هاريس 1.5 مليون دولار، بينما أنفق ترامب 34790 دولاراً فقط.وحذر إريك ويلسون، الاستراتيجي الرقمي الجمهوري والمدير التنفيذي لمركز ابتكار الحملات، من تفوق هاريس. وقال: "لا يمكننا ببساطة أن نتحمل التخلي عن منصات التواصل الاجتماعي للديموقراطيين".بعكس ذلك، أنفقت حملة ترامب مبالغ أكبر بكثير في "غوغل"، خصوصاً في إعلانات "يوتيوب" التي يمكن أن تشبه التلفزيون التقليدي. لكن حتى في "غوغل"، أظهر تحليل "نيويورك تايمز" لسجلات الإعلان في الولايات السبع المتأرجحة أن اللجان السياسية لهاريس ضاعفت إنفاق ترامب، من 25.7 مليون دولار إلى 12.8 مليون دولار، منذ انضمامها إلى السباق.وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب استقطب الجماهير الرقمية بطرق أخرى، حيث توقف في بار "بيتكوين" في نيويورك هذا الأسبوع، وتحدث مع نجوم "يوتيوب"، ومقدمي البث المباشر، ومقدمي البث الصوتي "بودكاست"، وانضم إلى "تيك توك"، لكن وجوده الرقمي المدفوع الخفيف نسبياً، ربما يعني أنه يفشل في الوصول إلى المؤيدين المحتملين.وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي مسرحاً مهماً للمنافسة بالنسبة للحملات السياسية، سواء كمصدر لجمع الأموال الشعبية أو كمكان لجذب الناخبين الأصغر سناً وغير الحاسمين الذين لا يعتمدون على التلفزيون للحصول على أخبارهم. وفي انتخابات متقاربة، ربما يحدث الفارق في القدرة على تحفيز الناخبين الأقل مشاركة والذي يمكن إقناعهم عبر الإنترنت.وتغذي فجوة الإنفاق الرقمي بعض التفاؤل الديموقراطي بشأن انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر، حتى مع إظهار استطلاعات الرأي أن سباق الانتخابي شديد التنافسية. وقال الاسترارتيجي الرقمي الديموقراطي كينيث بينينغتون عن إنفاق هاريس: "تتمتع نائبة الرئيس بميزة استراتيجية هائلة. ويبدو أن حملة ترامب نائمة". وأضاف: "تدير هاريس حملة أكثر حداثة".من جهتها، قالت المتحدثة باسم حملة ترامب، كارولين ليفات، أنها ليست بحاجة إلى إنفاق الكثير لأن الناخبين يستهلكون طواعية المحتوى المتعلق بالرئيس السابق. وأضافت: "يجب على حملة هاريس أن تنفق مبلغاً هائلاً على الإعلانات الرقمية، ونحن لا نفعل ذلك لأن أعظم أصول حملتنا هو الرئيس دونالد ترامب". وتابعت: "يريد الملايين من الناس مشاهدة الرئيس ترامب والتفاعل معه بشكل مباشر، ولا يمكنك وضع قيمة دولارية على ذلك".إلى ذلك، ينفق ترامب أيضاً على التلفزيون لكن بفارق ضئيل. ويعكس جزء من هذا التركيز على الإنفاق نظرة ترامب للعالم. حيث قال ترامب، الذي شارك في بطولة برنامج "المتدرب" التلفزيوني، في تصريحات خاصة إنه يعتقد أن الإنفاق الرقمي مضيعة للوقت وحث حملته على إنفاق المزيد على التلفزيون، وفقاً لشخص سمعه يدلي بمثل هذه التصريحات وأصر على عدم الكشف عن هويته.ويستفيد ترامب من الإنفاق عبر الإنترنت من قبل بعض لجان العمل السياسي الجمهورية، لكن هذا الإنفاق لا يكفي بالكاد لمضاهاة إنفاق هاريس. وجزء من السبب وراء تفوق هاريس في مجال الإعلان، هو أنها تمتلك ببساطة مزيداً من المال، حيث ضاعفت حصيلة جمع التبرعات لترامب في تموز/يوليو وآب/أغسطس.لكن التفاوت الرقمي يعكس أيضاً هيكل وأولويات كل حملة. فأحد نواب مديري حملة هاريس هو أحد كبار الاستراتيجيين الرقميين السابقين، في حين لا تضم ​​حملة ترامب خبيراً رقمياً في صفوفها العليا. وقال كريس لاسيفيتا، أحد مديري حملة ترامب، أن فريقه يتمتع بخبرة كبيرة. وأضاف أن "الخبرة الجماعية في إيصال الرسائل في حملة ترامب للرئاسة تتجاوز 100 عام، كما أنها تشمل توقيت ظهور الإنترنت ومكانته اليوم. لقد كنا جزءاً من هذا النمو طوال الوقت".