إنها المرحلة العسكرية الثانية من الحرب الإسرائيلية على لبنان. مرحلة تتخلل تكثيفاً للغارات وعمليات القصف جنوب نهر الليطاني وشماله، ما يعني توسيع رقعة الاستهداف وتكثيفها، وإطالة أمد الغارات. الطيران الحربي الإسرائيلي شنّ غارات كثيفة وموسعة على مناطق مختلفة، حوالى 50 غارة استهدفت ليل السبت، مناطق الخردلي، الريحان والبقاع الغربي ومرتفعات الجبور، المحمودية، حاريص، زوطر، والزرارية، وقرى في إقليم التفاح كبصليا وكفرملكي. وقال الجيش الإسرائيلي إن هذه العمليات تستهدف مواقع بعد رصد تحركات لحزب الله لإطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل. فيما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر أمنية أنه تم اتخاذ قرار بتوسيع وتكثيف الضربات ضد لبنان.
تباهي نتنياهو وغالانت
كثافة الضربات تشير إلى أن الإسرائيليين يعملون على إنشاء أحزمة نارية واسعة، وقطع طرق وخطوط إمداد. وأفادت تقارير إسرائيلية بأن الجبهة الداخلية ستصدر تعليمات بمناطق واسعة في الشمال بالساعات القريبة، وبعدها أعلن الجيش الإسرائيلي عن التعليمات طالباً عدم التجمهر بين حيفا والحدود مع لبنان. بينما كان المسؤولون الإسرائيليون يتباهون ويتفاخرون بعملياتهم، إذ أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال نتنياهو: "أهدافنا واضحة وأعمالنا تتحدث عن نفسها". أما وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت فقال: " هجوم قواتنا المذهل في الضاحية الجنوبية أحبط سلسلة القيادة العملياتية لحزب الله، ففي سبتمبر ١٩٩٧ سقط ١٢ من مقاتلينا الذين خرجوا لتنفيذ عملية بعمق لبنان بقيادة المقدم يوسي كورين، قادة ذلك الكمين الإرهابي لحزب الله كانا إبراهيم عقيل وأحمد وهبي اللذين تمت تصفيتهما أمس."
الجهوزية
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن قائد المنطقة الشمالية أجرى تقييماً أمنياً وتجول قرب حدود لبنان والتقى قادة اللوائين 300 و769، ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر أن قائد المنطقة الشمالية أبلغ بأن الجبهة في الشمال ستكون مقبلة على أيام معقدة. من جهته قائد سلاح الجو الإسرائيلي، تومر بار، إن حالة التأهب والجاهزية القصوى متواصلة على المستوى الدفاعي والهجومي بناء على التطورات. وجاءت أقوال بار خلال جلسة إحاطة عقدت بمشاركة ضباط في سلاح الجو. وقال بار خلال الجلسة، إن "سلاح الجو موجود في أقصى حالة تأهب وجهوزية، وذلك على المستويين الدفاعي والهجومي". وأضاف "قمنا بتجهيز كل قدرات سلاح الجو ووضعها على الرفوف، على أن نقوم بناء على التطورات بالعمل وفقا للخطة المناسبة".
وفي السياق، أعلن الجيش الإسرائيلي مهاجمة 180 هدفاً لحزب الله والآلاف من فوهات إطلاق القذائف في جنوب لبنان. وجاء في بيان له "شنت طائرات سلاح الجو على مدار الساعات الأخيرة سلسلة غارات استهدفت آلاف فوهات إطلاق القذائف الصاروخية التي كانت جاهزية للإطلاق بشكل فوري نحو الأراضي الإسرائيلي".
استراتيجية جديدة
صحيفة "وول ستريت جورنال"، كشفت أن "إسرائيل تعمل على وضع إستراتيجية جديدة تحول دون اندلاع حرب أوسع نطاقا مع حزب الله". وقالت إن "إسرائيل ستوضح لحزب الله حجم الضرر الذي سيلحق به إذا استمر في إطلاق الصواريخ على الشمال". أما صـحـيـفـة "واشـنـطـن بـوسـت"، فنقلت عـن مـسـؤول أمـيركـي رفـيـع، أن "مسؤولين بالبيت الأبيض أعربوا عن إحباطهم بسبب تصرفات إسرائيل في لبنان". وأشارت الصحيفة، إلى أن "سبب الإحباط هو أن تصرفات إسرائيل تزامنت مع جهود مضنية دامت شهوراً للتوصل لاتفاق". ولفتت إلى أن "أصوات بإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تتساءل لماذا نساعد إسرائيل إذا كانت هي من جلبت هذا الوضع لها". وأضافت الصحيفة، أن "مسؤولين بالبيت الأبيض يعتقدون أن استراتيجية إسرائيل الأوسع في لبنان غير واضحة". وختمت: "إسرائيل تظن أن ضرب أعدائها بقوة سيردعهم لكن التاريخ يدل أنها لا تفهم الرسالة".
وشدّدت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، على أن "الشمال انهار. وأن الأمين العام لحزب الله ليس مرتدعاً عن حرب شاملة"، وأكدت في الوقت عينه "غياب أي منطق بشأن شنّ هجوم برّي في الجبهة الشمالية"، محذرة الحكومة الإسرائيلية من القيام بذلك، لو كان هناك "حكومة عقلانية". وقالت في تقرير لها، أن "النهاية ليست في الأفق، والدعوة إلى شن هجوم تتزايد انطلاقاً من اعتقادٍ خاطئ بأنه سيوفر الحل". ودعت، الحكومة الإسرائيلية إلى "إيجاد الإجابات عن مجموعة من الأسئلة قبل البدء بمعركة موسّعةً في جبهة الشمال، منها إيجاد الحلول بشأن القذائف الصاروخية والطائرات المسيرة لحزب الله، وبشأن قدرة الجيش الإسرائيلي المنهك على التعامل مع جبهة أخرى ضد عدو قوي، والقدرة على تحمّل الثمن الاقتصادي، وبشأن الخطط في حال تدخل إيران في المعركة".