استنفر نقص الحرفيين السوريين وورشات صياغة الذهب والمجوهرات، "الجمعية الحرفية للصياغة وصناعة المجوهرات في دمشق"، من أجل البحث عن حلول للتغطية على نقص المعروض في الأسواق التي تسجل زيادة في الطلب على الذهب كوسيلة للادخار، خصوصاً في ظل الاضطرابات والظروف غير المستقرة التي تشهدها المنطقة.
وفي ظل فقدان الليرات الذهبية والأونصات، لم تجد الجمعية التابعة للنظام وسيلة إلا انتقاد ما وصفته بـ"السلوك الشرائي الخاطئ" للمستهلكين، والتحذير من التعرض للاستغلال من قبل "ضعاف النفوس".
وفي اعتراف من الجمعية بأن مهنة الصياغة في سوريا التي كانت تحظى بسمعة كبيرة، تواجه الاندثار، قالت: " لا يوجد إلا ورشة واحدة لصياغة الليرات والأونصات، ولا تستطيع تغطيه كامل الطلب في البلد".
ونصحت الجمعية بشراء قطع ذهبية ذات إيجار أقل من صياغة الليرات والأونصات، وقالت: "إن صياغة غرام الليرة الذهبية 50 ألف ليرة سورية، في حين يوجد قطع ذهبية تفيد في الاكتناز والزينة وصياغة غرامها 20 ألف ليرة سورية، مثل الجنازير والأساور".
ويقول أحد الصاغة في سوق التلل، بمدينة حلب، لـ"المدن"، إن صناعة الذهب في سوريا تواجه تحديات عديدة، أشدّها ارتفاع أجور الصياغة بسبب نقص اليد الماهرة، وقلة الورشات، مبيناً أن "تكلفة صياغة غرام الذهب لا تقل في الوقت الحالي عن 100 ألف ليرة سورية".
وبخصوص الليرات والأونصات، أكد أن السوق تعاني بشكل كبير من قلة هذه القطع، مرجعاً ذلك إلى "هجرة الورشات الكبيرة، وإلى الصعوبات التي تواجهها المتبقية منها في سوريا، في سبيل تأمين كميات كافية لسك الليرات والأونصات".
رفع السعر للتحوط
وأكد الصائغ أن صاغة الذهب يرفعون السعر للتحوط، للحد من الخسائر الناجمة عن ارتفاع الذهب بشكل مستمر، واحتمال هبوط سعر صرف الليرة، مشيراً إلى "زيادة الطلب على الليرات والأونصات وغيرها من المصوغات".
ويقول الباحث والخبير الاقتصادي يحيى السيد عمر لـ"المدن"، إن واقع سوق الذهب الدولي من حيث ارتفاع الأسعار المستمر، ينسحب بالضرورة على سوريا، وتحديداً مناطق سيطرة النظام، لكن مع اختلاف في بعض الجوانب، لافتاً إلى أن الطلب على الليرات الذهبية والأونصات يعدّ مرتفعاً مقارنة بالذهب المُصاغ، لأسباب منها أن الذهب المصاغ (ذهب الحلي)، قد يتعرض للغش بشكل أو بآخر، بينما الليرات الذهبية والأونصات تكون ممهورة بخاتم الورش ومعتمدة رسمياً، وهذا ما أدى لارتفاع الطلب عليها وفقدانها من السوق.
يضاف إلى ذلك، أن بعض أصحاب النفوذ يقومون بشراء الليرات الذهبية من المشغل مباشرة، ما يعزز من شحها في السوق، كما يؤكد لـ"المدن".
الأتاوات ترهق الصاغة
ويُلزم النظام تجار الذهب بدفع رسوم مالية عن المبيعات بشكل شهري، بقيمة 4 في المئة، الأمر الذي يدفع الصاغة إلى البيع بدون فاتورة، وبسعر أعلى من السعر الذي تحدده الجمعية.
ويشكك الصائغ الحلبي بأجور الصياغة التي تتحدث عنها الجمعية، قائلاً: "الجمعية ادعت أن سعر صياغة غرام الجنازير 30 ألف ليرة سورية، وهذا السعر غير حقيقي، وهو عند 125 ألف ليرة سورية للغرام بشكل وسطي".
ويؤكد الباحث الاقتصادي رضوان الدبس لـ"المدن"، أن "الضرائب والتشديد المالي على تجار الذهب، أدى إلى نقص العاملين في تجارة الذهب"، ملمحاً إلى أن "تحذير الجمعية من الغش، يأتي في سياق تخويف المستهلكين من شراء الذهب دون فواتير، حيث تخطط الجمعية لقطع الطريق على الصاغة الذين يحاولون التهرب من دفع الضرائب والرسوم المرتفعة".
من جانب آخر، يلفت الدبس إلى نقص الذهب في سوريا، رغم إعفاء النظام السوري الذهب المستورد من الرسوم والضرائب، قائلاً إن "حال صناعة الذهب ليس أفضل من حال الصناعات المحلية في سوريا التي تواجه خطر الاندثار".