أشاع فوز مرشح الحزب الجمهوري الأميركي دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية، أجواء تفاؤلية في أوساط المعارضة السورية، خصوصاً لجهة تزامن النتائج مع أنباء كشفتها صحيفة "واشنطن بوست" حول تنسيق بين إسرائيل وإدارة جو بايدن الديمقراطية، بالتعاون مع النظام السوري، لغرض تحجيم النفوذ الإيراني في سوريا.
وفور ظهور البيانات الأولية التي تكشف عن فوز "تاريخي" حققه ترامب على منافسته الديمقراطية كاملا هاريس، هنأت شخصيات من المعارضة السورية ترامب. وبعد تهنئة ترامب، أعرب رئيس الائتلاف الوطني السوري هادي البحرة، عن أمله في أن تكون سياسات الإدارة الأميركية "أكثر إيجابية وفاعلية للدفع بالعملية السياسية في سوريا لتحقيق تطلعات الشعب السوري"، مضيفاً: "نتمنى له النجاح في تحقيق برنامجه ووعوده الانتخابية لوقف الحروب وتحقيق السلام المستدام في العالم، لا سيما في الشرق الأوسط".ويسود اعتقاد لدى طيف واسع من المعارضة أن الحزب الجمهوري ينتهج نهجاً أكثر تشدداً في التعامل مع النظام السوري، على خلاف الإدارة الديمقراطية التي تساهلت في ملفات التطبيع مع النظام السوري، والعقوبات عليه، وهو ما أكد عليه مسؤول التخطيط السياسي في "التحالف الأميركي من أجل سوريا" محمد علاء غانم، الذي أكد لـ"المدن" أن البيت الأبيض في ظل إدارة بايدن الديمقراطية، سمح للدول العربية بأن تطبع علاقاتها مع النظام السوري، وأعطى الضوء الأخضر للاتحاد الأوروبي أيضاً.خطر وأملوتنظر المعارضة بـ"إيجابية" إلى بعض القرارات التي اتخذها دونالد ترامب في ولايته الرئاسية السابقة بخصوص سوريا، ومنها تمرير قانون عقوبات "قيصر"، وإعطاء الأمر بقصف "مطار الشعيرات"، وكذلك وصفه لرئيس النظام بشار الأسد بـ"الحيوان".مع ذلك، فإنه "من الصعب" التكهن بشكل سياسة ترامب في سوريا، رغم التجربة السابقة معه أثناء فترة رئاسته السابقة، وفق غانم، مفسراً ذلك بـ"اختلاف الظروف الحالية" وبـ"وجود شخصيات في حملة ترامب الرئاسية على علاقة جيدة مع بشار الأسد"، مثل عضو الكونغرس السابق تولسي غابارد، التي زارت دمشق في العام 2017.ورغم "الخطر" الذي يشكله وجود أمثال غابارد في حملة ترامب، يؤكد مسؤول السياسيات في التحالف الأميركي، أن الأمل يبقى أكبر مع إدارة ترامب، وقال: "مع إدارة ترامب هناك فسحة للعمل أمام المعارضة السورية، بعكس إدارة هاريس الديمقراطية التي لو فازت لكانت ذهبت أكثر إلى التعاون مع الأسد".ومهما كان شكل سياسة إدارة ترامب للملف السوري، يرى غانم أن "الفترة المقبلة تحتاج إلى عمل جاد من السوريين في أميركا، والأهم من ذلك يجب أن تبقى المنظمات السورية العاملة في الولايات المتحدة على الحياد الحزبي".حضور باهتفي المقابل، تصف مصادر حضور الملف السوري على أولويات الإدارة الأميركية بـ"الباهت" رغم تعاقب الإدارات، موضحة أن "التعاطي الأميركي مع الملف السوري يُختصر بالشق الإنساني".ويقلل الأكاديمي والسياسي السوري صالح مبارك المقيم في أميركا في حديثه لـ"المدن"، من الفروقات في السياسة الأميركية في سوريا، مع فوز ترامب، ويقول: "لا أرى أي تحمس من كل الإدارات الرئاسية الأميركية لحل الملف السوري". ويُحمل مبارك بعض المسؤولية عن ذلك إلى السوريين أنفسهم، ويقول: "على سبيل المثال لم تُقدم المعارضة في مناطق سيطرتها نموذجاً يمكن أن يلفت أنظار أميركا أو غيرها". ويتابع الأكاديمي بأن المعارضة السورية بحاجة إلى قيادة موحدة وعلى قدر من المسؤولية، حتى تستطيع حشد الدعم والمساعدة.إيرانويبدو ترامب والحزب الجمهوري ميالاً أكثر من هاريس والحزب الديموقراطي إلى اتباع سياسة صارمة مع إيران حليفة النظام السوري. ومن هنا، يعتقد المستشار السابق في وزارة الخارجية الأميركية حازم الغبرا، أن إيران اليوم تخسر، وبالتالي الضغط الأميركي عليها سيزداد أكثر، مع قدوم ترامب. لكن، الأهم من ذلك، هي كيفية توظيف التغييرات من قبل السوريين، بحيث تتماشى مع الرغبة والمصالح الأميركية كما يقول الغبرا، مختتماً بقوله: "من المرجح أن يأتي ترامب بحلول للمشاكل التي عجزت عنها إدارة بايدن في الشرق الأوسط، أو على الأقل بطروح جديدة لها، وهنا تقع المسؤولية على المعارضة السورية، أي عليها أن تطرح رؤيتها لإقناع واشنطن بدعمها".