أوقف جهاز الأمن الداخلي السوري حفل افتتاح مول فينيسيا، في مدينة الدانا بريف إدلب، بسبب الموسيقى الصاخبة والأغان والرقص والاختلاط الذي كان يتضمنه الحفل. وسبق أن أوقف الأمن، مطعم ومقهى أوليو، في ريف إدلب بداية شهر شباط/فبراير الجاري، للأسباب ذاتها، بعد انتشار مقاطع مصورة قيل إنها تتضمن مشاهد "مخلة للآداب العامة" ولا تحترم عادات وتقاليد أهالي المنطقة.
وأصدرت إدارة المول بياناً حول ما جرى في حفل الافتتاح، وقدمت اعتذارها لأهالي المنطقة عن التجاوزات المفترضة. وقالت إن الحفل "تضمن محتوى مخالفاً لتعاليم ديننا وقيمنا". وأضاف البيان، أن ما حدث كان تصرفاً فردياً من قبل مجموعة من الزوار، وقد بذلنا جهدنا لضبط الأوضاع والالتزام بعاداتنا، إلا أن الأعداد الكبيرة حالت دون ذلك، ومع ذلك قمنا فوراً بتدارك الأمر، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكراره مستقبلاً".
وتابع البيان: "نتعهد بعدم السماح بحدوث مثل هذه الأمور مرة أخرى، ونشكر كل من قدم لنا النصح، ونؤكد أننا على أتم الاستعداد للاستماع إلى التوجيه من كل محب وحريص".
مجاراة الشارع
وبخلاف ما أشيع في مواقع التواصل الاجتماعي حول إغلاق المول بالشمع الأحمر، قال أحد العاملين في مقهى قريب من مول فينيسيا، لـ"المدن"، إن دورية الأمن أوقفت برنامج الحفل قبل نهايته بقليل، ولم تأمر بإغلاقه كلياً، وأشار إلى أن المحال التجارية فتحت أبوابها أمام المتسوقين في اليوم التالي، والأمور عادت إلى طبيعتها.
وأضاف أن "الإجراء الذي اتخذه جهاز الأمن في إدلب هو محاولة لإسكات الشارع بعد حملة الانتقادات الشعبية الواسعة التي طالت منظمي الحفل. ويوضح أن إدلب وعموم المنطقة التي كان يطلق عليها اسم "المناطق المحررة" شمال غرب سوريا، تواجه تحديات في الانفتاح على باقي المحافظات السورية، يعود بعضها إلى اختلاف العادات والتقاليد وإلى سمات المجتمع المحافظ التي تشكل قسم كبير منها خلال سنوات الثورة.
حاضنة الثورة
عقب سقوط النظام، تحولت مناطق إدلب إلى وجهة مفضلة للسوريين للسياحة والتسوق، وقسم كبير منهم كانت زيارته فضولية واستكشافية، بعدما راحت بعض مكاتب السياحة تنظم رحلات دورية غير مكلفة إلى المنطقة التي زاد انتعاشها، وواصلت توسعها في بناء مراكز التسوق ومنشآت الترفيه.
وقالت مصادر من إدلب لـ"المدن"، إن الانفتاح على الزوار القادمين من خلفيات ثقافية ودينية متنوعة، تسبب بانقسام بين أهالي مناطق شمال غربي سوريا، فريق يرى أن الزوار أنعشوا المنطقة اقتصادياً، وكانوا سبباً في حفاظ الاف الشباب على فرص عملهم بعد سقوط النظام، لا بل ساهموا في توسع الأعمال التجارية والأسواق، ويرون أن الانتقادات المستمرة من قبل الأهالي وحملات التشويه بحجة عدم احترام الزائرين للعادات والتقاليد ستعود بالضرر الكبير على المنطقة وتجعلها منغلقة على نفسها.
وأضافت المصادر أن "الرافضين للانفتاح يرون أن مناطق الشمال يجب أن تبقى محافظة على عاداتها وتقاليدها، وعلى الزائرين احترامها، وأن تمنع السلطات المحلية الاختلاط في الأسواق والأماكن العامة، وتمنع الحفلات التي تتضمن الموسيقى والرقص احتراماً لدماء شهداء الثورة، ولمئات الآلاف من النازحين الذين لم تنتهي معاناتهم في مخيمات النزوح بسبب الدمار الكبير الذي لحق بمدنهم وبلداتهم ومنعهم من العودة إليها".
برغم انتقال قيادة هيئة تحرير الشام (سابقاً) من إدلب إلى دمشق، إلا أن حاصنتها المحافظة لا تزال موجودة، كما أن جهازها الأمني المنتشر هو من أبناء المنطقة ويتأثر هؤلاء مباشرة بالمزاج العام. وتضم المنطقة أيضاً تيارات وجماعات إسلامية أكثر تشدداً لا تتقبل الانفتاح الحاصل، وتنتقده بشدة.