ذكّر رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أن "في بلدي، تماماً كما في فلسطين، ما زالت هناك أرضٌ محتلة من قبل إسرائيل، وأسرى لبنانيون في سجونها" مؤكداً "نحن لا نتخلى عن أرضنا ولا ننسى أسرانا ولا نتركهم". مؤكداً أنّه "لا سلام من دون تحريرِ آخر شبرٍ من حدودِ أرضِنا، المعترفِ بها دولياً، والموثقة والمُثبتة والمرسّمة أممياً. ولا سلامَ من دون دولةِ فلسطينية".كلام عون جاء في افتتاح أعمال القمة العربية الطارئة التي تستضيفها القاهرة اليوم، إلى جانب حشد من القادة العرب، والمخصصة للبحث في مسألة القضية الفلسطينية وتطوراتها. وكان الرئيس عون وصل إلى مقرّ القمة عند الساعة الثالثة والثلث بعد الظهر، حيث استقبله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.كلمة عونوخلال الجلسة المخصصة للبحث في القضية الفلسطينية، ألقى الرئيس عون كلمةً أكّد فيها تمسّك لبنان بأرضه وأسراه، ودعمَه الحقَّ الفلسطيني وشدّد عون أنّ "في بلدي، تماماً كما في فلسطين، ما زالت هناك أرضٌ محتلة من قبل إسرائيل. وأسرى لبنانيون في سجونها. ونحن لا نتخلى عن أرضنا ولا ننسى أسرانا ولا نتركهم". معلنًا أنّه "لا سلام من دون تحريرِ آخر شبرٍ من حدودِ أرضِنا، المعترفِ بها دولياً، والموثقة والمُثبتة والمرسّمة أممياً. ولا سلامَ من دون دولةِ فلسطينية".
وأضاف "لا سلامَ من دون استعادةِ الحقوق المشروعة والكاملة للفلسطينيين. وهو ما تعهدنا به كدولٍ عربية. منذ مبادرةِ بيروتَ للسلام سنة 2002، حتى إعلان الرياض في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي". ولفت الرئيس عون في كلمته إلى أنّ "لبنان علّمني أولاً، أنّ فلسطينَ قضيةُ حق. وأنّ الحقَ يحتاجُ دوماً إلى القوة. وأنّ القوةَ في نضالات الشعوب، هي قوةُ المنطق. وقوةُ الموقف. وقوةُ إقناعِ العالم. وقوةُ حشدِ تأييدِ الرأي العام. وقوةُ موازين القوى الشاملة".
وقال: "علّمني لبنانُ ثانياً، أنّ فلسطينَ قضيةٌ ثالوث: فهي حقٌ فلسطينيٌ وطني. وحقٌ عربيٌ قومي. وحقٌ إنسانيٌ عالمي. وأننا كلما نجحنا في إظهار هذه الأبعاد السامية لفلسطين، كلما نصرْناها وانتصرنا معها. بالمقابل، كلما حجّمناها وقزّمناها، إلى حدودِ قضيةِ فئةٍ أو جهةٍ أو جماعةٍ أو محور... وكلما تركنا فلسطينَ تُزجُّ في أزقةِ صراعاتٍ سلطويةٍ هنا، أو نزاعاتِ نفوذٍ هناك... كلما خسرناها وخسرنا معها".
وأضاف عون "علّمتني حروبُ لبنان أيها الإخوة، أنّ البُعدَ الفلسطيني لقضية فلسطين، يقتضي أن نكون دائماً مع شعبِها. أصلاً وفعلاً . أي أن نكونَ مع خياراته ومع قراراته. مع سلطاتِه الرسمية ومع ممثليه الشرعيين. أنْ نقبلَ ما يقبلُه شعبُها. وأن نرفضَ ما يرفضُه. علمتني حروب الآخرين في لبنان، أنّ البُعدَ العربي لقضية فلسطين، يفرضُ أن نكونَ كلُنا أقوياء، لتكونَ فلسطينُ قوية. فحين تُحتلُ بيروت، أو تُدمّرُ دمشق، أو تُهدّدُ عمّان، أو تئنُّ بغداد، أو تسقطُ صنعاء ... يستحيل لأيٍ كان أن يدّعي، أنّ هذا لنصرة فلسطين. أن تكونَ بلدانُنا العربية قوية، باستقرارِها وازدهارِها، بسلامِها وانفتاحِها، بتطورِها ونموِها، برسالتِها ونموذجيتِها... إنه الطريقُ الأفضلُ لنصرةِ فلسطين".تعافي سوريا واستقلال فلسطينوشدد الرئيس عون على أنّ "سيادة لبنان الكاملة والثابتة، تتحصّن بالتعافي الكامل في سوريا، كما بالاستقلالِ الناجز في فلسطين، الأمر نفسه بالنسبة إلى كل دولة من دولنا، في علاقاتها وتفاعلها مع كل جار عربي، ومع كل منطقتنا العربية"، مضيفًا "أيُ اعتلالٍ لجارٍ عربي، هو اعتلالٌ لكل جيرانه. والعكسُ صحيحٌ".
وأضاف "علّمني لبنان بعد عقودٍ من الصراعات والأزمات والإشكاليات، أن لا صحة لأي تناقض موهوم، أو لنزاع مزعوم، بين هوياتنا الوطنية التاريخية والناجزة، وبين هويتِنا العربية الواحدة والجامعة. بل هي متكاملة متراكمة"، وتابع: "أنا لبنانيٌ مئة بالمئة. وعربيٌ مئة بالمئة. وأفخرُ بالاثنين. وأنتمي وطنياً ورسالياً إلى الاثنين. أما أن تكون فلسطين قضية حقٍ إنساني عالمي، فيقتضي أن نكون منفتحين على العالم كله. لا منعزلين. أصدقاء لقواه الحيّة. متفاعلين مع مراكز القرار فيه. محاورين لها لا محاربين. مؤثرين لا منبوذين. هذا ما علمني إياه لبنان عن فلسطين، وهذا ما أشهد به أمامكم".
وقال: "أشهدُ به، بعدما تعهدتُ أمام شعبي، بعودةِ لبنانَ إلى مكانِه ومكانتِه تحت الشمس. وها أنا هنا بينكم، أجسّدُ العهد. فها هو لبنانُ قد عادَ أولاً إلى شرعيته الميثاقية، التي لي شرفُ تمثيلِها. ها هو الآن، يعودُ ثانياً إلى شرعيتِه العربية، بفضلِكم وبشهادتِكم وبدعمِكم الدائم المشكورِ والمقدّر. ليعودَ معكم ثالثاً إلى الشرعيةِ الدولية الأممية. التي لا غنى ولا بديلَ عنها لحمايتِه وتحصينِه واستعادةِ حقوقِه كاملة".
وتابع: "أيها الإخوة، لقد عانى لبنانُ كثيراً. لكنه تعلّمَ من معاناته. تعلّمَ ألا يكونَ مستباحاً لحروبِ الآخرين. وألا يكونَ مقراً ولا ممراً لسياساتِ النفوذِ الخارجية. ولا مستقَراً لاحتلالاتٍ أو وصاياتٍ أو هيمنات. وألا يسمحَ لبعضِه بالاستقواء بالخارج ضدَ أبناءِ وطنِه. حتى ولو كان هذا الخارجُ صديقاً أو شقيقاً. وألا يسمحَ لبعضِه الآخر، باستعداءِ أيِ صديقٍ أو شقيق. أو إيذائه فعلاً أو حتى قولاً".
وذكر الرئيس عون أنّه "تعلمَ لبنان أنّ مصالحَه الوجودية هي مع محيطِه العربي. وأنّ مصالحَه الحياتية هي مع العالمِ الحرِ كلِه. وأنّ دورَه في منطقته أن يكونَ وطنَ لقاء. لا ساحةَ صراع. وأنّ علةَ وجودِه هي في صيانةِ الحرية، وصياغةِ الحداثة، وصناعةِ الفرح".
وقال: "فرحُ الحياةِ الحرة الكريمة السيدة المزدهرة اليانعة، المنفتحة على كلِ ما هو جمالٌ وحقٌ وخيرٌ وعدلٌ وقيمٌ إنسانية جامعة حيّة"، مضيفًا "اليوم يعودُ لبنانُ إليكم. وهو ينتظرُ عودتَكم جميعاً إليه غداً. فإلى اللقاء. وحتى ذاك لكم من لبنانَ كلُ التحية وكلُ الأُخوّة".لقاء غوتيريشوعلى هامش القمة، عقد الرئيس عون سلسلة لقاءات ثنائية. واستقبل في مقرّ إقامته في فندق توليب بالقاهرة، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على رأس وفد من المنظمة، وجرى استعراضٌ للتطورات الإقليمية وعمل منظمات الأمم المتحدة في لبنان والتحديات التي تواجه القضية الفلسطينية.
وفي هذا السياق، شكر الرئيس عون غوتيريش على "الدعم الذي تقدمه الأمم المتحدة لمساعدة لبنان، لاسيما المهمات الكبيرة التي تقوم بها القوات الدولية في الجنوب رغم الصعوبات التي تواجهها"، معتبرًا أن "بقاء الإسرائيليين في عدد من التلال على الأراضي اللبنانية وعدم تمركز الجيش فيها من شأنه أن يعيق تحقيق الاستقرار وتنفيذ القرار الدولي 1701".
من جهته، قال غوتيريش للصحافيين بعد اللقاء: "اغتنمت فرصة اللقاء بالرئيس عون لأؤكد على تضامني العميق مع الشعب اللبناني، وانا سعيد جداً بتشكيل الحكومة الجديدة ونيلها ثقة مجلس النواب، وبالتزام لبنان حالياً سياسة اصلاح فعالة بهدف النهوض باقتصاده ومجتمعه. والمطلوب الآن هو احترام سلامة اراضي لبنان، ولا يجب بقاء أي قوات أجنبية عليها باستثناء قوات اليونيفيل".
أمير قطروأبو الغيطكذلك، وعلى هامش القمة التقى التقى الرئيس عون أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، كما استقبل رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد محمد العليمي، الذي هنّأه بانتخابه، وجرى البحث في العلاقات الثنائية ومعاناة الشعب اليمني وسبل تعزيز التضامن العربي. والتقى أيضًا الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد الذي هنأه بانتخابه وأكد على عمق العلاقات الثنائية، مثنيًا على دور لبنان الإقليمي. وجرى التطرّق للوضع في المنطقة، لا سيما في سوريا وفلسطين، وما يؤمل من قرارات تصدر عن القمة العربية في هذا الصدد. إلى ذلك، التقى الرئيس عون الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، برفقة الأمين العام المساعد حسام زكي، حيث أطلع أبو الغيط رئيس الجمهورية على أجواء المداولات التمهيدية ومشروع البيان الختامي للقمة.
ومن جهته، التقى وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي نظيره السوري أسعد شيباني، وبحث معه العلاقات اللبنانية-السورية.