تصدرت الكاتبة والناشطة السورية المعارضة هنادي زحلوط اهتمام السوريين خلال موجة العنف شهدتها مدن الساحل السوري مؤخراً.
زحلوط المعروفة بلقب "بنت الثورة"، نعت إخوتها الثلاثة، أحمد وعلي وعبد المحسن زحلوط، الذين أعدموا بعد اقتيادهم من منازلهم في قرية "صنوبر" جبلة.
واتهمت الكاتبة، فصيل سليمان شاه (العمشات)، بالمسؤولية عن مقتل إخوتها وعدد من رجال القرية. وبعد ذلك، اتصل بها الرئيس السوري أحمد الشرع، وقدم لها العزاء، والوعود بمحاسبة الفاعلين.
"المدن" أجرت مقابلة عبر الهاتف، مع زحلوط المقيمة في فرنسا. وفيما يلي نصها:
أعلنت وزارة الدفاع عن انتهاء العمليات العسكرية في الساحل بعد موجة عنف "غير مسبوقة" منذ سقوط النظام، هل سيصمد الاستقرار النسبي طويلاً في الساحل؟
المشهد الطائفي في الساحل من الهشاشة بمكان، ولا يمكن حجب الشمس بغربال. العنف خلفت الكثير من الجروح، ومع ذلك نأمل أن يدوم الاستقرار طويلاً، وأن تكون هذه المدة كافية لوضع أسس أولية لبناء الدولة.
العنف نكأ الجرح الطائفي في سوريا، وترميمها يحتاج الوقت، والعمل الطويل، نحن بحاجة إلى إعادة إنتاج خطاب مواطنة لكل السوريين، والأهم أن كل ذلك يتطلب إجراءات ثقة.
الرئيس السوري أحمد الشرع، أعلن عن تشكيل لجنة تحقيق "مستقلة" لتقصي الحقائق في الساحل السوري، ولجنة عليا للحفاظ على السلم الأهلي، هل يمكن إدراج الخطوات هذه في إطار "إجراءات الثقة" التي طالبت بها، وهل هي كافية؟
يجب التمسك بها، لأنها لا زالت في إطار الوعود، ولا بد من معرفة نتائجها للحكم عليها. ويجب انتظار النتائج التي ستصدر عن لجنة التحقيق، ومعرفة الظروف التي ستعمل بها اللجنة وهل ستتمتع بالشفافية، وبعد ذلك يجب معرفة قناعة أهالي الضحايا بالنتائج، لأنهم هم من سيحكمون على عمل اللجنة.
من حيث المبدأ هل تعتقدين أن الإجراءات هذه كافية، وأنت من موقع أهالي الضحايا؟
مبدئياً، أنا أرى أنها كافية، خصوصاً أن حكومة دمشق قد أعلنت عن وقف العمليات العسكرية، وهذا سيساعد اللجنة، لأن أي تحقيق في قضية ما يستوجب اكتمالها، بمعنى أنه يجب وقف الانتهاكات حتى يتم التحقيق فيها، لذلك من الواجب اليوم على الدولة أن تبسط سيطرتها على المنطقة كاملة وأن تنتهي من ملاحقة الفلول، حتى تبدأ اللجنة بعملها.
من يتحمل مسؤولية الأحداث الدامية بالدرجة الأولى؟
المسؤولية عن مقتل إخوتي الثلاثة يتحملها فصيل سليمان شاه (العمشات)، لأن المعلومات موجودة لدى الأمن العام الذي بات يعلم الفصيل الذي اقتحم بيت العائلة وارتكب المجازر في قرية صنوبر جبلة، في ريف اللاذقية.
أما مسؤولية الأحداث الدامية، تتحملها فلول النظام، حيث كانت الأخيرة السبب لوقوع هذه الأحداث، ولكن كان الجو العام في الساحل غير منضبط، وكانت تصرفات بعض الفصائل غير معقولة وغير مقبولة. وبالتالي نأمل الانتهاء من وجود هذه الفصائل، وأن يكون هناك جسد عسكري حقيقي لعدم تكرار هذه الأحداث.
بعد ما جرى، كناشطة سورية ومدافعة عن حقوق الإنسان، هل تخشين على سوريا من سيناريو التقسيم؟
رغم الأحداث الدامية والنعرات الطائفية، لا أعتقد أن سوريا ذاهبة نحو التقسيم، عاشت سوريا الكثير من الأحداث ذات اللون الطائفي، ومع ذلك تجاوزتها، وبقيت موحدة.
سوريا البلد المختلطة والمتداخلة طائفياً بشكل معقد، لا تحتمل التقسيم، وليست مجهزة لهذا السيناريو، لذلك ليس هناك أي مخاوف، نحن كسوريين "مالنا غير بعض".
لكنك، أشرت في بداية المقابلة إلى "جروح طائفية يصعب ترميمها"!
حصلت خلال الثورة العديد من الصدمات الطائفية، واستطاعت سوريا تجاوزها. لو نظرنا إلى المرحلة التي تلت إسقاط النظام، سنخرج بحقيقة مفادها أن السوريين على استعداد للتعايش، في ظل حماية معقولة. وعليه، نعم نحتاج إلى الوقت للترميم، لكن لا خوف من التقسيم.
في الساحل نشهد دعوات لحماية دولية للطائفة العلوية، أو وصاية البعض يطلبها روسية، مع أو ضد؟
طبعاً أنا ضد، لا نحتاج في سوريا لوصاية أو حماية أحد، لدينا من الروابط والتاريخ والقيم ما يكفي لحماية بعضنا، ما نحتاجه هو بعض الوقت حتى نفهم بعضنا، وحتى نضع تصوراتنا للعيش المشترك.
تلقيت اتصالاً من الرئيس أحمد الشرع بعد مقتل أفراد عائلتك، ماذا جرى خلال الاتصال، وبماذا وعدك الشرع؟
الرسالة الأهم في الاتصال هي الرمزية، أي الرئيس اتصل بواحدة من عائلات الضحايا.
في الاتصال، قدم الرئيس واجب العزاء لعائلتي وكل عائلات الضحايا، وأكد خلال الاتصال على محاسبة الفاعلين. رغم الألم، كان الاتصال إيجابياً، وأنا على قناعة أن الوقت الآن هو يجب أن يوجه نحو لملمة جراح كل السوريين.
المهم الآن هو وقف إطلاق النار، حتى يتمكن الأهالي من دفن الضحايا، وبعد ذلك نستطيع نحن أهالي الضحايا تأسيس رابطة تدعم لجان التحقيق.
هل ستزورين سوريا قريباً، ربما للمشاركة في "لملمة الجراج"؟
نعم، والأمر متعلق ببعض الأوراق وإجراءات السفر، وأتقدم عبر"المدن" بالتعازي لكل عائلات ضحايا الساحل السوري.