اعتبر الناطق باسم قوات سوريا الديموقراطية، شفان خابوري، في تصريح لجريدة "المدن" أن الاتفاق الذي توصلت إليه الحكومة السورية لدمج قوات سوريا الديموقراطية "قسد" بمؤسسات الدولة، إيجابي، وأكد أن أهم البنود السبعة التي تم الإعلان عنها هو بند وقف إطلاق النار في عموم سوريا وعودة المهاجرين إلى مناطقهم.من جانبه اعتبر الدكتور عبد الباسط سيدا أن هذا الاتفاق يعتبر تاريخياً وهو في الاتجاه الصحيح وأن للأميركيين مصلحة في إخراجه إلى الضوء.ونشرت الرئاسة السورية بياناً أمس السبت، وقّعه الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع وقائد "قسد" مظلوم عبدي، جاء فيه أنه تم الاتفاق على "دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز".خابوري: خطوة لإيقاف مايحدث في الساحلواعتبر خابوري أن هذا الاتفاق، هو خطوة نصر جديدة تضاف إلى تطلعات الشعب السوري، مؤكداً أنه جاء نتيجة جهود مستمرة من قبل قوات سوريا الديموقراطية وحكومة دمشق، توصل فيها الطرفان إلى اتفاقية من سبعة بنود، أهمها وقف إطلاق النار في عموم سوريا وعودة المهاجرين إلى مناطقهم، وهناك بند مهم أيضاً يتحدث عن دستور سوريا المستقبلي، وحقوق الشعب الكردي. وأضاف خابوري "أن الطرفين اتفقا أيضاً على نقاط هامة نستطيع أن نعتبرها نقاط عريضة، وقريباً سوف يتم تشكيل لجان للعمل بتفاصيل هذه البنود، وترجمتها عملياً على الأرض".واعتبر خابوري "أن الحوار المستمر خطوة ضرورية جداً لمنع نشوب أي حرب أهلية أو طائفية في أي منطقة في سوريا، وخطوة لإيقاف التطورات الخطيرة في الساحل السوري، ومناطق أخرى، لأن بند وقف إطلاق النار يشمل جميع المناطق السورية، وبالتالي يجب أن تتوقف جميع الأعمال العسكرية في سوريا".وأكد خابوري أن الاتفاق لم يأتِ على عجل بسبب ارتدادات ما حدث في الساحل السوري، بل "جاء نتيجة مباحثات قديمة بدأت منذ سقوط النظام، والمباحثات والمشاورات كانت مستمرة، لتفضي تلك المشاورات إلى الاتفاق الأخير يوم أمس"."قسد": قوات وطنية سوريةويعتبر بند الاتفاق على وقف إطلاق النار في جميع أنحاء سوريا هو الأهم، فالذي يحدث في الساحل اليوم كما وصفه خابوري "أمر خطير جداً قد يؤدي إلى حرب أهلية أو طائفية، وبالتالي فإن وقف إطلاق النار في الاتفاق الجديد يعني أنه يجب وقف جميع العمليات العسكرية في الساحل السوري وباقي المناطق وعدم تكرار ما حدث في المستقبل القريب".وفي ردّه على سؤال لـ"المدن" حول ارتباط اتفاق أمس بدعوة زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان لوقف الحرب، اعتبر خابوري أن "هذه الدعوة تحمل في طياتها دعوة إلى السلام والعودة إلى طاولة المفاوضات"، وحلّ جميع الأمور العالقة بالطرق السياسية والدبلوماسية، وتلك الخطوة يمكن اعتبارها تاريخية أيضاً، "مع ذلك فإن قوات سوريا الديموقراطية كانت تعتبر نفسها قوات وطنية سورية، وبالتالي فهي شريكة في سوريا، ولابد لها أن تكون نواة الحل لإيقاف جميع العمليات العسكرية والانتقامية".لا نقبل الاملاءاتوفي جوابه على سؤال حول رفع الجانب التركي أي تحفظ على بنود هذا الاتفاق، اعتبر خابوري "أننا كسوريين لا نتلقى إملاءات معينة من أي طرف دولي أو إقليمي"، لأن السوريين عانوا الأمرين عبر سنوات طويلة من الحرب الأهلية التي دارت في سوريا والتي سببت للسوريين مأساة عظيمة، وبالتالي "أي طرف سوري يجب أن يفكر بعقلية المواطنة، وعقلية الدستور السوري الديمقراطي، الذي يضمن لجميع المكونات السورية وطوائفها، حقوقهم ضمن دستور سوري جامع ديمقراطي وموحد".وعن توقعه بأن ينتج عن هذا الاتفاق، اتفاقات مماثلة في كل من درعا والسويداء، اعتبر خابوري أن هذا الاتفاق هو ضمانة لجميع السوريين، وتمنى أن يصل جميع السوريين لاتفاق حقيقي، ودعا إلى مشاركة السوريين في كتابة دستور سوريا المستقبلي الذي يحتاج إلى وقت وعمل حثيث ومراحل مختلفة، مضيفاً أنه ليس من السهل الإعلان عن دستور للبلاد من جانب واحد.واعتبر أن عودة الكهرباء إلى دمشق وغيرها في وقت قريب سيحتاج إلى لجان مختصة بهذا الشأن، لإزالة جميع العوائق التي تحول دون وصول الكهرباء إلى كافة المحافظات السورية، ومن بين هذه العوائق عدم وصول النفط من الآبار في شمال شرق سوريا.عبد الباسط سيدا: نهاية ستة عقود من اضطهاد البعثمن جهته اعتبر د. عبد الباسط سيدا، الأكاديمي ورئيس المجلس الوطني السوري الأسبق، أن هذا الاتفاق تاريخي بالنسبة للسوريين جميعاً، خصوصاً للأكراد الذين عانوا كثيراً من سياسة الاضطهاد الذي مارسه نظام البعث عليهم منذ ستة عقود، والحرمان من الحقوق القومية المشروعة بالإضافة إلى مجموعة من الإجراءات التمييزية، منها الإحصاء والحزام والقوانين الاستثنائية. وبقاء مناطقهم عرضة للإهمال والنهب وغير ذلك.هذا الاتفاق يمثل خطوة صحيحة في الاتجاه الصحيح من دون شك، بحسب سيدا، وهذا الاتفاق الإطاري سيتعرض من حين لأخر لبعض الخلافات، لذلك يحرص الاتفاق على وجود آلية لحلها.فالسوريون بحسب اعتقاد الدكتور سيدا بحاجة إلى ثلاث مسائل أساسية حتى يستعيدوا الثقة المتبادلة فيما بينهم، أول هذه الأشياء، لابد من إزالة الهواجس بعقود مكتوبة ضمن عقد اجتماعي ودستور، أما الأمر الثاني، "لا بد من إجراءات ثقة بخطوات عملية على الأرض" أما الخطوة الثالثة، "فتتمثل في الاتفاق على آلية لحل الخلافات بالطرق السلمية والحوارية والتفاوضية والقطع نهائياً مع أساليب العنف بمختلف أشكاله"، لذلك استقبل السوريون في كل مكان وخاصة المناطق ذات الأكثرية الكردية، الاتفاق بفرح غامر. ويتوزع الأكراد السوريون على تكتلين أساسيين هما المجلس الوطني الكردي و"قسد" بالإضافة أحزاب أخرى لاتنتمي إلى هذا التكتل أو ذاك، لذلك فالأضمن "أن يشترك الأكراد جميعا في الحوارات المستقبلية الخاصة بتطبيق هذه الاتفاقات مع حكومة دمشق لأنه كلما كانت المشاركة أوسع، سنتمكن من تجاوز العقبات وبالتالي سيشعر الجميع بأنهم داخل المشروع الوطني السوري الذي انتظرناه جميعا بفارغ الصبر.الأميركيون مع الاتفاقوكشف سيدا لـ"المدن"، أن "هذا الاتفاق جاء بعد لقاءات بين مظلوم عبدي و الرئيس الشرع إلى جانب لقاءات مختلفة ضمن لجان مختلفة. وأن الجانب الأميركي هو الآخر كان من أنصار الوصول إلى هذا الاتفاق لأن سوريا المستقرة ستكون لصالح المنطقة بأسرها."ولفت الدكتور سيدا أن الأحداث المؤسفة والمأساوية التي جرت في منطقة الساحل في الأيام الماضية، لا بد أن تعالج ولا بد أن يتم التحقيق فيها، لأن هناك عدداً كبيراً من الضحايا من الطرفين، خاصة المدنيين، الأمر الذي كان ينذر بكوارث.وعبر سيدا عن أمله بأن لجنة التحقيق التي وضعها الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع ستصل "إلى نتائج بكل استقلالية وشفافية لأن الوضع يستوجب الوصول الى حقائق وراء ما حدث فعلاً وعلاجها أمام الرأي العام السوري وبالتالي جلب المسؤولين عن هذه المجازر للمحاكم لينالوا جزاءهم العادل".وشدد د. سيدا على أن "هذا الأمر يدخل ضمن إطار خطوات بناء الثقة، لأنه من دون ذلك ستكون هناك مشكلة، وسيكون هناك شعور بأن ما جرى في الساحل، ربما أتى بتوجيه من بعض الجهات هنا وهناك، لكن حينما نكشف عن المسائل بدقة وكما حدثت فعلاً، حينئذ سنبين للجميع أن السلطة أو الإدارة في دمشق على مسافة واحدة من سائر السوريين من دون أي تمييز أو استثناء، بناء على الانتماءات المجتمعية. وأمل السيد سيدا أن تكون آثار هذا الاتفاق إيجابية على المجتمع السوري بشكل عام، سواء في الجنوب في السويداء ودرعا وفي الغرب في محافظتي اللاذقية وطرطوس وبالتالي أن يكون هذا الاتفاق رداً على أولئك الذين كانوا يبشرون بتقسيم سوريا، فسوريا بطبيعتها لاتقبل القسمة، وكل ما هناك أننا بحاجة إلى تأسيس دولة تقوم بكل السوريين ولكل السوريين. الاتفاق فرصة لأهل السويداءودعا الدكتور سيدا أهل السويداء إلى "الاستفادة من هذه الفرصة التاريخية، رغم اختلاف الرأي هناك، لتكون تبعات هذا الاتفاق الإطاري، إيجابية في السويداء ضمن إطار الخصوصية التي يتمتع بها أهلها"، مشيراً إلى أنه يمكن التوافق مع الإدارة المركزية في دمشق على "توحيد الجهود من أجل ترميم النسيج المجتمعي السوري الذي يحتاج إلى بناءٍ قبل العمران، لننتقل فيما بعد إلى المرحلة المستقبلية التي ستواجه تحديات كبرى، لكن عندما نعمل سوية ضمن فريق عمل جماعي ستكون مواجهة هذه التحديات عملية أسهل وأقل ضرراً في جميع الأحوال".أما بالنسبة للحكومة الانتقالية المقبلة فربما تأتي حسبما يقول د. سيدا، "تحت مسمى حكومة وطنية أو حكومة تكنوقراط في إطار وطني، وأن تمثل سائر المكونات المجتمعية السورية، دون أن تكون هناك عملية محاصصة،" مع الإنتباه، بحسب سيدا، إلى أن تجربة هكذا حكومات لم تكن مشجعة في لبنان والعراق لكن لابد أن تكون كل الأطراف مشاركة بطريقة أو بأخرى، لكي يكون الجميع ممثلين في الحكومة المنتظرة.وختم الدكتور سيدا بقوله: "ما زلنا في بداية الطريق، لكن ما دامت هذه الإرادة موجودة سنستطيع أن نبني عليها ونتقدم في سبيل مصلحة كل السوريين من دون استثناء".