بالتزامن مع الذكرى الـ14 لانطلاقة الثورة السورية ضدام نظام آل الأسد و"البعث" والأبد المتغوّل، وبُعَيد سقوط هذا النظام وفرار رأسه وزبائنيته، تُصدر جريدة "المدن" الالكترونية ملحقاً تذكارياً ورقياً خاصاً، بدأ توزيعه في دمشق وبيروت، لدى الباعة وفي المكتبات وعلى نواصي الأرصفة المحررة الآن من كابوس قديم، وفي المقاهي حيث تعود حيوية اللقاءات والنشاطات السورية واللبنانية، وأمام بوابات الجامعات والمراكز التعليمية والثقافية، إضافة إلى المقرات الحكومية ووسائل الإعلام.
ويُفتتح العدد بحوار معمق وشامل مع المفكر العربي والمدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، د.عزمي بشارة، الذي دعم الثورة السورية منذ يومها الأول، بل يمكن وصفه بأنه شريك في لحظة انتصار السوريين، وفي هذا المسار التاريخي، ومعني بالكثير من المواقف الهادفة إلى تحصين أهداف الثورة. وفي المقابلة التي أجرتها معه "المدن"، قراءة في سقوط النظام الأسدي وانهياره، واستشراف آفاق المرحلة المقبلة في هذه اللحظة التأسيسية من تاريخ سوريا والمنطقة.ولأن سقوط النظام الأسدي ليس مناسبة سورية فحسب، بل لبنانية وفلسطينية بالقدر ذاته، جمعت "المدن" كتّاباً وكاتبات لبنانيين وسوريين وفلسطينيين، من أسرتها الصحافية ومن خارجها، لتحيط بهذا الحدث التاريخي والمفصلي الذي يمسّ منطقة المشرق بأسرها، للعودة إلى الماضي وعَيش اللحظة واستنباط المُنتظر والموعود. وجاء تقديم "المدن" للملحق الخاص تحت عنوان "لماذا هذا العدد التذكاري؟":في ذاك الفجر الشتائي والنقي الضوء، استفاق المشرق العربي على تنهدات ملايين السوريين وشهقاتهم، المليئة بدموع المعجزة وصرخات عدم التصديق.8 كانون الأول/ديسمبر 2024 ، رديف الحلم والحقيقة الجديدة. الإسم الثاني للحرية، المرغوبة والمخيفة في آن معاً. بل أيضاً رديف البداية الساحرة والصعبة. في سوريا كما في لبنان، سقطت الأسدية البربرية وأشباهها. تمزقت شبكة العنكبوت السامة لمنظومة التوحش والكراهية والخوف. أي إنجاز تاريخي مدوّخ هذا؟ وعود مؤجلة ومعتقلة، وعود ممنوعة ومنفية.. باتت ممكنة. في دمشق، الخياليُ يسيل على أرض الواقع ويغمره. انتهى الاستبداد. في بيروت، الأحلام الموؤدة تنبعث حية. انتهت الهيمنة. بلدان وشعبان أمام فرصة نادرة، لتكن آخر الحروب، ليكن آخر قهر.تأسست «المدن» عام 2012 ، لسبب أول هو مواكبة الربيع العربي والانحياز إليه، إعلامياً وثقافياً وفكرياً. وبالأخص دعم الثورة السورية وتوفير المنصة الرحبة لقواها المدنية والسياسية، ولأصواتها وأفكارها. كما كانت ولا تزال الجريدة المفتوحة للاعتراض المدني والديموقراطي اللبناني ولانتفاضاته. ويمكن القول إن علّة وجود «المدن» هي للوصول إلى هذه اللحظة المستحيلة.هذا العدد الخاص، التذكاري، أردناه ورقياً كوثيقة حميمة، وكاحتفال ملموس وعياني باللغة الجديدة والأحلام المتفتّحة للتو. عدد كتبه سوريون ولبنانيون وفلسطينيون، مثقفون وناشطون كانوا معاً على الدوام في لحظات الأمل واليأس، من أجل حرية بلدين وشعبين، من أجل مشرق عربي ينتظر ولادة دولة فلسطين، تحقيقاً للعدالة التاريخية، وتكريساً للسلم والازدهار.