كان يمكن لنواف سلام ان يعتمد خيار السهولة وتعطيل تعيين كريم سعيد بمجرد التغيب عن الجلسة، إذ لا ينعقد مجلس الوزراء من دونه، لكنه اختار منطق الدولة. احتكم إلى الدستور: فنّد ملاحظاته على سعيد وذكّره بموجباته وفي طليعتها الالتزام بسياسة الدولة والبيان الوزراي، ثم خضع لقرار الأكثرية. لم يقاطع، لم يعتكف، لم يستقل كما كان يتمنى اركان المنظومة.
الكرة الآن في ملعب الحاكم، الذي كان يرغب الكثيرون، وعن حق، ان يكون من خارج النظام المصرفي ومن طينة الياس سركيس وإدمون نعيم. ما يدفع الآن إلى التفاؤل ان كريم سعيد، سليل العائلة الدستورية-الشهابية وابن المرحومين انطون ونهاد وشقيق الصديق فارس، المشهود لهم جميعاً بوطنيّتهم، معروف هو ايضاً بالكفاءة والعصامية ونظافة الكف بشهادة كل من يعرفه عن قرب. هذا يؤكد ان ليس كل مصرفي سارق او فاسد وهي وصمة باتت للأسف لصيقة بالنظام المصرفي في لبنان. أمام كريم سعيد اليوم تحدي تصحيح هذه الصورة وحماية حقوق المودعين وإصلاح المصارف، وهو شرط أساسي لنهوض لبنان.تنويه لا بد منه بالوزير جوعيسى الخوري الذي ساهم بفاعلية بترتيب المخرج الدستوري عبر تغليب الحوار البناء بدل الصدام والمواجهة.تنويه ايضاً بالوزيرين الحكيمين طارق متري وغسان سلامة اللذين حال موقفهما المبدئي دون حصول شرخ طائفي في التصويت، والوزير فادي مكي الذي اثبت استقلاليته وصوابية اختياره للمقعد الشيعي الخامس، فضلاً عن الوزراء عامر البساط وحنين السيد وريما كرامي.جلسة الأمس كانت أمثولة في الديموقراطية وحل الخلافات عبر الحوار والاحتكام إلى الدستور، وتشكل حجر الزاوية لما يأمله اللبنانيون من عهد الرئيس جوزاف عون.