دخلت تجربة الهُدنة في يومها الثاني وسط استمرار الحذَر من السلوك الإسرائيلي الذي عكسَ خوفه بمنع الإحتفالل بتحرير الأسرى الفلسطينيين المحررين. وفي وقت ينصرف كلٌ من إسرائيل والفصائل الفلسطينية المقاومة إلى التفكير باليوم التالي ما بعد الهدنة في ظل شبح العدوانية الإسرائيلية، عكست تصريحات القوى الدولية والعربية سعياً لتمديد الهدنة الإنسانية. وقد أبدى الرئيس الأميركي جو بايدن أمله بتمديد الهدنة، داعياً العالم العربي والمنطقة لممارسة ضغوط على جميع الأطراف".
إلى ذلك، برز توترٌ فلسطيني إزاء التعاطي مع ملف الأسرى، مع إعلان رئيس هيئة الأسرى والمحررين الفلسطينية قدورة فارس، أنّ "هناك استياء كبيراً لدى المقاومة الفلسطينية من التلاعب بلوائح الأسرى"، وتأكيده أنّ "إسرائيل لم تلتزم اليوم بالإفراج عن الأسرى حسب معيار الأقدمية". هذا وقد كشفت وسائل إعلام إسرائيلية متعددة عن المعاملة الجيدة التي تلقاها الأسرى لدى "حماس" من دون تعرضهم للعنف أو الأذية.
أما في جنوب لبنان، فلم تسرِ الهدنة في شكل كامل، وتم خرق الهدوء باشتباكات محدودة. وتحدثت إسرائيل عن اعتراض صاروخ من لبنان، في الوقت الذي واصل فيه جيشها الإعتداء على المواطنين اللبنانيين وإطلاق النار على مجموعة منهم في وادي هونين وفي الوزاني.
على خط آخر، تعود الحيوية إلى السياسة اللبنانية الداخلية التي تراجعت إلى المقعد الخلفي بعد اندلاع حرب تشرين الفلسطينية". ذلك أن الوقت المستقطع إقليمياً ولبنانياً، دفع بفرنسا إلى إعادة تزخيم محركاتها السياسية وإيفاد جان إيف لودريان مجدداً إلى لبنان، ساعياً إلى إحياء مسار التفاوض السياسي حول السلة المتكاملة التي يكمن مفتاحها في انتخاب رئيسٍ للجمهورية. وتتقاطع هذه المساعي الفرنسية مع نوايا الطرف الوسيط الآخر في اللجنة الخماسية المتمثل بقطر، والتي أبدت نواياها بحراك جديد استطلاعي لآفاق التحاور والتسوية.
على أن هذه النيات الإقليمية والدولية، تُواجه ب"تضخم" جديد في الأزمة السياسية اللبنانية في ظل استفحال الصراع حول التعامل مع انتهاء ولاية العماد جوزف عون، مع كل الأبعاد الرئاسية والقانونية والدستورية لهذا التجاذب. ومن الواضح أن هناك اتجاهاً عاماً ضمنياً، يرمي إلى مزيد من تأجيل "كرة النار" هذه، نظراً للتداعيات الحارقة لأي "خطوة ناقصة" دستورياً وقانونياً وسياسياً.