تحولت هدنة الأيام الأربعة إلى منطلق يمكن أن تبني عليه القوى الدولية والإقليمية، من أجل رسم صورة مختلفة عن الحرب المدمرة. فالمأزق في حكومة الحرب الإسرائيلية عميق، على الرغم من الإندفاع في المجازر. إن تقدمت إسرائيل عسكرياً، ستبقى تواجه المزيد من المقاومة والخسائر. وإن تراجعت، فإنَّ الحراب الداخلية تنتظر بنيامين نتنياهو من كلّ حدبِ وصوب. هنا، تتوسّع الولايات المتحدة في استخدامِ نفوذها لتمديد الهدنة أو تجديدها، في موازاة ارتفاع الأصوات الغربية ضد عبثية إسرائيل في أفظع المجازر المرتكبة منذ الحرب العالمية الثانية.
وقد ارتفعت اليوم نسبة المساعي والتفاؤل بتمديد الهدنة يومين إضافيين، مع الترتيبات نفسها لجهة الإفراج عن الأسرى ودخول المساعدات الإنسانية. وعملياً، تسرّب من المسؤولين الإسرائيليين نية الموافقة على يوم إضافي من الهدنة مقابل كل عشرة أسرى إضافيين يتم إطلاق سراحهم، في مقابل سعي "حماس" لتوسيع الهدنة إلى أربعة أيام إضافية. لكن كل ذلك لا يحول دون استمرار الحذَر من الحسابات الإسرائيلية، ومن ضبابية الأفق السياسي والحلول للقضية الفلسطينية، سواء استؤنفت الحرب مجدّداً أم هدأت تحت رماد القصف والحرب.
في هذا الوقت، ينصرف لبنان لمحاولة التفكير في معالجة أزماته السياسية والمالية المزمنة. ذلك أن التحركات الفرنسية والقطرية، من شأنها أن تعيدَ فتح أزمة الرئاسة، على نارِ الصراع حول التمديد للعماد جوزف عون كعامل رئاسيٍ ضاغط في الأزمة. وواضحٌ، أن القوى السياسية اللبنانية المتريثة في حسم موقفها، تمارس السلوك نفسه لجهة التأجيل والرهان على الوقت لاستيلاد حلول، وهذا ما يضاعف من حدة الأزمة.
وفي المقابل، يقف التيار الوطني الحر في مواجهة انتهاك الدستور وتحويل قيادة الجيش ورقة سياسية داخلية، يستخدمها فريقٌ من الساعين إلى أدوار مفقودة. وما يعزّز موقف "التيار"، هو وضوح الدستور والقوانين والإجتهادات كلها، التي تكرِّس موقع وزير الدفاع من منطلق ما يمثّله الوزراء من بُعدٍ وطني وميثاقي جهرَ به الطائفُ نفسه. ومن شأن هذا الوضوح أن يضغطَ على خيار التمديد، ويجعله عارياً من الدعم الدستوري والقانوني، ولطخةً في سجل المروجين له.