كل التوتر والتصعيد في الجنوب، مع موجة الإغتيالات الممنهجَة، تشير إلى وصول لبنان إلى شفير هاوية الحرب. وما يزيد من خطورتها، الأزمة البنيوية التي يواجهها رئيس حكومة الحرب ووارث إيديولوجية مؤسسي الفكر الصهيوني التوسّعي، في الداخل مع تصاعد الإعتراضات في الشارع وداخل الحكومة. وفي مقابل هذه المخاطر، تبرز ضوابط العقلانية الأميركية في محاولة كبح جماح جنون نتنياهو، فضلاً عن معادلة الردع لدى حزب الله والتي تجعل من حرب غزة تبدو أشبه كنزهةٍ أمام احتمال الحرب في الجنوب، خاصة في ظل التهديد التي تشكله الصواريخ على شمال فلسطين المحتلة، لا بل غالبية مساحة فلسطين.
على أن نتنياهو، يواجه تفككاً في الداخل الحكومي، لا بل توترٍ غير مسبوق في العلاقة مع وزرائه. فإضافة إلى احتجاجات الشارع المتواصلة والتي تجددت مع اقتحام أهالي الرهائن حلسة للكنيست، وبعدما حاول يوآف غالانت اقتحام مكتب نتنياهو في "الكرياه"، أبدى أحد أبرز المتشددين من وزرائه، بتسلائيل سموتريتش، تشكيكاً بالقدرة على شن حرب على جنوب لبنان. كما ان غالانت نفسه أكد أن الحرب على لبنان ستكون قاسية على إسرائيل، في الوقت الذي هدد فيه بن غفير بانسحابه من الحكومة في حال اتخاذ قرار بوقف الحرب.
ميدانياً، شنت الطائرات الإسرائيلية غارات على مارون الراس والخيام عدد من القرى الحدودية، واستهدفت مدفعية الإحتلال حولا وتلة العويضة، أما حزب الله فهاجم موقع أبو دجاج وموقع السماقة. وفي الجانب الإقليمي من المواجهة، كانت الفصائل العراقية تعلن استهداف قاعدة كونيكو الأميركية.
على الخط الداخلي، يستمر ترقب الخارج من قبل غالبية الطبقة السياسية التي لا تجترح لا الأفكار ولا المبادرات في سبيل التوصل إلى توافق داخلي عميق. ذلك أن هذه الطبقة، في حال انتظار إما لسفراء اللجنة الخماسية الذين قيل إنهم استبدلوا موعدهم مع رئيس المجلس نبيه بري غداً الثلثاء بلقاء مع السفير السعودي، أو في التهليل للقاء السفيرين السعودي والإيراني كما حصل اليوم الإثنين، بعد زيارة السفير مجتبى أماني السفير وليد البخاري في مقر إقامته في اليرزة.
وفي هذا الوقت، تكشف قضية الموازنة، ومن ثم مناقشتها الأربعاء والخميس، عن حقيقة مواقف القوى السياسية، إزاء استباحة صلاحيات رئاسة الجمهورية، وواقع تفكك المؤسسات والصراع فيما بينها، في الوقت الذي يبادر فيه التيار الوطني الحر إلى تصحيح مغالطات الحكومة وأخطائها، ووضع اليد على التقصير من قبل المجلس النيابي.