على الرغم من فترات الهدنة القصيرة التي يشهدها جنوب لبنان، فإن المخاطر الكبرى لا تزال تجثم أمام الجنوبيين وجميع اللبنانيين. العدوانية الإسرائيلية تواصل استفزازاتها واستهدافَها المدنيين مع عناصر المقاومة، في الوقت الذي يراقب اللبنانيون كل التحركات الداخلية وعناصر صياغة التسوية المقبلة، ويأملون حماية بلدهم من تداعيات حرب غزة. فلبنان وشعبه على الرغم من كل التضامن مع الفلسطينيين في نضالهم، من المفترض ألا ينزلقا إلى حرب عسكرية يجب أن ينحصر عبئها بالشعب الفلسطيني، في الوقت الذي يواجه فيه الوطن اللبناني أخطر الأزمات المالية والإقتصادية التي أصابته في تاريخه الحديث.


على خط مواز، كانت بيروت تحتضن برعاية حزب الله مؤتمراً لحركات المقاومة المدعومة إيرانياً، فلسطينية كانت أم عراقية، وأكدت جميعها استمرار الصراع العسكري مع إسرائيل ومحورية حرب 7 تشرين الأول. وقد اعتبر رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية أنه "سقطت في هذه المعركة كل الأوهام التي صنعها العدو لنفسه ولجيشه وقدراته"، في الوقت الذي اعتبر فيه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن "طوفان الأقصى أطلق طوفان أحرار"، مثمناً "إنجازات المقاومة بقطاع غزة في وجه أقوى جيوش المنطقة".


وفي الملفات الداخلية، تبقى الساحة السياسية في حال انتظار لثغرة في جدار الأزمة الرئاسية. فالإيجابية التي سُجّلت بين التيار الوطني الحر ورئيس مجلس النواب نبيه بري، تتطلب استكمالاً ومتابعة لجهة صياغة الإطار التفاهمي والحواري حول رئيس الجمهورية العتيد، والملفات التي يفترض أن يمنحها الأولوية. على أن المساعي الداخلية من أي طرف أتت، تحتاج في موازاة ذلك عيناً خارجية وتحديداً عربية، قادرة على دفع المساعي الداخلية قدماً، ورعاية أي حوار يمكن أن يبادر اليه اللبنانيون.