الأخبار: علاء حلبي-

يفتح فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، الباب أمام جملة من الملفات العالقة في سوريا، في ظل تباين الإدارات الأميركية في التعامل مع هذه الملفات، وأبرزها الوجود العسكري، وتكاليفه، والعلاقة مع «الإدارة الذاتية» الكردية، وتركيا، ومع دول خليجية عديدة، أبرزها السعودية والإمارات اللتان تقودان «مبادرة عربية» لحل الأزمة السورية.


خلال ولايته الرئاسية السابقة، حاول ترامب الانسحاب من سوريا بسبب «عدم جدوى هذا الوجود» على الصعيد الاقتصادي، في ظل محدودية إنتاج سوريا من النفط في المناطق التي تسيطر عليها الولايات المتحدة شمالي شرق البلاد من جهة، والتكاليف المرتفعة للانتشار الأميركي بحجة «محاربة الإرهاب» من جهة أخرى.

 

وحينها، أعلن ترامب إغلاق الملف المشار إليه عبر حديثه عن «الانتصار على الإرهاب»، وعرضه خريطة لسوريا أمام وسائل الإعلام، عام 2019، تظهر عدم سيطرة تنظيم «داعش» على أي منطقة.

 

كذلك، أراد ترامب، وقتها، إنهاء الخلافات مع تركيا، التي رأى أن العلاقة معها أكثر جدوى من دعم الأكراد، قبل أن تتدخل الاستخبارات الأميركية وتدفعه إلى العدول عن قراره بشكل جزئي، عبر التقوقع في المناطق النفطية شمال شرقي البلاد، ما ترك مساحة واسعة قامت روسيا بملئها.


وفي هذا السياق، تشير مصادر كردية، في حديثها إلى «الأخبار»، إلى أن الترجيحات في الأوساط الكردية السورية تذهب إلى تخلي ترامب عن «الإدارة الذاتية» في الفترة المقبلة، خصوصاً بعد توقيع الولايات المتحدة اتفاقاً مع العراق يقضي بخروج القوات الأميركية من البلاد بحلول عام 2026، ما يعني عدم توافر خطوط إمداد موثوقة للقواعد الموجودة في سوريا. وتضيف أن الولايات المتحدة خصّصت لسوريا (لدعم «قوات سوريا الديمقراطية») مبلغ 156 مليون دولار؛ وهو مبلغ سيجده ترامب، الذي يفكر بعقلية التاجر، غير مجدٍ. وتتابع أن الاعتقاد السائد أيضاً هو أن ثمة دوراً عربياً (خليجياً) في هذا الصدد، سيدفع ترامب إلى اتخاذ قراره بترك الشمال الشرقي من سوريا، بالتزامن مع اقتراب دمشق وأنقرة من «خطة تطبيع» واضحة المعالم، برعاية روسيّة، ما يجعل مشروع «الإدارة الذاتية» الكردية أمام تحدٍّ وجودي جديد، في ظل إصرار سوريا وتركيا وروسيا على إنهاء هذه «الإدارة».

 

والجدير ذكره، هنا، أن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، سارع إلى تهئنة ترامب بفوزه، ووصفه، في تدوينة له على موقع «أكس» بالصديق، لما يوفّره نجاحه من إمكانية بدء صفحة جديدة مع واشنطن، بعد فترة ضبابية بدأت بخلافات حادّة بينه وبين الرئيس الأميركي جو بايدن، وامتدت إلى تعيين بريت ماكغورك، وهو الرجل المكروه في أنقرة، مستشاراً للبيت الأبيض حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.


وعلى عكس الأوضاع في الشمال الشرقي من سوريا، يبدو الوجود الأميركي في الجنوب (قاعدة التنف عند المثلث الحدودي مع العراق والأردن) بعيداً عن أي جدل، في الوقت الحالي.

 

ويأتي ذلك لاعتبارات عديدة، أبرزها الدور الكبير الذي تلعبه القاعدة في حماية إسرائيل، خصوصاً أن ترامب أعلن، أكثر من مرة، أنه الرئيس الأميركي الأكثر عطاءً لإسرائيل؛ إذ قام بالاعتراف بالقدس عاصمة لها، ونقل مقر السفارة الأميركية إلى القدس، كما قام بالاعتراف بسيادتها على الجولان السوري المحتل، وهي خطوة تردّد جميع الرؤساء السابقين في اتخاذها.

 

وتوجد في منطقة التنف، القاعدة الأميركية غير الشرعية الأكبر في سوريا، حيث وضعت واشنطن منظومات دفاع جوي، وقامت بمدّها بطرق إمداد عديدة نحو قواعد حدودية منتشرة في الأردن، وبتأمينها عبر تدريب مجموعات من الفصائل، بعضها من مخلّفات تنظيم «داعش»، لحمايتها.

 

وتلعب هذه القاعدة، بالإضافة إلى دورها الاستخباراتي وتأمين إسرائيل في خاصرتها الشمالية، دوراً في ما تعتبره الولايات المتحدة «قطع طرق الإمداد الإيرانية» ومراقبتها بشكل مستمر، علماً أن ترامب لم يناقش خلال فترة ولايته السابقة الانسحاب من هذه القاعدة أبداً.