الثبات: حسان الحسن-

في أول اجتماعٍ إقليميٍ من نوعه في شأن سوريا منذ الإطاحة بالرئيس بشار الأسد الشهر الفائت، شارك وزراء خارجية السعودية ومصر والإمارات وقطر والبحرين والعراق، بالإضافة إلى مبعوثين من بريطانيا والولايات المتحدة، في لقاءٍ انعقد في العاصمة السعودية الرياض، في الأيام الفائتة، للبحث في ما آلت إليه التطورات على الساحة السورية، وكيفية وضع رؤى للعملية السياسية المرتجاة في دمشق، علّها تبدأ بعملية بناء مؤسسات الدولة، أو على الأقل وضع تصوراتٍ مشتركةٍ لذلك، أي لمستقبل الدولة السورية.


غير أن مصادر سياسية سورية، تعتبر أن "الهدف الحقيقي من وراء إنعقاد اللقاء المذكور، هو الإحاطة العربية لسوريا، بعد سيطرة الفصائل التابعة لتركيا على غالبية المناطق في الأولى، وعلى قراراها السياسي والأمني راهنًا"، لا بل أبعد من ذلك؛ ترى المصادر عينها أن "بلاد الشام عادت مجددًا، لتكون ساحة صراعٍ وتنافسٍ بين السعودية وتركيا".


ويعود هذا الصراع بحسب المصادر "إلى القرن الثامن عشر، يوم كلفت الدولة العثمانية حاكم مصر محمد علي باشا، بالقضاء على الدولة السعودية الأولى القائمة على أرض الدريعية، أي نجد، وتمكّن إبراهيم باشا نجل محمد علي من إسقاط الدريعية في العام 1818، بالتالي إسقاط الدولة السعودية الأولى وزوالها، وأسر الأمير عبد الله بن سعود، وتسلميه للسلطات التركية في الأسيتانة، حيث أعدم".


وفي سياق الصراع التاريخي بين "الحجاز - السعودية" وتركيا أيضًا، فبعد الثورة العربية في العام 1916 التي قادها الشريف حسين بن علي "حاكم الحجاز "، تقدمت الجيوش العربية بقيادة نجل الحسين الأمير فيصل، نحو بلاد الشام، وحررتها من العثمانيين في العام 1918.


وتلفت المصادر المذكورة آنفًا، إلى أن "ما يثير قلق كل من السعودية ومصر والإمارات العربية، ليس فقط سيطرة تركيا وقطر، على القرار في دمشق، بل وجود إرهابيين يتهددون أمن الدول العربية برمتها، وهذا ما دفع مصر والإمارات الى لتخاذ إجراءاتٍ مشددةٍ للسماح المواطنين السوريين بالدخول إلى أراضي هاتين الدولتين، ومن هذه الإجراءات منع هبوط الطائرات الآتية من سوريا في مطارات الإمارات، على اعتبار أن هؤلاء الإرهابيين موجودن بين الفصائل المسلحة في سوريا، التي ليس لها قيادة مركزية".


وتؤكد المصادر عينها أن "انعقاد اللقاء حول سوريا في الرياض، دليل واضح على تأكيد حضور "المملكة" في الوضع السوري"، تختم المصادر.
وفي السياق، تعتبر مصادر في المعارضة السورية أن "الأوضاع في سوريا لم تدفع حتى الآن كل من الرياض وأنقرة إلى حد الصراع، وحتى المنافسة بين هاتين الدولتين".

 

ولا تجد المصادر من وجهة نظرها إلا أن "إنعقاد لقاء الرياض، هو لملء الفراغ الناجم عن إنهيار النظام السياسي السابق في سوريا، لا أكثر من ذلك"، مستبعدةً طرح رؤى جدية للنهوض بالأوضاع في سوريا حتى الساعة، في إنتظار ما سيقدم عليه الحكم الراهن في دمشق ومن يقف خلفه في الأشهر المقبلة، خصوصًا لناحية تسليم إدارة البلد لحكومةٍ وطنيةٍ إنتقاليةٍ، والدعوة إلى مؤتمر حوارٍ وطنيٍ، الذي يتطلب انعقاده، حضور قوىٍ وطنيةٍ، لا طائفية ومذهبية، أي الخروج من تحت العباءات الطائفية والمذهبية، والذهاب إلى الحوار بروحيةٍ المواطنية والإحساس الوطني، لأن الأوضاع تزداد سوءًا على الصعد السياسية والاقتصادية والمعيشية والاجتماعية"، تختم المصادر المعارضة.


وفي هذا الصدد، أي (الحضور السعودي والتركي في سوريا)، يؤكد مرجع في العلاقات الدولية "عمق العلاقة التاريخية بين الرياض ودمشق، وأن "للمملكة" حضور كبير وأدوار بناءة، ليس فقط في بلاد الشام، بل في العالم الإسلامي ككل، وكذلك للإمارات العربية، التي بذلت جهودًا كبيرة لإعادة سوريا إلى الحضن العربي، فأبو ظبي هي أول من مد يد العون إلى الشعب السوري، ولا تزال دائمًا، لذلك أن الحضور السعودي - الإماراتي في سوريا، هو محض طبيعي، وليس بإمكان تركيا التي تعاني من أزماتٍ اقتصاديةِ وماليةٍ، النهوض بالأوضاع في سوريا"، يختم المرجع.