
حذرت الأمم المتحدة ومجموعات طوعية تعمل على تقديم الخدمات للسكان العالقين بمناطق القتال والنازحين في مختلف المدن السودانية من تدهور مريع للأوضاع الإنسانية في البلاد، وارتفاع حاد في معدلات الجوع والمرض وشح كبير في الخدمات، فيما أشارت منظمات حقوقية إلى تزايد كبير في الانتهاكات ضد المدنيين.
وأشارت الأمم المتحدة إلى نقص بمقدار 96 في المئة لمواجهة الأعمال الإغاثية. وقالت في بيان السبت إن الكارثة الإنسانية في السودان تحتاج إلى 6 مليار دولار لمواجهتها، لكن لم يجمع منها حتى الآن سوى 252.6 مليون دولار فقط "نحو 4.2% فقط"
كارثة ضخمة
وفقا لبيانات صادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "اوشا"، فإن أكثر من 30 مليون سوداني يحتاجون لمساعدات عاجلة، و24.6 مليون شخص معرضين لمستوى عالي من انعدام الأمن الغذائي منهم 3.7 مليون طفل تحت سن الخامسة ونساء حوامل ومرضعات يحتاجون للعلاج من سوء التغذية الحاد.
وأشار البيان إلى تفشي الأمراض والأوبئة، في حين لا يزال 17 مليون طفل خارج الدراسة.
وقال محمود عبدالله وهو يعمل ضمن مجموعة شبابية تقدم خدمات العلاج والغذاء للعالقين في غرب أم درمان، إن أزمة الجوع تتزايد بشكل ملحوظ، مشيرا إلى أن 4 من كل 5 أسر تعتمد على الوجبات اليومية التي تقدمها المطابخ الخيرية "التكايا" التي تقلصت معدلات الوجبات التي تقدمها بأكثر من 70 في المئة بسبب نقص التمويل وارتفاع أسعار السلع الغذائية بنحو 40 في المئة منذ بداية رمضان بعد ارتفاعها بأكثر من 300 في المئة منذ اندلاع القتال في منتصف أبريل 2023.
وأوضح عبدالله لموقع سكاي نيوز عربية "بات مشهد طوابير الأواني الفارغة مفزعا جدا في ظل تقلص قدرة المطابخ الخيرية على تغطية كل المحتاجين الذين تتزايد اعدادهم يوما بعد الآخر".
تدهور صحي
وأدى التدهور الصحي والبيئي الكبير الذي تعيشه معظم مناطق البلاد إلى زيادة حادة في معدلات الوفيات الناجمة عن الأمراض.
وأشارت بيانات إلى تسجيل أكثر من 5 آلاف حالة ملاريا خلال الفترة ما بين يناير وفبراير في العاصمة الخرطوم، ما يعني تجاوز المرض الحد الوبائي.
كما ارتفعت حصيلة وفيات وباء الكوليرا الذي اجتاح مدينة كوستي في ولاية النيل الأبيض خلال الأسبوعين الماضيين إلى أكثر من 100.
وتفرض الأوضاع الأمنية المتدهورة ضغطا إضافيا على الخدمات الطبية، وتعيق وصول أدوية الطوارئ والأمراض المزمنة.
ويشير على حسن الذي يعمل مع مجموعة شبابية تقدم الدعم الطبي للسكان في منطقة الخرطوم بحري، إلى مخاطر كبيرة تواجه أصحاب الأمراض المزمنة بسبب النقص الحاد في الأدوية والرعاية الصحية.
ويقول لموقع سكاي نيوز عربية "يعاني كبار السن من مشكلة حقيقية في الحصول على الأدوية والمعينات العلاجية (...)يتوزع الشباب في رحلات طويلة ومحفوفة بالمخاطر للبحث عن الانسولين وأدوية الضغط لهم، لكنهم في معظم الأحيان يعودون بمحصلة صفرية بسبب النقص الحاد في الصيدليات".
ومنذ اندلاع القتال وحتى الآن خرجت نحو 80 في المئة من مؤسسات القطاع الصحي عن البلاد.
واتهمت نقابة أطباء السودان جهات أمنية باعاقة تقديم الخدمات الطبية، وقالت في بيان إن عدد من الأطباء والكوادر الصحية يتعرضون للاعتقال. وحذرت النقابة من أن الاعتقالات والانتهاكات التي ترتكب في حق الأطباء تؤثر على تقديم الخدمات الطبية للسكان الذين يعانون من ويلات الحرب وانهيار القطاع الصحي.
انتهاكات مستمرة
تتزايد الأوضاع سوءا في ظل المخاطر الكبيرة التي تواجه السكان المدنيين، بسبب الانتهاكات التي يتعرضون لها. وحتى نهاية الأسبوع الأول من مارس رصدت رحاب مبارك عضو المكتب التنفيذي لمحامي الطوارئ والشبكة السودانية لحقوق الإنسان 1890 انتهاكا ضد المدنيين شملت تصفيات وقتل جماعي بالقصف الجوي والمدفعي وإخفاء قسري واعتقالات.
وأكدت رحاب مبارك لموقع سكاي نيوز عربية أن آلاف المدنيين راحوا ضحية أعمال ارتكبها طرفا الحرب تندرج تحت طائلة الانتهاكات الصريحة للقانون الدولي.
وتوضح "يتعرض المدنيون لاعتداءات مستمرة حيث يتواصل القصف في المناطق السكنية في عدد من المدن من بينها مدينة الأبيض والتي قتل فيها 5 اشخاص يوم الأحد، وفي مدينة مدني تتواصل الاعتقالات التي طالت عدد من الأطباء والناشطين المدنيين وسط تقارير تشير إلى أوضاع سيئة في المعتقلات، كما تشهد الأحياء السكنية في عدد من احياء الخرطوم بحري عمليات نهب وانتهاكات كبيرة في حق السكان".