
يلقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الثلاثاء، خطابه الأول منذ عودته إلى البيت الأبيض قبل 6 أسابيع أمام جلسة مشتركة للكونغرس.
وسيبدأ خطاب ترامب الساعة التاسعة مساء بتوقيت واشنطن (السادسة صباحا بتوقيت أبوظبي)، وسيشكل فرصة للرئيس لعرض أجندته أمام المشاهدين في وقت الذروة، خاصة في ظل قلق واسع بين الأميركيين عكسته آخر استطلاعات للرأي، حيث يرى 53 بالمئة من الأميركيين أن حالة الاتحاد ليست قوية، و54 بالمئة يعتقدون أن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ.
ومن المتوقع أن يركز ترامب في خطابه على إصلاح الحكومة الفيدرالية من خلال مبادرة هيئة كفاءة الحكومة التي كلف إيلون ماسك بقيادتها، والتي تهدف إلى تقليص عدد الموظفين الفيدراليين وإغلاق وكالات حكومية، كجزء من خطة ترامب لتخفيض الإنفاق الحكومي وتقليص الدين العام.
كما سيتناول ترامب خططه للحد من الهجرة غير الشرعية، إذ قام بالفعل بتعليق عملية اللجوء على الحدود الجنوبية وإيقاف إعادة توطين اللاجئين، كما تحرك لإنهاء حق الجنسية للأطفال المولودين في الولايات المتحدة لآباء غير قانونيين، وهو الإجراء الذي أوقفه القضاء الفيدرالي.
ومن المتوقع أيضا أن يكون للسياسات التجارية دور بارز في الخطاب، حيث فرض ترامب بالفعل تعريفة جمركية بنسبة 10 بالمئة على البضائع الصينية وهدد بفرض تعريفات جديدة على المكسيك وكندا من المتوقع الإعلان عنها، الثلاثاء، أيضا، مبررا ذلك بضرورة الحد من عبور المهاجرين غير الشرعيين ووقف تدفق مخدر الفنتانيل إلى الولايات المتحدة.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، من المتوقع أن يركز ترامب على جهود إنهاء الحروب بين إسرائيل وحماس وبين روسيا وأوكرانيا.
وقد أعلن في وقت سابق عن رغبته في أن تتولى الولايات المتحدة السيطرة على قطاع غزة، وإعادة تطوير القطاع دون تقديم تفاصيل واضحة عن كيفية تحقيق ذلك.
أما فيما يخص الأزمة الأوكرانية، فقد ألمح مستشار الأمن القومي مايك والتز إلى أن ترامب كان يعتزم إدراج اتفاق المعادن في الخطاب، قبل أن يفشل توقيعه بعد المواجهة الحادة التي حدثت الأسبوع الماضي بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماع في المكتب البيضاوي.
ومن المتوقع أن يثير حديث ترامب عن روسيا وأوكرانيا بالذات استهجان الديمقراطيين، الذين يتهمون إدارته بمحاباة روسيا والتماهي مع مواقفها.
وعلى الرغم من تشابه خطاب الجلسة المشتركة مع خطاب حالة الاتحاد، إلا أن لهما أغراضا مختلفة.
ففي حين أن دستور الولايات المتحدة يفرض على الرئيس تزويد الكونغرس بالتحديثات بشأن حالة الأمة، فإن هذا الخطاب لا يُصنف على أنه خطاب حالة الاتحاد.
وتقليديا، يحتفظ الرؤساء المنتخبون حديثا بهذا التصنيف لعامهم الثاني في المنصب.
ويسمح خطاب حالة الاتحاد للرئيس بتقديم مراجعة لإنجازاته خلال العام السابق، بينما يستخدم الرئيس الجديد خطاب الجلسة المشتركة لعرض أجندته الأولية للمرحلة المقبلة.
بعد خطاب ترامب
وبعد خطاب ترامب، ستقدم عضو مجلس الشيوخ الديمقراطية إليسا سلوتكين من ولاية ميشيغن، التي فاز بها ترامب، رد الحزب الديمقراطي، في إجراء يشبه ما يحدث عادة في خطاب الاتحاد.
كما سيقدم النائب أدريانو إسبايلات من نيويورك الرد الرسمي باللغة الإسبانية في الوقت الذي يدور فيه الحديث عن توجه ترامب لتوقيع أمر تنفيذي يجعل فيه اللغة الإنجليزية اللغة الرسمية الوحيدة للبلاد، بينما ستقدم النائبة لاتيفاه سيمون من كاليفورنيا ردا تقدميا باسم حزب العائلات العاملة.
ويبدو أن الديمقراطيين عازمون على ألا يكون ردهم متمحورا حول ترامب بالكامل، عكس ما حدث خلال ولايته الأولى عندما قام بعضهم آنذاك بإطلاق صيحات الاستهجان والهتاف ضده وحتى مغادرة القاعة احتجاجًا، كما لجأ العديد منهم إلى اختيار أزياء معينة أو دعوة ضيوف لتوجيه رسائل رمزية.
بالإضافة إلى اللحظة التي قامت فيها رئيسة مجلس النواب آنذاك نانسي بيلوسي، بتمزيق نسخة من خطاب ترامب أثناء جلوسها خلفه مباشرة على المنصة.
هذه المرة، يشير العديد من الديمقراطيين إلى أنهم سيتخذون نهجا أقل تصادميا، في إشارة إلى أن الحزب لا يزال يحاول تحديد أفضل طريقة لمواجهة ترامب.
إذ قالت النائبة الديمقراطية إيمي بيريرا، إنه في عام 2017 شعر كثير منهم أن دونالد ترامب كان مجرد "ظاهرة عابرة"، أما في عام 2025، فقد فاز بالانتخابات والجميع لذلك على الديمقراطيين أن يكونوا استراتيجيين بحسب تعبيرها.
وأضافت النائبة من ولاية كاليفورنيا أن "مجرد الاحتجاج لن يضمن لنا الفوز في الانتخابات المقبلة. بدلا من ذلك، علينا أن نقول للناس: انظروا، هذا ما يفعله".
ويؤكد 10 نواب ديمقراطيين في مقابلاتهم أن استراتيجيتهم تتمثل في تسليط الضوء على تأثير سياسات ترامب في ولايته الثانية، وليس مجرد معارضته علنا.
لذلك دعا بعضهم ضيوفا إلى الجلسة، من بينهم قادة نقابيون وموظفون حكوميون مفصولون وأشخاص آخرون تأثروا بتجميد التمويل الفيدرالي، لتسليط الضوء على التحولات الجذرية التي تنفذها إدارة ترامب.
ويشعر بعض الديمقراطيين أن التركيز على التخفيضات التي نفذتها هيئة كفاءة الحكومة، التي يديرها الملياردير إيلون ماسك، هو بنفس أهمية تسليط الضوء على ترامب نفسه.
لذلك أرسِلت توجيهات داخلية إلى المشرعين الديمقراطيين، تحثهم على التوحد خلف رسالة مفادها بأن "الديمقراطيين يقفون إلى جانب الشعب الأميركي، بينما يقف ترامب والجمهوريون في الكونغرس إلى جانب إيلون ماسك والمتبرعين الأثرياء".
كما طُلب منهم اصطحاب ضيف تضرر من قرارات إدارة ترامب الأخيرة أو سيتأثر سلبا بالموازنة التي يعمل الجمهوريون على تمريرها في مجلس النواب قبل منتصف هذا الشهر لتجنب سيناريو الإغلاق الحكومي.
ورغم أن الديمقراطيين لا يخططون بشكل عام لمقاطعة خطاب ترامب، فإن بعضهم أعلن المقاطعة كالنائب دون باير من ولاية فرجينيا، والذي يمثل دائرة تضم عددا كبيرا من الموظفين الفيدراليين، والذي قال: "مشاهدة نصف زملائي يقفون ويصفقون بحرارة كل بضع دقائق لأمور أراها مدمرة للشعب الأميركي، لن يكون أمرا ممتعا".
وعلى صعيد الحضور الجمهوري، تتوجه الأنظار إلى زعيم الجمهوريين السابق في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، الذي أعلن مؤخرا أنه لن يسعى لإعادة انتخابه بعد انتهاء ولايته الحالية، بالتالي يُرجح كثيرون عدم حضوره الجلسة المشتركة رغم عدم تأكيده أو نفيه للأمر.