كشف مسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه منح الملياردير إيلون ماسك وفريقه في «دائرة الكفاءة الحكومية» («دوج» اختصاراً) المستحدثة وصولاً شاملاً إلى العمليات في الوكالات الفيدرالية، وسط تنافس حاد أدى عملياً إلى إبعاد الملياردير الآخر فيفيك راماسوامي.
وأوردت صحيفة «واشنطن بوست» أن الدائرة الجديدة، التي حلّت مكان دائرة الخدمات الرقمية في المكتب التنفيذي للرئيس، ظهرت بعد أشهر من المناورات خلف الكواليس بين ماسك وراماسوامي، الذي قرر الابتعاد للترشح لمنصب حاكم ولاية أوهايو بعد خلافات مع ماسك حول كيفية عمل «دوج»، مضيفة أن ترمب وماسك خفضا سقف طموحاتهما في ما يتعلق بمشروع التخلص التام من البيروقراطية من خلال خفض عدد الموظفين والعاملين على المستوى الفيدرالي. لكن «دوج» ستبقى قادرة على ممارسة نفوذ حاسم في الإدارة الجديدة، جزئياً بسبب منح ماسك سيطرة أكبر على العمليات الفيدرالية من داخل البيت الأبيض، علماً أن بعض حلفاء ترمب قلقون من مدى وصول ماسك إلى المعلومات الحكومية بموجب الترتيب الجديد.
خريطة راماسوامي
ووفقاً لمقال كتبه راماسوامي في صحيفة «وول ستريت جورنال» خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، هناك «ثلاثة أنواع رئيسية من الإصلاح: الإلغاءات التنظيمية، والتخفيضات الإدارية، وتوفير التكاليف»، واضعاً بذلك خريطة طريق لاستخدام المحاكم والتدابير السياسية لتفكيك الدولة الإدارية. وخلافاً لهذا التصور، وقع ترمب على قرار تنفيذي الاثنين يشدد على رؤية ماسك بالتركيز على التكنولوجيا لتغيير الحكومة من الداخل. ولم تتضمن إجراءات ترمب أيا من القرارات التنفيذية التي صاغها فريق راماسوامي.
وفي منصبه الجديد، سيتمتع ماسك بإمكانية وصول واسعة إلى الأعمال الداخلية للحكومة تتجاوز بكثير الخطة كما تصورها في البداية، علماً بأنه لا يزال الرئيس التنفيذي لشركات فازت بعقود فيدرالية قيمتها مليارات الدولارات. ووفقاً للقرار التنفيذي الذي أصدره ترمب، سيحظى فريق ماسك من مهندسي البرمجيات المختارين بعناية بـ«الوصول الكامل والسريع إلى كل السجلات غير السرية للوكالة وأنظمة البرمجيات وأنظمة تكنولوجيا المعلومات». وقال أشخاص مطلعون على الأمر إنه بفضل البيانات الحساسة، يمكن لماسك الاستفادة من الخبرة التي اكتسبها من إمبراطوريته التجارية - بما فيها الذكاء الاصطناعي - لتحقيق أهدافه.
ويرى ماسك أن جهود «دوج» ضرورية ليس فقط لكبح إجراءات الحكومة، بل أيضاً لنشر الحضارة البشرية إلى كوكب آخر من خلال استكشاف الفضاء. هذا هو أيضاً الهدف الذي حدده لشركته «سبايس إكس». وهو قال يوم التنصيب: «سنأخذ دوج إلى المريخ (...) هل يمكنكم أن تتخيلوا مدى روعة أن يزرع رواد الفضاء الأميركيون العلم على كوكب آخر للمرة الأولى؟».
وتعكس هذه التطورات تغييراً واضحاً في علاقة العمل بين ماسك وراماسوامي، الذي آثر الابتعاد عن «دوج»، علماً أنهما توصلا في مرحلة مبكرة إلى تفاهم: يركز ماسك على التكنولوجيا والإنفاق، مقابل تركيز راماسوامي على اللوائح والدولة الإدارية.
وقال أحد الأشخاص المطلعين على العمليات إن فريق راماسوامي ابتعد عن أي مسارات أوضحها ماسك في منشوراته المتكررة على منصته «إكس» للتواصل الاجتماعي. ولكن التوترات سرعان ما نشأت، مما مهد الطريق للانقسام في نهاية المطاف.
ماسك للتكنولوجيا
وتعامل راماسوامي مع «دائرة الكفاءة الحكومية» من منظور دستوري، مستكشفاً الوكالات التي يمكن إغلاقها من دون الحاجة إلى إجراء من الكونغرس. واستهدف عملية الميزانية داخل الوكالات المختلفة وفحص المسارات القانونية لإلغاء اللوائح. وتصور أن «دوج» هي دائرة غير حكومية، تشبه إلى حد كبير مؤسسة بحثية، من شأنها أن تدفع نحو تغييرات كبيرة يمكن تدوينها بالقانون. ولم يكن ماسك مهتماً بهذه العمليات، مفضلاً القيام بالأمور من «منظور التكنولوجيا أولاً»، باستخدام قوة التكنولوجيا واستخراج البيانات لتحقيق أهداف «دوج». كما أن ماسك صار مقتنعا بشكل متزايد بأن «دوج» يجب أن تعمل كفريق صغير داخل الحكومة، حيث يمكنها الوصول إلى معلومات حساسة للغاية وتجنب الدعاوى القضائية التي تحاول فرض الكشف عن اجتماعاتها ومحاضرها - والتي تم رفع العديد منها بالفعل فور أداء ترمب اليمين الاثنين. وكانت الفرق التي قادها كل رجل مختلفة تماماً في البنية والنطاق.
وتفاقمت التوترات بسبب الجدل الذي امتد إلى الرأي العام على «إكس». فبعد فترة وجيزة من مساعدة ماسك وراماسوامي في تقليص مشروع قانون الإنفاق الحكومي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أثار راماسوامي ضجة في ائتلاف ترمب - بما في ذلك مع بعض أتباع ماسك - بمنشور طويل عن الجدارة.
وكانت هناك أيضاً تساؤلات حول ما إذا كان ماسك وراماسوامي زعيمين مشاركين حقاً في قيادة «دوج»، وما إذا كان راماسوامي مساوياً لماسك.
قد يهمك أيضا:
إيلون ماسك يدق ناقوس الخطر بشأن تأثير نقص بيانات الإنترنت على الذكاء الاصطناعي