هبة بريس: عبد السلام بلغربي، محمد زريوح تشهد مدينة الناظور ركودًا اقتصاديًا ملحوظًا بعد انتهاء موسم الصيف وعودة الجالية المغربية المقيمة بالخارج إلى بلدان إقامتهم، حيث كانت الجالية خلال هذه الفترة تشكل عاملاً مهماً في تحريك العجلة الاقتصادية للمدينة. مع تراجع عدد الزوار وانخفاض الأنشطة التجارية التي كانت تشهد ازدهاراً بفعل الزيارات الصيفية، باتت الأسواق والمحلات التجارية تعاني من تراجع ملحوظ في حجم مبيعاتها، مما أثار حالة من القلق بين التجار وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة. الناظور، التي تعتبر مدينة حدودية قريبة من مليلية المحتلة، لطالما اعتمدت في جزء كبير من نشاطها الاقتصادي على حركة البضائع والتجارة بين المدينتين. ومع استمرار إغلاق الحدود بين مليلية والناظور منذ سنوات، ازدادت المعاناة الاقتصادية، حيث كانت تلك الحدود تشكل شريانًا اقتصاديًا حيويًا يعتمد عليه العديد من سكان المدينة في تحقيق دخلهم اليومي. هذه الحدود المغلقة تسببت في تقليص فرص العمل وزيادة نسب البطالة بين صفوف الشباب، الذين كانوا يعتمدون على التجارة والخدمات المرتبطة بها لتوفير فرص عمل. العديد من المتتبعين والمحللين الاقتصاديين يرون أن إغلاق الحدود مع مليلية المحتلة كان له تأثير سلبي كبير على اقتصاد المدينة. فمع حرمان الناظور من أحد أهم مصادر الدخل والتبادل التجاري، باتت المدينة تعاني من ركود غير مسبوق، لا سيما في ظل غياب بدائل اقتصادية أخرى تساهم في تعويض الخسائر الناتجة عن هذا الإغلاق. كما يعتبر الكثيرون أن هذا الإغلاق قد أدى إلى تفاقم أزمة البطالة في المدينة، حيث كانت العديد من الأنشطة المرتبطة بالتجارة الحدودية تشكل مصدر رزق لأعداد كبيرة من الأسر. المتتبعون يؤكدون أن إغلاق الحدود ليس العامل الوحيد الذي أدى إلى هذا الركود، حيث يرون أن هناك حاجة ملحة إلى تنويع القاعدة الاقتصادية للمدينة. يعتمد الاقتصاد المحلي بشكل كبير على التجارة الموسمية المرتبطة بعودة الجالية المغربية خلال فترات العطل والمناسبات، ما يجعل المدينة تعاني من تقلبات حادة في النشاط الاقتصادي بين فترات الازدهار والركود. لذا فإن إيجاد استراتيجيات جديدة تعتمد على تنمية قطاعات أخرى كالسياحة والصناعة والزراعة قد يكون الحل الأمثل للخروج من هذه الأزمة. في ظل هذه الظروف، دعا عدد من الفاعلين المحليين إلى ضرورة الإسراع في إيجاد حلول عملية لإعادة فتح الحدود بين مليلية والناظور، معتبرين أن إعادة فتح الحدود من شأنه أن يسهم في إعادة تنشيط الحركة التجارية وتوفير فرص عمل جديدة للشباب. كما اقترح البعض أن يتم تفعيل مشاريع استثمارية جديدة داخل المدينة تستهدف تحسين البنية التحتية وخلق بيئة جاذبة للاستثمارات التي من شأنها أن تساهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وتخفيف الاعتماد على التجارة الحدودية وحدها. من جهة أخرى، يشدد البعض على أهمية استغلال الموقع الاستراتيجي للناظور باعتبارها مدينة حدودية، ليس فقط في مجال التجارة، ولكن أيضًا في مجالات أخرى مثل السياحة والاستثمار في قطاع النقل والخدمات اللوجستية. يرى الخبراء أن تطوير هذه القطاعات يمكن أن يسهم في تنويع مصادر الدخل، ويعزز من صمود الاقتصاد المحلي في وجه التقلبات الموسمية التي تعاني منها المدينة. الناظور اليوم تقف أمام تحديات اقتصادية كبيرة تتطلب اتخاذ قرارات حاسمة على المستويين المحلي والوطني. إن التحدي الأساسي يكمن في كيفية استعادة الحيوية الاقتصادية للمدينة عبر تفعيل السياسات التي تعزز الاستثمارات، وتوفر فرص عمل دائمة للشباب، وتقلل من الاعتماد على العوامل الموسمية والتجارة عبر الحدود. في هذا السياق، يظل التعاون بين مختلف الفاعلين المحليين والوطنيين ضروريًا لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة تعود بالنفع على كافة سكان المدينة. في الختام، يمكن القول إن الركود الاقتصادي الذي تعاني منه الناظور بعد عودة الجالية المغربية المقيمة بالخارج يسلط الضوء على الحاجة الملحة لإيجاد حلول جذرية للأزمات الاقتصادية التي تعاني منها المدينة. يجب أن تتجه الجهود نحو إعادة هيكلة الاقتصاد المحلي وتنويع مصادر الدخل، مع الحفاظ على التواصل مع الجالية المغربية وتعزيز الروابط الاقتصادية والتجارية التي من شأنها أن تسهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للسكان.