هبة بريس - مراكش قصة مؤلمة يحكيها والد طالب كلية الطب "عبد الغني" الذي توفي السبت الماضي بمستشفى محمد السادس بمراكش، بعد تناوله كمية كبيرة من أقراص تخص ضغط الدم والسكري. الطالب المتوفى "عبد الغني" في العشرينيات من عمره، نشأ في أسرة فقيرة مكونة من أب وأم وشقيقته الصغرى. يحكي والده أن ابنه كان "نجيبا" في دراسته، متفوقًا بين أقرانه. كان حلمه أن يصبح "طبيبًا جراحيًا"، وقد وفرت له العائلة كل ما يحتاجه رغم صعوبة الإنفاق، لأن الأسرة تعيش على الدعم الاجتماعي الذي تمنحه الحكومة بمبلغ 500 درهم. كان الابن يحصد النتائج الإيجابية كل موسم دراسي، حتى وقعت المأساة في أزمة كليات الطب، حيث تحولت حياة الطالب "عبد الغني" إلى معاناة يومية مثل باقي زملائه بعد استمرار الإضراب وعدم وجود حلول لمطالبهم. يوم الخميس الماضي، كان الطالب، كما يحكي والده، يطير من الفرح. سأل الأب ابنه عن سبب سعادته، فأجابه أن وزير التعليم العالي قد تم استبداله بوزير آخر، متمنيًا أن يكون هذا التغيير بداية لحل الأزمة والعودة إلى المدرجات لاستكمال الدراسة. وبعد ذلك، قال لوالده إنه سيأخذ حمامًا ثم يذهب إلى والدته لمرافقتها يوم السبت. لكن في هذا اليوم بالذات، كان موعد وداعه الأخير في المستشفى، متأثرًا بما تناوله من أدوية بعد سماعه خبر استمرار أزمة كليات الطب، ليُفقد الأمل الذي كان يحمله وتضيع أحلامه. أسرة الطالب تحكي معاناتها في مستشفى محمد السادس حكى والد الطالب المتوفى "عبد الغني" مأساة العائلة بعدما تم نقل ابنه إلى مستشفى محمد السادس إثر تعرضه لوعكة صحية. قال: "دخلنا المستشفى بعدما استنجدنا بسيارة إسعاف تابعة لجماعة أولاد حسون، حاولنا حمله على سرير السيارة، لكننا لم نتمكن لأن السرير لا يمكن فصله. فقمت، بمعية عمه، بحمله إلى باب قسم المستعجلات. أوقفنا حارس الأمن وطلب منا التسجيل أولاً قبل الدخول، لكن توسلات الوالد لم تجد نفعًا لأن حالة ابنه كانت تتدهور. وبعد لحظات، قام عمه بشرح الحالة للطبيبة الوحيدة المتواجدة ذلك اليوم، فسمحت لهما بالدخول." كان الجميع يترقب أن يُنقذ الابن، لكن بعد فترة تم إدخال "عبد الغني" إلى غرفة الانتظار، بعدما طلبت منه الطبيبة جلب سرير له. لم يفهم الوالد طلب الطبيبة، فاستفسرها فأخبرته أن القسم لا يحتوي على أسرة للمرضى وأن بعضهم يضطرون للنوم على الأرض. يقول والد الطالب: "اكتشفت غياب الإنسانية وأدنى شروط العناية في المستشفى." طلبت منه الطبيبة تأجير سرير من خارج المستشفى. لم يكن أمام الوالد خيار سوى التوجه إلى الخارج لاستئجار سرير، حيث اكتشف أن ذلك أصبح تجارة مربحة، وأن الجميع في المستشفى متفق ومتعاون على هذا السلوك الذي يسلب المواطنين حقهم في العلاج. بعد الحصول على سرير لابنه، سلمه الوثائق للطبيبة التي أخبرته أن الشاب البالغ لا يمكن أن يستفيد من هذه الوثائق. وجهته الطبيبة إلى صندوق المستشفى حيث دفع مبلغ 600 درهم، وعاد على أمل أن يتم إنقاذ ابنه. لكن الشاب قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، أخبر عمه بأنه لن يعيش، طالبًا منه أن يسامحه والديه وشقيقته لأنه أخلف وعده لهم بأن يخرجهم من جحيم الفقر بعد أن يكمل دراسته ويصبح جراحًا ماهرًا، ويشتري لهما منزلًا يليق بهما. إلا أن الأقدار شاءت أن يغادر الطالب "عبد الغني" الحياة، كما غادر الوزير "ميراوي" مقعده بعد أن تسبب في معاناة حقيقية لطلبة كليات الطب. كما حكت والدة الطالب المكلومة عن جزء من حياة ولدها وحبه للدراسة والاجتهاد، فكان يوم المأساة أن عددًا من الطلاب الذين وصلوا إلى المستشفى قدموا له كل الدعم من أجل أن ينهض "عبد الغني" من وعكته، لكنه رحل وفي قلبه غصة من خيانة مسؤول فاشل، ترك الأسر تعاني والطلبة يفقدون الأمل في المستقبل. https://youtu.be/ho05V_w0OT0?si=N5qhyqX6TeBN7KMx