يوسف أقضاض. هبة بريس
أُحيل أربعة شبان من ولاية وادي سوف (جنوب شرق الجزائر) إلى المحاكمة بتهمة التخطيط للتوجه إلى غزة عبر قوافل المساعدات الإنسانية، في محاولة للمشاركة في ما وصفوه "الجهاد" في الأراضي الفلسطينية.
وجد هؤلاء الشبان، الذين لم يتجاوزوا مرحلة الشباب أنفسهم في مواجهة القضاء بسبب طموحاتهم، التي ربما تكون قد تغذت من تصريحات سياسية لبعض المسؤولين، وعلى رأسهم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي طالب في تجمع انتخابي دولة مصر بفتح الحدود أمام الجيش الجزائري للتوجه إلى غزة.
أثارت هذه القضية العديد من التساؤلات حول الموقف الحقيقي للنظام الجزائري من القضية الفلسطينية، خصوصاً في ظل تزايد التناقضات بين التصريحات الرسمية وتوجهات السلطة الفعلية. فبينما يسعى النظام إلى تقديم نفسه كمدافع عن فلسطين، فإنه في الوقت نفسه يواصل قمع أي تحرك شعبي أو مظاهرات في الداخل تدعو لنصرة غزة.
هذا التناقض يعكس بوضوح الفجوة بين الخطاب السياسي والإجراءات على الأرض، ويعري شعار الجزائر أنها مع فلسطين ظالمة أو مظلومة.
تساءل كثير من المتتبعين، هل كان هذا النظام الجزائري جاداً في دعمه للقضية الفلسطينية؟ من الملاحظ أن أي تحرك شعبي في الجزائر، حتى وإن كان للتضامن مع غزة، يُقابل بالقمع من قبل الأجهزة الأمنية.
وفي المقابل، نرى تحركات دبلوماسية سرية من النظام الجزائري موجهة نحو تحسين العلاقات مع إسرائيل، بما يتماشى مع سياسة النظام التي تسعى إلى الحفاظ على استقرار النظام العسكري في الداخل.
وفي الوقت الذي كان ينتظر أن يتناول الإعلام الجزائري قضية هؤلاء الشبان و محاكمتهم بسبب دعمهم للقضية الفلسطينية، سكتت الأبواق الإعلامية التي تصدح بتصريحات دعم غزة.
ويرى جزائريون غاضبون من ازدواجية خطاب النظام الجزائري وأبواقه الإعلامية أن هذه الأخيرة تبدو مشغولة بشكل غريب بمهاجمة للمغرب، في حين تتجاهل المشاكل الداخلية، خاصة تلك المتعلقة بالحقوق والحريات السياسية في الجزائر.
يبدو أن هذه الأبواق قد ضلّت طريقها في تبني المواقف الثابتة، وتحوّلت إلى مجرد أداة في يد النظام للدفاع عن سياساته الداخلية والخارجية.
ما حدث مع الشبان الأربعة يمثل صورة مصغرة عن الصراع القائم بين شعارات التضامن مع فلسطين وواقع القمع الداخلي الذي يعيشه الشعب الجزائري.
قد تكون هذه المحاكمة رسالة غير مباشرة من نظام العسكر إلى إسرائيل، مفادها أن "الجزائر" قد تكون مهتمة بما يحدث في غزة، ولكنها أولاً وأخيراً تضع استقرار النظام فوق أي اعتبار آخر.