لماذا يغيب الحب والحنان عند المغربي؟

بقلم الدكتور جواد مبروكي من الواضح أن كل مغربي لاحظ أن الحب والحنان غائبان عن ثقافتنا وكل واحد منا يطالب بهما ويتهم الآخرين بما في ذلك الأبوين والإخوة والأخوات ويعاني من عدم الحصول عليهما منذ الصغر. ومن الطبيعي أن يسعى كل إنسان إلى هذه الطاقات العاطفية ويشعر بحاجة ملحة إليها، دون أن يتمكن من توفيرها بدوره لأبنائه وإخوته وأخواته ومجتمعه. ويتسبب غياب الحب والعاطفة في معاناة كبيرة لدى المغاربة ويبقى السبب الرئيسي في العلاقات غير السليمة في المجتمع. ويؤثر هذا النقص بشكل واضح على تطور الشخصية وحب الذات والهوية والانسجام في نظام الدماغ. ولسوء الحظ، عندما يغيب الحب والعاطفة، يملأ العنف هذا الفراغ. وبطبيعة الحال، لتصحيح نقص الحب والحنان، من الضروري تحديد الأسباب من أجل تطوير برنامج واسع النطاق (الآباء والمدرسة والمجتمع)، مع العلم أن هذا العمل طويل الأمد وسيتطلب بالضرورة عدة أجيال. فما هي أسباب انعدام الحب والحنان عند المغربي؟ 1- أخطاء في التعليم الديني للأسف فإن التعليم الديني لا يُعلم الحب والحنان ولا يجعل هذه الحاجة ضرورية للتوازن العاطفي عند الطفل. ويعتمد التعليم الديني بشكل أساسي على معادلتين: الجنة/النار والحلال/الحرام. فهو يُعلم بطريقة غير مباشرة السعي وراء المنافع الأنانية (الجنة) من خلال الأعمال الصالحة ورُعب الجحيم من خلال الخطايا. التعليم الديني لا يُعلم حب الله ولا حب الذات ولا حب الأسرة ولا حب المجتمع ولا حب الوطن. ولا يُعلم أن الدّين أداة ممتازة لتنمية القدرات الفكرية والروحية للطفل من أجل خدمة مجتمعه بشكل جيد. يجب على التعليم الديني أن ينفي من برامجه معادلات الجنة/الجحيم والحلال/الحرام، أو بالأحرى يجب تعليم المعنى الحقيقي للجنة "الرفاهية الفردية والعائلية والاجتماعية"، والجحيم "معاناة داخلية"، والحلال "ما يساهم في الرقي الفردي والرفاهية الاجتماعية، والتحرر من كل الأحكام المسبقة من أجل التقدم والتطور"، وأخيرًا "الحرام" هو الذي يدمرنا داخليًا 2- الزواج الغير المنسجم الزواج في المغرب يتم دون أي تحضير مسبق ويتزوج المغربي دون أن يعرف السبب ولا ما هو الهدف من الزواج غير الجنس ويتزوج ليفعل مثل الآخرين. كما أنه يتزوج من أجل مصلحته الخاصة وينتظر بفارغ الصبر أن تتحقق أحلامه وليس أحلام الزوجين. ويتجاهل أيضًا أن الزواج مؤسسة تحتاج إلى التدريب حتى يتمكن من القيام بدوره بشكل فعال. والزواج بدون تدريب لا يختلف عن التزاوج الحيواني إلا في غياب العنف عند الحيوانات. 3- إنجاب الأطفال دون أي تحضير من غير المعقول أن نجلب طفلاً إلى عالمنا دون أي تحضير مسبق. ورغم معاناة المغربي في طفولته وتداعيات ذلك في حياته عند كبره، إلا أنه ينجب عدد من الأطفال دون أي علم بماهية الطفل ودون أي رغبة حقيقية في الانجاب لصالح الطفل. ومن الواضح أن هؤلاء الأطفال سوف يكونون غير سعداء بدورهم، ويبدو هذا الأمر بمثابة انتقام. وعلى سبيل المثال، في أوروبا، لتبني حيوان يجب أن يكون لديك معرفة جيدة بالحيوان المعني واحتياجاته ومسؤولياتك من أجل اتخاذ القرار الصحيح. هل يأخذ الأزواج المغاربة الشباب الوقت الكافي للتفكير: لماذا ننجب طفلاً، وكم عدد الأطفال، وهل نحن جاهزون لتربية أفضل، وهل نحتاج إلى تدريب على هذا الدور...؟ باختصار، هناك العديد من الأسئلة التي يجب أن نسألها لأنفسنا قبل إنجاب الأطفال. 4- التربية المبنية على العنف ومن الواضح أن غياب الحب والحنان والجهل بمفهوم الزواج والانجاب الوحشي، يؤدي إلى إعادة إنتاج النموذج السائد، وهو نموذج "العنف". 5- المدرسة العرجاء أما المدرسة فلا تُعلم الحب والحنان، بل تستخدم العنف اللفظي والمعنوي لتعليم المنافسة فقط، أي "الحرب الباردة" بين أفراد المجتمع. المُعلمون قساة وهم في المدرسة ضد إرادتهم والتدريس مجرد مصدر للمال دون أي حب للمهنة ولا اهتمام بالتقدم الاجتماعي. فهُم يُدرسون فقط "احصل على نقط جيدة بأي ثمن للنجاح في الحياة ". ولا تقوم المدرسة بتعليم العمل الجماعي لإعادة إنتاجه لاحقًا في الحياة المهنية والاجتماعية. ومن خلال برامجها لا تُعلّم التربية الأخلاقية بل تُعلّم الأنانية والانتقائية وأن الأكثر قسوة ينجح والأكثر محبة يفشل لقد حان الوقت للتساؤل عن كل شيء.