![معركة إفلاوسن.. ملحمة بطولية جمعت دماء المغاربة والجزائريين ضد الاستعمار الفرنسي 7 صورة من الأرشيف](/i/68/314176607.jpg)
هبة بريس - محمد زريوح
تعد معركة إفلاوسن واحدة من المحطات البارزة في تاريخ
الثورة الجزائرية، حيث شهدت مشاركة مقاتلين مغاربة إلى جانب جيش التحرير الجزائري ضد الجيش الفرنسي. تجسد هذه المعركة روح التضامن والتلاحم بين الشعبين المغربي والجزائري في نضالهما من أجل الحرية والاستقلال.
في حوار خاص مع “هبة بريس”، سلط الباحث في التراث والتاريخ، اليزيد ادريوش، الضوء على تفاصيل هذه المعركة والدور المهم الذي لعبه المغاربة في دعم الثورة الجزائرية:
"في العشرين من أبريل عام 1957، انطلقت 15 شاحنة عسكرية من ثكنة أزغنغان بالناظور، متجهة نحو منطقة تلمسان الجزائرية. كانت هذه القوات تضم مجموعة من المقاتلين الذين انخرطوا في صفوف جيش التحرير الجزائري، بعد تجاوز خطي موريس وشال المكهربين اللذين أقامتهما فرنسا للحد من تحركات المقاومين. تمكنت هذه القوات من الوصول إلى جبال إفلاوسن، حيث اندلعت معركة شرسة بين جيش التحرير الجزائري، المدعوم بالمقاتلين المغاربة، والجيش الفرنسي.
استمرت المعركة 3 أيام، خاض خلالها المقاتلون الجزائريون والمغاربة مواجهات عنيفة ضد القوات الفرنسية. رغم قلة العتاد والإمكانيات العسكرية، إلا أن شجاعة المقاتلين جعلتهم يصمدون أمام العدو، وخلفت المعركة استشهاد أربعة وعشرين مقاتلًا من جيش التحرير الجزائري؛ بينهم ثلاثة عشر جزائريًا وأحد عشر مغربيًا ينتمون إلى منطقة أزغنغان بالناظور. قدم هؤلاء الشهداء أرواحهم دفاعًا عن قضية الاستقلال وحرية الجزائر، مما يعكس قوة الترابط بين المقاومين في البلدين.
لم تكن معركة إفلاوسن حدثًا معزولًا، بل جاءت في سياق الدعم المغربي المتواصل للثورة الجزائرية؛ إذ شكل المغرب قاعدة خلفية للمقاومة الجزائرية من خلال مراكز التدريب والتخطيط العسكري. كان من بين أهم هذه القواعد: قاعدة دار كبداني، وقاعدة أزغنغان، وقاعدة زايو، وقاعدة رأس الماء، حيث كان المقاتلون يتلقون تدريباتهم وينطلقون لتنفيذ عملياتهم العسكرية ضد القوات الفرنسية. كما قدم المغرب دعمًا لوجستيًا كبيرًا من خلال تزويد جيش التحرير الجزائري بالسلاح والذخيرة، وتوفير الملاجئ الآمنة للجنود الجزائريين.
جاءت مشاركة المغاربة في الثورة الجزائرية بدافع من الروابط التاريخية العميقة بين البلدين؛ حيث لم يكن النضال ضد الاستعمار مقتصرًا على حدود جغرافية، بل كان امتدادًا لحركة تحررية شاملة في منطقة شمال إفريقيا. كانت معركة إفلاوسن نموذجًا لهذا التضامن، حيث امتزجت دماء المقاومين المغاربة والجزائريين على أرض المعركة في سبيل تحقيق الحرية والاستقلال.
رغم مرور عقود على هذه الأحداث، لا تزال معركة إفلاوسن تمثل رمزًا للتلاحم والتضحية بين المغرب والجزائر؛ إذ تبرز هذه المحطة التاريخية وحدة المصير المشترك بين الشعبين في مواجهة الاستعمار، وتعكس أهمية العمل المشترك في تحقيق الاستقلال ونيل الحرية. ورغم التحديات السياسية التي مرت بها العلاقات المغربية الجزائرية بعد الاستقلال، يبقى التاريخ شاهدًا على هذا الترابط القوي الذي جمع بين المقاومين في سبيل تحقيق هدف واحد، وهو تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي."
أكد الباحث اليزيد ادريوش في ختام حديثه أن استحضار مثل هذه المعارك التاريخية ضروري لترسيخ الوعي بأهمية التضامن بين الشعوب في مواجهة الاحتلال والاستعمار، مشيرًا إلى أن النضال المشترك بين المغرب والجزائر لا يجب أن يُنسى، بل يجب أن يكون مصدر إلهام للأجيال القادمة لتعزيز أواصر الأخوة والتعاون بين البلدين.