الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في وهران

هبة بريس في الجزائر، حيث تُضخَّم أبسط المشاريع لتُقدَّم على أنها "إنجازات عملاقة"، تحولت محطات تحلية مياه البحر إلى "ملحمة وطنية"، وفق ما احتفت به مجلة "الجيش" في عددها الأخير، معتبرة إياها تجسيدًا لـ"الإرادة الفولاذية للجزائر المنتصرة".

تحلية المياه

ورغم أن تحلية المياه تُعد خيارًا طبيعيًا لمعالجة أزمة شح الموارد المائية في العديد من دول العالم، إلا أن الجزائر اختارت تصوير هذا الحل العادي كـ"إنجاز استراتيجي"، متجاهلة أن دولًا ساحلية عديدة تعتمد على هذه التقنية منذ عقود دون أي تضخيم إعلامي. وتحلية المياه ليست اكتشافًا علميًا أو اختراعًا فريدًا، بل تقنية مستخدمة على نطاق واسع، سواء في دول الخليج أو البحر الأبيض المتوسط أو حتى في دول تعاني من ندرة المياه. ومع ذلك، في الجزائر، أصبحت هذه المشاريع تُقدم وكأنها "معجزات قومية"، وسط زخم إعلامي وتصريحات رسمية تسابق فيها المسؤولون في تمجيد هذه المحطات.

أزمة مائية

وتعاني الجزائر من أزمة مائية حقيقية، نتيجة عوامل عدة، منها التغيرات المناخية وسوء إدارة الموارد. وبدلًا من وضع خطط علمية لمواجهة هذه التحديات، لجأت السلطات إلى نهج "تضخيم الأرقام" والترويج لمحطات التحلية كإنجازات تاريخية، محاولةً التغطية على الفشل في تطوير بنية تحتية مستدامة للمياه. ومن المفارقات أن يتم تصوير بناء محطة تحلية مياه على أنه إنجاز غير مسبوق، في حين أن دولًا مثل السعودية والإمارات وقطر تعتمد على تقنيات أكثر تطورًا منذ سنوات دون ضجيج إعلامي. ويهدف هذا الترويج لمحطات التحلية كـ"انتصار استراتيجي" الذي ليس سوى جزء من استراتيجية إعلامية إلى تهدئة الشارع الجزائري وإخفاء الإخفاقات التنموية.

صناعة صورة زائفة

وبدلًا من العمل على حلول جذرية ومستدامة لإدارة الموارد المائية وتطوير الزراعة، تركز الجزائر على صناعة صورة زائفة من الإنجازات. وفي ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها الجزائر، تحاول السلطات توظيف هذه "الملحمة المائية" لتعزيز الشعور بالوطنية والانتصار، مما يجعل تحلية المياه رمزًا جديدًا لما تصفه بـ"الجزائر المنتصرة".