أحمد عصيد

سعيد سونا - باحث في الفكر المعاصر --- الجزء الأول : شبهة أن الإسلام لم يكن قبل ظهور الرسول صلوات ربي وسلامه عليه ، وأن المسلمين حافظوا على عبادة المشركين للاصنام كالكعبة والحجر الأسود وأشياء أخرى على حد قوله ... الإستهلال : قبل أن أجيب الأستاذ المحترم عصيد حول مايشنف به أسماعنا يوميا من أمور مغلوطة حول الإسلام ، أقول له ولقراء هاته المقالة ماقاله الشاعر - إن كنت تعلم فالأمر مصيبة .. وإن كنت لاتعلم فالمصيبة أعظم ،،، فالامام مالك يقول " تعلموا اجتهدوا ليس لكي تصبحوا علماء بل لتعبدون الله عن بصيرة " فالخوض في أمر ما يجب أن يستصحبه علم شامل بذلك الأمر مهما كان ، ولذلك أستغفر الله أن انطلق في دفع أي شبهة للاستاذ عصيد بمنطق حوار مسلم مع كافر ، إن ديني علمني أن أجادل بأدب وعلم ، ولهذا لن اقدح من رأسي شيء ، لأن الأفكار الموجودة في هاته المقالة ليست من بنات أفكاري ، بل هي على شكل قال الله قال الرسول ، قال الإمام فلان من الذين تقدمون من ذوي الاسنان ، ومن المعلوم أنه ليس من حقي أو حق أي أحد تكفير أي شخص مهما كان ، إلا إذا كفر نفسه بنفسه ، وأن الجنة والنار اختصاص إلهي ... نعم كان من الضروري أن أبدا مقالتي بهذا التوضيح ، لأن هناك من يناقش بمنطق السوفساطيين في مقولتهم ضد السقراطيين " انت تتجول ليلا يعني انت لص " وهذا نقاش ميكانيكي مرفوض ... ولكنني في المقابل معجب بالبيت الشعري الجميل للمتنبي - ومالدليل على القضاء وكونه .. بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق - بداية يجب أن يعلم الجميع أن الأستاذ عصيد ليس مفكرا وليس لديه مشروع فكري متكامل ومتماسك ، ولو كان كذلك لما قمت بالرد عليه ، لأن أصحاب المشاريع الفكرية في العالم العربي معروفين على رؤوس الأصابع ، لذلك يمكننا أن نقول ان الأستاذ عصيد من أكبر المستفيدين من قنوات التواصل الاجتماعي ، ولذلك فقد نصب نفسه كناشط تواصلي " ظاهرة تواصلية " حتى أصبح ضحية لتجار " البوز " او كما سماه الاعلامي الكبير عبد العزيز كوكاس" فخامة الإمبراطور المعظم " فكل من ضاقت به أرض " البوز " وغاية جلب أكبر عدد من المشاهدين لقنواته ، يرتمي في حضن الأستاذ عصيد حتى ينقذه من هذا البوار ، ولذلك يلاحظ المتتبع الظهور الخرافي لحد الثمالة للأستاذ عصيد في قنوات التواصل الاجتماعي ، لهذا انصحه بما قاله سيدنا علي " إن المغفل يصطاد بالمدح " ... ثم ان ماجاء به الأستاذ عصيد ليس أمرا طارئ ، بل مجرد فقاعات إعلامية رد عليها المتقدمين منا من العلماء ، وبلغ ذروة الخوض في تفاصيلها تلك الموقعة التي شاهدها التاريخ بين الغزالي " تهافت الفلاسفة " ورد ابن رشد " تهافت التهافت ، إلى أن وصلت إلى القرن 16 ميلادي مع ظهور مفهوم الحداثة ، وبداية الوعي به في القرن الثامن عشر ، وصولا الى السجال الفكري الذي نعاصره وانطلاقا من هذا وجب على الأستاذ عصيد أن يوضح لنا مايلي : -- ماذا يعني بأنه تنويري ؟ لأن اليساريون يصفون أنفسهم بالمتقدمين والتنوريين ، والحداثيين يصفون أنفسهم بنفس الوصف ، لكن أبو اليسار كارل ماركس كان حاسما في موقفه من الدين حيث قال " الدين أفيون الشعوب وزخفرة الإنسان في الأرض " وأما فقهاء الحداثة العرب فقد انقسموا وتمترسوا كما أشرت في مقال سابق في ظل مشروعين : مشروع حداثي رديكالي علماني يتقدمهم العروي وأركون وادونيس ولا يوجد بينهم الأستاذ عصيد ، أما المشروع الثاني فهو مشروع حداثي معتدل غير علماني ويقوده الجابري وطه عبد الرحمن ومالك ابن نبي ولايوجد بينهم الأستاذ عصيد أيضآ ، نعم لايوجد الأستاذ المحترم عصيد بين رموز المشاريع الفكرية المعاصرة في العالم العربي ، لكنه ينطلق في فتوحاته المغلوطة وهو يعلم مايلي : " ان المسلمين يبالغون في تزيين منازلهم بالملايين ، لكن لاتجد في بيوتهم مكتبات صغرى أو كبرى وهذا مايجري على " المثقفين وحاملي الشهادات العليا " أيضا... " وهذا هو السبب الحقيقي الذي جعل الأستاذ عصيد يتجنب مناظرة المثقفين الوازنين الذين طالبوا بمناظرته ، لأن يوجه بضاعته بعناية للمسلمين الذين يجهلون حقيقة دينهم .... إنتهى الاستهلال . - المتشابهة الأولى قبل أن ننتقل للمتشابهة الرئيسية لهذا المقال ، هو أن الأستاذ عصيد يقول أن المسلمين والمؤمنين سواء وان كل من يدعي الاسلام يمكن وصفه بالمؤمن وهذا جهل مكعب بماجاء في القرآن ... قال تعالى " قَالَتِ ٱلْأَعْرَابُ ءَامَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلْإِيمَٰنُ فِى قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَٰلِكُمْ شَيْـًٔا ۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " - المتشابهة الرئيسية وهي مادة ردنا على الأستاذ عصيد في هاته المقالة ، فقد سمعته متلبسا يقول فم لأذن ، أن الإسلام جاء مع محمد صلى الله عليه وسلم ولم يكن من قبل ؟!! ، وأن المسلمين مع مجيئ محمد صلى الله عليه وسلم، واصلوا تقديس اصنام المشركين في الجاهلية ، كالطواف حول الكعبة وتقبيل الحجر الأسود وغير ذلك [ سنرد على باقي شبهات الأستاذ عصيد في المقالات القادمة ] .... 1 - قال الإمام النووي " وكان أهل الجاهلية يطوفون عراة، ويرمون ثيابهم، ويتركونها ملقاة على الأرض ولا يأخذونها أبداً، ويتركونها تداس بالأرجل حتى تبلى ... يقول تعالى " مَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ۚ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ " 2 - قال العلامة القرافي في كتابه الذخيرة " وشرع من قبلنا إنما يكون شرعا لنا إذا ثبت أنه شرع من قبلنا بوحي ثابت أو رواية صحيحة " 3 - قال تعالى " " و ما كان ابراهيم يهوديا و لا نصرانيا و لكن كان حنيفا مسلما و ما كان من المشركين " صدق الله العظيم. 4 - إن من أركان الإيمان - الإيمان بالرسل والكتب السماوية 5 - الا تعلم أن الحج وأضحية العيد والصيام كان قبل الاسلام مع ابراهيم وداوود ... الله سبحانه وتعالى يقول مخاطبا نبيه إبراهيم عليه السلام:" وأَذِّنْ في النّاس بالحجّ ياتوكَ رجالا وعلى كلّ ضامر ياتين من كلّ فجّ عميق ليشهدوا منافع لهم. فالحجّ ومناسكه سنّها نبيّ الله إبراهيم، وليس عادة من عادات العرب الشركية كما تزعم سيدي عصيد ... 6 - الإسلام هو دين الله من آدم عليه السلام إلى يومنا هذا ، والله تعالى يرسل المرسلين ليوجهوا الناس إلى المسار الصحيح كلما زاغوا عن الطريق ، فيزيل البدع و الشركيات و الأوثان و يقر الإتباع الصحيح للأنبياء و الرسل ، أما تقديس البيت الحرام ركن من أركان الدين للبشرية من أول الخلق إلى يومنا هذا . 7 - وفي الإسلام أصبح الطواف ركنا من أركان الحج والموافقة فيه بالاذكار والأدعية وعلى طهارة 8 - إن ديانة الإنبياء كلهم هي الإسلام وأما المستجد هو مجئ محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس الإسلام الذي جاء كما تقول . 9 - الكعبة تم بناؤها في عهد ادم وأعاد بناءها سيدنا ابراهيم ، والطواف بالكعبة قديم جدا وجاء الاسلام ليصحح طريقة الطواف بالتكبير والتوحيد لله وليس بالتصفيق والتصفير ، أما الحجر الاسود هو حجر ليس من الارض هو من خارج الارض ، وهو ليس صنم يعبد كما تقول ، وإنما هو ذكرى جاء بها ادم من الجنة ، فالحجر الاسود هو حجر من الجنة . 10 - إن الإسلام هو الفطرة السليمة للإنسان منذ آدم عليه السلام ، وأما الديانات السماوية هي شرائع من الإسلام نزلت في زمنها ، و الإسلام هو المعيار الوحيد للفضيلة و القيم الأخلاقية التي هي أساس النهضة الإنسانية ، و الدليل على ذلك أن اللذين ابتعدوا عن الإسلام تتطبعوا مع الرذيلة ، و ألفوها و أصبحوا يدافعون حتى على الشذوذ الجنسي و يعادون الفطرة السليمة ، و هم في طريقهم إلى الدفاع عن حرية العلاقات الجنسية مع المحارم و عن حرية العلاقات الجنسية مع الحيوانات و ما خفي أعظم....أما على الصعيد العالمي فمعظم الدول المتقدمة صناعيا و عسكريا هي أكثر الدول وحشية على الشعوب المستضعفة و أصبحت هذه الإمبرياليات تؤمن بأن مصالحها أهم من حياة الشعوب المستضعفة و سبب ذلك هو ابتعاد هذه الإمبرياليات عن الفطرة السليمة التي جاء بها الإسلام. 11 - إن الدين الوحيد الذي أنزله الله على جميع أنبيائه هو الإسلام ، ولا وجود لديانات بل هو نفس الدين نزل على اليهود فسموه يهودية ، ونزل على المسيحيين فسموه مسيحية وكلاهما مزورين واحتكروا الدين لاستعماله لأغراضهم ، إلا العرب لم يسموا مانزل على محمد صلى الله عليه " عربية " كما فعل اليهود والنصارى بل أسلموا وسموه باسمه لأنه دين البشرية جمعاء وآمنوا بقول الله عز وجل " ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين ، اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " 12 - ان الدين عند الله الاسلام وليس العربية ولا العبرية ولا اي لغة أخرى ، الدين اسمه الإسلام تختلف فقط الشرائع والسنن لكل نبي شريعة ومنهاجا حسب ما أواحاه الله إليه ، وكل نبي يتكلم بلسان قومه ليفهموا ما يقول ... 13 - الاسلام هيا كلمة اشتقت من السلام تسليم الشعوب من المخاطير والضلال والفسد والتوعية الا الاخلاق الحسنة والايمان بالخالق عزوجلا ..... وختاما أعود وأقول للأستاذ عصيد ماقاله الشاعر : ان كنت تعلم فالأمر مصيبة - وان كنت لاتعلم فالمصيبة أعظم ** انتظروا الجزء الثاني في مقالتنا المقبلة للرد على المتشابهات الأخرى التي جرت على لسان الأستاذ عصيد ... وأكرر أنني باحث بسيط ليس من حقه تكفير الأستاذ عصيد أو أي شخص آخر. يتبع .... سعيد سونا - باحث في الفكر المعاصر