نورالدين بازين / توصوير: ف. الطرومبتي ساحة جامع الفنا بمراكش، تعتبر من أهم الوجهات السياحية في المغرب، حيث يجتمع فيها التراث الثقافي مع التجارة والمطاعم المحلية. ومع ذلك، شهدت الساحة في السنوات الأخيرة تجاوزات أدت إلى اختلال النظام، مما استدعى تدخل السلطات المحلية وعلى رأسها باشا جامع الفنا لإعادة الأمور إلى نصابها. حملة مستمرة تستهدف فرض النظام والقانون ومحاربة السيبة التي تفاقمت بسبب بعض الممارسات غير القانونية من قبل التجار وأصحاب المحلات والمطاعم. قبل الحديث عن الحملة، من الضروري استعراض أهمية ساحة جامع الفنا كتراث ثقافي عالمي وفق تصنيف اليونسكو، والتطور الذي شهدته الساحة على مر العقود، وتحولها إلى وجهة سياحية رئيسية تجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم. تتركز الفوضى في التجاوزات المتعددة التي يقوم بها بعض التجار وأصحاب المطاعم، من خلال احتلال الملك العمومي، وتوسيع حدود محلاتهم إلى الشوارع والأرصفة، مما يعرقل حركة المرور ويشوه صورة المكان. هذه الممارسات لم تؤثر فقط على البنية التحتية ولكن أيضًا على تجربة الزوار والسياح، الذين يجدون أنفسهم محاصرين في مساحات مكتظة وغير منظمة.  حملة باشا جامع الفنا واستراتيجيات فرض النظام منذ انطلاق الحملة، يتخذ باشا جامع الفنا سلسلة من الإجراءات الصارمة لإعادة الأمور إلى مسارها الطبيعي. تشمل هذه الحملة إزالة جميع التعديات على الملك العمومي، فرض احترام القوانين المتعلقة بإدارة المساحات العامة، وتنظيم الأنشطة التجارية. كما تم تفعيل دوريات رقابية مستمرة لضمان الالتزام بالإجراءات المتخذة. وقد تباينت ردود الأفعال حول الحملة، حيث عبّر بعض التجار عن اعتراضهم بسبب تأثيرها المباشر على نشاطاتهم التجارية، في حين رحب بعض التجار و السكان والزوار بالإجراءات التي أعادت للساحة بريقها وتنظيمها. شهادة تاجر صاحب محل في الساحة: “قبل الحملة، كنا نستخدم المساحات المتاحة أمام محلاتنا لجذب المزيد من الزبائن، وكان الأمر مربحًا لنا على المستوى المادي. لكن مع تدخل السلطات، أصبحنا ملزمين بالالتزام بالمساحة المحددة لنا. رغم أن ذلك قلل من أرباحنا في البداية، إلا أني أرى الآن أن التنظيم أعاد للساحة رونقها، وأصبحت أكثر جاذبية للسياح الذين كانوا يعانون من الازدحام والفوضى.” شهادة صاحب مطعم: “لقد تأثر نشاط المطعم بشكل ملحوظ بعد الحملة. كان هناك نوع من التساهل في الماضي يسمح لنا بتوسيع طاولاتنا إلى الملك العمومي، لكن الآن يجب أن نلتزم بالقوانين. في البداية، كانت هناك خسائر، ولكن مع الوقت، لاحظنا أن الزبائن يستمتعون أكثر بالجلوس في بيئة منظمة، وهذا زاد من ثقتهم بنا وعزز من تجربة تناول الطعام في مطعمنا.” شهادة سائح فرنسي: “كنت أزور جامع الفنا منذ سنوات، وفي زيارتي الأخيرة لاحظت تحسنًا كبيرًا في التنظيم. في الماضي، كانت الساحة مزدحمة للغاية ولا يمكن التحرك بسهولة بسبب الفوضى واحتلال المساحات العامة. الآن، يمكنني التجول بحرية والتمتع بجمال الساحة والأنشطة التي تقام فيها دون مضايقات. أعتقد أن هذه الحملة كانت ضرورية.” شهادة أحد السكان المحليين: “كنا نعاني من الصعوبة في التنقل داخل الساحة بسبب التجاوزات التي يقوم بها أصحاب المحلات والمطاعم، حيث كانوا يحتلون الأرصفة ويعوقون حركة المشاة. بعد الحملة، أصبح الوضع أفضل بكثير. الشوارع أصبحت أوسع، والحركة أكثر سلاسة. نشعر بالراحة الآن ونحن نتجول في الساحة مع عائلاتنا، ونتمنى أن تستمر هذه الإجراءات.” شهادة سائق سيارة أجرة (تاكسي): “قبل الحملة، كان من المستحيل تقريبًا الوصول إلى جامع الفنا بسبب الفوضى في الشوارع المحيطة بالساحة. الآن، مع إزالة التعديات وتنظيم المساحات العامة، أصبح التنقل أسهل بكثير، مما يسهل وصول السياح والمواطنين على حد سواء. هذه الحملة لم تنظم الساحة فقط، بل ساهمت في تحسين حركة المرور في المنطقة بأكملها.” حملة باشا جامع الفنا لم تقتصر على إعادة النظام ومحاربة الفوضى، بل كانت لها تأثيرات ملموسة على تجربة الزوار، مما ساهم في تعزيز صورة الساحة كواحدة من أهم المعالم السياحية العالمية التي تعكس قيم النظام والانضباط. قبل انطلاق الحملة، كانت الفوضى في ساحة جامع الفنا تشكل تحديًا كبيرًا للزوار. انتشار التجار وأصحاب المطاعم على حساب الملك العمومي أدى إلى ازدحام شديد، وجعل التنقل في الساحة صعبًا وغير مريح. كما أن بعض الزوار كانوا يعانون من الإزعاج الناتج عن المنافسة الشرسة بين التجار، مما أدى إلى تراجع جودة تجربتهم السياحية. حملة باشا جامع الفنا ليست مجرد جهد وقتي لإعادة النظام، بل هي خطوة مهمة نحو الحفاظ على تراث وثقافة مراكش، وضمان استمرارها كوجهة سياحية فريدة. هذه الحملة تؤكد أن الحفاظ على التوازن بين الأنشطة التجارية واحترام القوانين هو السبيل الأمثل لضمان استدامة هذا المعلم التاريخي المهم.