طارق أعراب في ظل الأوضاع السياسية المتوترة بين المغرب والجزائر، برزت في الآونة الأخيرة محاولات من جهات معادية للمغرب لاستغلال وسائل التواصل الاجتماعي لتجييش الراغبين في الهجرة السرية، خصوصاً المراهقين المغاربة. من بين هذه المحاولات، قيام صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، تدار من الجزائر، باستخدام أسماء زائفة تدّعي أنها صفحات مغربية، لتضليل المراهقين ودفعهم إلى الهجرة السرية نحو مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، فضلاً عن محاولة زرع الفتنة عبر التحريض على مواجهة قوات الشرطة المغربية إذا اقتضى الأمر. تستخدم هذه الصفحات فيديوهات قديمة لمحاولات تسلل إلى سبتة المحتلة من مدينة الفنيدق، وتعرضها على أنها أحداث حديثة بهدف إثارة البلبلة وتضليل الرأي العام الوطني والدولي. ورغم أن قوات الأمن المغربية لم تسجل أي محاولات حديثة للتسلل، إلا أن هذه الجهات المعادية تحاول تجييش الشباب عبر نشر هذه الفيديوهات، مما يهدد بزعزعة الاستقرار في المنطقة. تأتي هذه المحاولات في ظل توترات سياسية مستمرة بين المغرب والجزائر، حيث تحاول بعض الأطراف المقربة من النظام العسكري الجزائري استغلال القضايا الحدودية بين البلدين لتحقيق أهداف سياسية. النظام الجزائري يعاني من تحديات داخلية، مثل الوضع الاقتصادي المتدهور والانتقادات المتزايدة للنظام الحاكم بعد الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل، ويبدو أن هذا التصعيد الإلكتروني يهدف إلى صرف الانتباه عن هذه الأزمات الداخلية. النظام الجزائري حاول مراراً من خلال أبواقه الإعلامية نشر معلومات مغلوطة عن المغرب، بهدف تضليل الرأي العام الجزائري حول الأوضاع في المغرب، وادعاء أن الجزائر في وضع أفضل. في الوقت نفسه، يحاول طمس الحقيقة المتمثلة في هجرة آلاف الجزائريين عبر قوارب الموت في السنوات الأخيرة، ومنهم عائلات بأكملها، حيث مات العديد منهم في البحر، والبعض الآخر لجأ إلى المغرب لمحاولة الدخول إلى سبتة ومليلية سباحة، وهناك من غرق وتم انتشال جثثهم. استجابت السلطات المغربية بسرعة لهذه المحاولات، من خلال تعزيز الحضور الأمني في مناطق مثل الفنيدق، حيث توقعت السلطات تدفقاً محتملاً للمهاجرين والقاصرين نحو سبتة المحتلة. على مدى عدة أيام، كانت السلطات المغربية في حالة تأهب قصوى، حيث نظمت حملات توعية للشباب والمراهقين، تحثهم على عدم الانسياق وراء هذه الدعوات المشبوهة. كما أكدت السلطات العمومية، بالتعاون مع السلطات القضائية، أنها ستتعامل بصرامة مع أي محاولة للمساس بالأمن الداخلي للمملكة. وتم توجيه تحذيرات واضحة للمواطنين، خاصة الشباب، بعدم التجاوب مع هذه الدعوات التي تهدف إلى إثارة الفوضى والاضطرابات. إلى جانب الجهود الأمنية، يعمل المجتمع المدني المغربي بشكل مكثف على توعية الشباب حول مخاطر الهجرة غير القانونية. تعتبر هذه الفئة هدفاً سهلاً للتحريض الإلكتروني، حيث تستغل الصفحات المشبوهة رغبتهم في تحسين أوضاعهم المعيشية لتقديم الهجرة إلى أوروبا كحل سحري، مع إغفال المخاطر الكبيرة المتعلقة بهذه المحاولات، سواء على المستوى القانوني أو الجسدي. إن محاولات تجييش المراهقين المغاربة عبر منصات التواصل الاجتماعي الموجهة من الجزائر لاستغلالهم في الهجرة السرية ومهاجمة الشرطة، ليست سوى جزء من حرب نفسية تسعى إلى زعزعة الاستقرار الداخلي في المغرب. هذه المحاولات تكشف عن نوايا خفية لاستغلال الشباب ودفعهم نحو الفوضى. يبقى التحدي الأكبر هو تعزيز الوعي بين صفوف المراهقين والشباب حول المخاطر التي قد يواجهونها، وأهمية التصدي لمحاولات التشويه والتضليل التي تستهدف أمن واستقرار المغرب.