نورالدين بازين تتزايد في الآونة الأخيرة الأصوات المطالبة بفتح تحقيق شامل حول كيفية تصرف وكالة تنمية الواحات ومناطق الأركان في ميزانية بلغت 105.64 مليار درهم خلال الفترة الممتدة بين 2012 و2020. يأتي هذا في سياق محاسبة أكثر شفافية للمؤسسات العامة حول مدى فعالية المشاريع التنموية، وخصوصًا في المناطق الأكثر حساسية بيئيًا واقتصاديًا مثل الواحات ومناطق الأركان. تأسست وكالة تنمية الواحات ومناطق الأركان بهدف حماية وتعزيز التراث البيئي والاجتماعي لهذه المناطق الهشة، حيث تواجه تحديات بيئية واقتصادية كبيرة. من خلال تحسين الظروف المعيشية للسكان، وتطوير البنية التحتية، وتعزيز الإنتاج الفلاحي والصناعات المحلية، تسعى الوكالة إلى تحقيق تنمية مستدامة تنعكس إيجابًا على سكان هذه المناطق. كما تعمل على حماية التنوع البيولوجي، والحد من التصحر، وضمان استمرارية الموارد الطبيعية، مما يجعل دورها أساسيًا في تحقيق توازن بين الحفاظ على البيئة وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية. ومع الفيضانات الأخيرة التي اجتاحت الواحات بطاطا والراشيدية والجنوب الشرقي للمملكة، برزت العديد من التساؤلات حول كيفية صرف الميزانية الضخمة التي بلغت 105.64 مليار درهم والمخصصة لوكالة تنمية الواحات ومناطق الأركان بين عامي 2012 و2020، خاصة مع تزايد الشكاوى من سكان هذه المناطق الذين يرون أن التغيرات على أرض الواقع لم تكن ملموسة بالشكل المتوقع وقد ظهر ذلك مع الخسائر الكبير التي خلفها الفيضان. وعبر السكان عن استيائهم من نقص المشاريع التنموية الفعالة التي تستهدف تحسين معيشتهم، مما زاد من حدة المطالب بفتح تحقيق شفاف في أوجه صرف هذه الميزانية، إذ تعكس هذه الدعوات المتزايدة وعيًا متناميًا بأهمية المحاسبة والشفافية في تدبير المال العام لضمان تحقيق العدالة التنموية ومحاسبة الجهات المسؤولة في حالة الإخفاقات. ورغم الإعلان عن العديد من البرامج التنموية الكبرى التي شملت مجالات حيوية مثل الزراعة، البنية التحتية، والتعليم، إلا أن هناك جدلاً متزايداً حول ما إذا كانت هذه المشاريع قد حققت الأهداف المرجوة منها. فقد تم تخصيص ميزانيات ضخمة لتحسين الأوضاع في مناطق الواحات والأركان، ومع ذلك، لا يزال العديد من السكان يعانون من مشاكل مستمرة، مثل ضعف الوصول إلى الخدمات الأساسية، وتدهور البنية التحتية. أثار هذا الوضع تساؤلات جدية حول فعالية المشاريع، والطرق التي تم بها تقييم نجاحها. التحقيقات المرتقبة قد تكشف عما إذا كانت هذه البرامج قد صُممت ونُفذت بطريقة تستجيب لاحتياجات السكان الفعلية، أم أن هناك خللاً في التخطيط والتدبير، وما إذا كانت الفئات المستهدفة قد استفادت بشكل مباشر من تلك المشاريع. و في ظل الدعوات المتزايدة لمراجعة كيفية تصريف الأموال المخصصة لوكالة تنمية الواحات ومناطق الأركان، أصبح التساؤل حول مدى تطبيق الشفافية والمحاسبة في تدبير المال العام محورياً. فالشفافية تعد الركيزة الأساسية لضمان أن تذهب الميزانيات الضخمة إلى تحسين حياة السكان وتطوير المناطق المستهدفة فعلياً. إذا كشفت التحقيقات عن وجود تجاوزات أو عدم فعالية في استخدام هذه الأموال، فإن الحاجة ستكون ملحة لإعادة النظر في السياسات والممارسات المتبعة داخل الوكالة. مراجعة هذه السياسات ليست مجرد إجراء تصحيحي، بل خطوة ضرورية لضمان الاستفادة الفعلية للمناطق الهشة والمحرومة، وضمان أن تُخصص الموارد بشكل عادل وفعال لتحقيق التنمية المستدامة. للإشارة إن فتح تحقيق حول صرف ميزانية وكالة تنمية الواحات ومناطق الأركان يعد خطوة ضرورية لضمان استمرارية المشاريع التنموية ونجاحها، مع توفير ضمانات أكبر لتحقيق التنمية المستدامة، حيث تظل الشفافية والمحاسبة عنصراً أساسياً لاستعادة ثقة المواطنين في المؤسسات العمومية.