نورالدين بازين يبدو أن التحالف الحكومي المغربي يعيش على وقع توترات متصاعدة، حيث شهدت الأيام الأخيرة هجمات غير مسبوقة من قياديين في حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الاستقلال على حزب الأصالة والمعاصرة، الشريك الرئيسي في الحكومة. هذه الهجومات، التي قادها كل من محمد أوجار (الأحرار) ونور الدين مضيان (الاستقلال)، تثير تساؤلات حول خلفياتها وأبعادها السياسية في هذا التوقيت بالذات. كانت البداية مع محمد أوجار، القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار ووزير العدل السابق، الذي حمّل وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان، التي تشرف عليها فاطمة الزهراء المنصوري (القيادية في حزب الأصالة والمعاصرة)، مسؤولية تفشي البطالة. خلال استضافته في برنامج “نقطة إلى السطر”، الذي تقدمه الإعلامية صباح بندن داوود، لم يتردد أوجار في الإشارة إلى أن قطاع الإسكان يشهد ركودًا كبيرًا، مما ساهم في تفاقم أزمة التشغيل في البلاد. رد فعل المنصوري لم يتأخر، حيث رفعت شكوى مباشرة إلى رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، معتبرةً أن تصريحات أوجار تجاوزت حدود النقد الموضوعي ودخلت في إطار “الهجوم السياسي الممنهج” على حزبها. و بعد أيام من تصريحات أوجار، جاء الدور على نور الدين مضيان، القيادي البارز في حزب الاستقلال، الذي لم يتوانَ عن تحميل حزب الأصالة والمعاصرة مسؤولية تأخر تنمية إقليم الحسيمة، بل وذهب إلى أبعد من ذلك حين قال إن قيادات “البام” في الإقليم ساهمت في “انحراف مسار حراك الريف عن أهدافه الأساسية”، مشيرًا إلى أن البعض منهم “حاول ابتزاز الدولة”. تصريحات مضيان جاءت ردًا مباشرًا على هجوم سابق لمحمد بودرا، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، خلال مهرجان خطابي الأسبوع الماضي بالحسيمة، حيث وجه اتهامات لحزب الاستقلال بعدم الوفاء بوعوده تجاه الإقليم. لماذا الآن؟ السؤال المطروح هو: لماذا بدأت قيادات رئيسية في مكونات التحالف الحكومي في تبادل الهجومات علنًا؟ ووفق مختموم بالشأن السياسي والحزبي، فالأنر يتعلق بصراع انتخابي مبكر، فرغم أن الانتخابات التشريعية لا تزال بعيدة نسبيًا، فإن الأحزاب بدأت تعد العدة لمعركة 2026. مؤكدة أن حزب الأصالة والمعاصرة، الذي يبدو أنه يطمح للعب دور أكبر في المشهد السياسي، قد يكون مستهدفًا من شركائه الذين لا يرغبون في أن يصبح منافسًا قوياً في الاستحقاقات المقبلة. إلى جانب ذلك، فالارتباك الحاصل داخل الحكومة أنتج هذه الهجومات التي تعكس ارتباكًا داخل التحالف الحكومي، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه البلاد، مثل أزمة البطالة والتوترات الاجتماعية في بعض الأقاليم. وقد يكون كل حزب يسعى للتنصل من المسؤولية وإلقاء اللوم على الآخر. كما أن خلافات داخلية بين القيادات، كشفت أنه ليس سرًا أن هناك صراعات داخل كل حزب حول الزعامة والتموقع. فمثلاً، داخل حزب الأحرار، قد يكون أوجار يسعى لتقديم نفسه كبديل محتمل لأخنوش، في حين أن داخل حزب الاستقلال، هناك صراع بين تيارات مختلفة حول كيفية إدارة التحالف الحكومي. و من الواضح أن العلاقة بين مكونات التحالف الحكومي ليست في أفضل حالاتها، وأن الهجومات المتبادلة قد تكون مؤشرًا على تصدعات أعمق. يبقى السؤال: هل ستظل هذه التوترات مجرد ملاسنات سياسية، أم أنها ستؤدي إلى تحولات أوسع قد تعيد رسم خريطة التحالفات السياسية في المستقبل القريب؟