نورالدين بازين في ظل الحديث عن تثمين الموروث الحضاري والاهتمام بالتراث الثقافي، يأتي اليوم هدم فيلا لوسيين الأنوف في مراكش ليثير جدلاً واسعاً حول مصداقية الجهود المبذولة للحفاظ على الإرث المعماري المغربي. الفيلا، التي كانت تشكل جزءاً من تاريخ المدينة الحمراء في القرن العشرين، تم هدمها بشكل مفاجئ صباحاً بدعوى أنها “انهارت”، مما أثار تساؤلات حول الجهات التي أصدرت قرار الهدم والأسباب الحقيقية وراء هذا الإجراء. كانت فيلا لوسيين الأنوف في طور التقييد كأثر وطني، حيث تم إلغاء مسطرة التقييد في مرحلة أولى قبل بدء الإجراءات الرسمية. وخلال هذه الفترة، شهد الملف تحقيقات وتوقيفات، مما أثار شكوكاً حول وجود “أيادي خفية” تعمل على إفشال عملية التقييد. وقد تأجل الاجتماع الخاص بتقييد الفيلا عدة مرات، إلى أن تم الهدم بشكل مفاجئ، مما أثار استياءً كبيراً بين المهتمين بالتراث الثقافي. و يأتي هذا الهدم في وقت يحتفي فيه المغرب باحتلاله المرتبة 35 عالمياً في الاهتمام بالتراث الثقافي، وفقاً لتقارير دولية. إلا أن حادثة هدم فيلا لوسيين الأنوف تكشف عن تناقضات كبيرة بين الخطاب الرسمي حول تثمين الموروث الحضاري والواقع على الأرض. فكيف يمكن الحديث عن الحفاظ على التراث في ظل هدم مباني تاريخية دون إجراءات واضحة أو دراسات معمقة؟ هذا الهدم يطرح تساؤلات حول مصداقية الجهات المسؤولة عن الحفاظ على التراث، خاصة في ظل وجود دراسة يجريها مكتب دراسات مختص لتقييد البنايات التاريخية التي تزخر بها مراكش في القرن العشرين. الهدم المفاجئ للفيلا قد يؤدي إلى فوضى في عملية التقييد، ويخلق تصدعاً في الدراسات الجارية، مما يهدد بفقدان الثقة في الجهود المبذولة للحفاظ على الإرث المعماري. وتكشف حادثة هدم فيلا لوسيين الأنوف عن وجود “أيادي خفية” تعمل في الخفاء لإفشال أي محاولة للحفاظ على التراث الثقافي. هذه الحادثة تثير تساؤلات حول الجهات التي تقف وراء قرار الهدم، والأسباب الحقيقية التي أدت إلى هذا الإجراء. هل هي مصالح اقتصادية أم سياسية؟ ولماذا تم تأجيل الاجتماعات الخاصة بتقييد الفيلا عدة مرات قبل أن يتم هدمها بشكل مفاجئ؟ هدم فيلا لوسيين الأنوف ليس مجرد حادثة عابرة، بل هو جرس إنذار يدق لتنبيه المسؤولين إلى ضرورة إعادة النظر في سياسات الحفاظ على التراث الثقافي. في ظل الحديث عن تثمين الموروث الحضاري، يجب أن تكون هناك إجراءات واضحة وشفافة للحفاظ على المباني التاريخية، بعيداً عن أي “أيادي خفية” تعمل على إفشال هذه الجهود. المغرب، الذي يتباهى باحتلاله مراتب متقدمة في الاهتمام بالتراث الثقافي، مطالب بتحمل مسؤولياته في الحفاظ على إرثه المعماري، قبل أن يتحول هذا الإرث إلى مجرد ذكرى في كتب التاريخ.