نورالدين بازين في ليلةٍ خالية من الضجيج، لكنها مليئة بالأسئلة، شهدت مدينة مراكش حدثًا مثيرًا للجدل تمثل في هدم “فيلا لوسين”، وهي مبنى تاريخي كان محل نزاع قضائي. عملية الهدم، التي تمت بشكل مفاجئ وسريع، أثارت استياءً واسعًا وتساؤلات عديدة حول الجهات المسؤولة والظروف التي أحاطت بهذا الإجراء، خاصةً في ظل غياب أي تنسيق مع الجهات المحلية المعنية. فيلا لوسين، التي كانت تُعتبر أحد المعالم التاريخية في المدينة، تم هدمها ليلة الجمعة بشكلٍ سريعٍ ومريب. وفقًا لمصادر محلية، تم تنفيذ حكم قضائي صادر لصالح مستثمر خاص يوم الخميس، وتم تنفيذ عملية الهدم في الليلة الموالية. ما يزيد الأمر غموضًا هو أن قسم التعمير بالمجلس الجماعي لم يتم إعلامه بالقرار القضائي، مما حال دون إمكانية استئنافه أو الطعن فيه غرفة النقض. كما أن الوكالة الحضرية، الجهة المسؤولة عن التخطيط العمراني، أعلنت أنها لم تكن على علم بعملية الهدم. هذا الإجراء السريع يطرح تساؤلات حول الجهة التي أشرفت على التنفيذ، ولماذا تم اختيار التوقيت الليلي لإتمام العملية؟ وهل تم تبليغ المجلس الجماعي بالقرار القضائي قبل التنفيذ؟ أم أن الأمر تم بعيدًا عن أعين السلطات المحلية؟ ومن الواضح أن هناك فجوة كبيرة في التنسيق بين الجهات القضائية والجهات المحلية. فالمجلس الجماعي، الذي كان يخطط لتحويل فيلا لوسين إلى متحف سياحي لجذب الزوار وتعزيز السياحة المحلية، وجد نفسه أمام أمرٍ واقع بعد هدم المبنى. هذا الإجراء يثير تساؤلات حول مدى احترام القرارات المحلية والرؤية التطويرية للمدينة، خاصةً عندما يتعلق الأمر بمعلم تاريخي يمكن أن يكون له أثر إيجابي على الاقتصاد المحلي. وتتزايد التساؤلات حول دور قائد المنطقة والمقدم عين السلطة، الذين يُفترض أن يكونوا على علم بكل التحركات الكبيرة في المنطقة، خاصةً تلك التي تتعلق بمباني ذات قيمة تاريخية أو سياحية. كيف تم تنفيذ عملية هدم بهذا الحجم دون علم السلطات المحلية؟ وهل تم إبلاغهم بالقرار القضائي دون إتمام مساطره القانونية؟ أم أن هناك تقصيرًا في أدوارهم الرقابية؟ و تشير بعض المصادر إلى أن تأجيل تقييد فيلا لوسين كمعلم تاريخي كان “بفعل فاعل”، مما يفتح الباب أمام نظريات تتحدث عن وجود أطراف معينة عملت على تسريع عملية الهدم قبل أن يتم اتخاذ أي إجراءات قانونية لحماية المبنى. هذا الأمر يضع علامات استفهام كبيرة حول نوايا بعض الأطراف ودورها في إفشال أي محاولات للحفاظ على التراث العمراني للمدينة. فيلا لوسين لم تكن مجرد مبنى عادي، بل كانت تمثل جزءًا من تاريخ المدينة وتراثها العمراني. كان المجلس الجماعي يطمح إلى تحويلها إلى متحف سياحي، مما كان سيسهم في جذب السياح وتعزيز الاقتصاد المحلي. هدمها بهذه الطريقة المفاجئة لا يمثل فقط خسارة تراثية، بل أيضًا خسارة اقتصادية للمدينة. ستبقى هذه الحادثة محاطة بالكثير من التساؤلات التي تحتاج إلى إجابات واضحة من الجهات المعنية. من المسؤول عن تنفيذ الهدم دون إعلام الجهات المحلية؟ ولماذا تم اختيار التوقيت الليلي؟ وهل كان هناك تقصير من قبل السلطات المحلية في حماية هذا المعلم التاريخي؟ هذه القضية تفتح الباب أمام نقاش أوسع حول ضرورة تعزيز التنسيق بين الجهات القضائية والمحلية، وحماية التراث العمراني من أي إجراءات فردية قد تؤدي إلى خسائر لا تعوض. كما أنها تذكرنا بأهمية الشفافية في تنفيذ القرارات، خاصةً عندما يتعلق الأمر بمصالح عامة وتراث مشترك.