السلام عليكم 

 

 بعد النجاح الهائل الذي حققه برنامج   " قطايف "الذي قدمه الفنان المصري سامح حسبن على التواصل الاجتماعي بعد رفض القنوات المصريه له خوفا من فشله لأنه يعزف على وتر مختلف  عن ما درجت عليه الدراما والبرامج التلفزيونية المصرية . أمر الرئيس المصري. بتشكيل هيئة خاصة بمراجعة المحتوى الذي تقدمه الدراما المصرية  من أجل تبيئتها و تقريبها من ثقافة الإنسان المصري وأصالته. ذكرني هذا العمل 
   بما كنت أطالب به منذ فتزة بتوجيه الإنتاج الدرامي الوطني إلى البادية الموريتانية في نقائها وبساطتها  وتحفيز الوجدان الموريتاني نحو مفاهيم المحبة والانسجام والتجانس من أجل مقاومة داء التشظي والاختلاف الذي هيمن على اهتمام الناس وصار موضوعا للانتشار في وسائل التواصل الاجتماعي. حيث يسعى التافهون إلى تقديم أنفسهم لجمهور كبير من الشباب دون سن البلوغ والذين تدفعهم اهتمامات المراهقة إلى البحث عن المختلف والمثير نحو مثل هؤلاء المدونين . وحتى لا أشير إلى أشخاص بالاسم ، لا أظن أن أحدا منكم يجهل ما يحصل الآن على التيكتوك و الفيس بوك واسناب شات من انتشار مخيف للتفاهة والبذاءة وسوء الخلق. ورغم ذلك يحصد المنشغلون به أرقاما خيالية من المتابعين حتى باتت هذه حرفة وتجارة. تشد انتباه الناس و شركا يقع فيه الكثير من الحمقى والمغفلين تحت طائلة البحث عن الربح إلى آخره.

 من هنا كان من المهم أن أتوجه إلى استدعاء قيمنا وثقافتنا التي تربينا عليها وتمثلناها وميزتنا كموريتانيين عن غيرنا من الأمم والشعوب.
 وبالتالي جاء مسلسل ذاكرة التيدوم. رغم بساطة موضوعاته في الظاهر استدعاء  لهذه القيم و نقاهة للمشاهد الموريتاني من  المشهد المكرر للدراما التلفزيونية كل عام .

نحن شعب بدوي بطبعه ، وليس في البداوة من عيب تذم به. 
بل كلها تجسيد للفضيلة بمختلف معانيها 
الكرم، الصبر، التواضع، البساطة، حب الأرض، التعاون…
 ولم تخلُ حلقة   في مسلسل ذاكرة التيدوم   من هذه القيم والمعاني الجميلة، رغم أنه لا يزيد عن عشرين حلقة. 

   عندما نتحدث عن " ذاكرة التيدوم". فنحن نفتح نافذة على تاريخ مضى وواقع حي. يتحكم المخرج في توجيه الذاكرة إليه دون أن يكون محصورا في سياق سردي معين. فالذاكرة تستثار بمجرد توفر العامل الذي يثيرها. ومن هنا كان كل مشهد في هذا العمل استجابة محضة من ذاكرة التيدوم  الذي  تجسد في الرجل الطيب الذي يزرع بيده و يقاوم القردة التي تفسد حقله وينحر لضيوفه و يؤم الرجال في مصلى لفريگ ويسعى لتزويج بناته و يستجيب عند سماع " اعياط الخوف" و يعامل الناس برفق ويحافظ على الغطاء النباتي ….

كما فتح المسلسل نافذة خاصة على الزجل البدوي" الأشوار" 
والذي كان لازمة في كل " افريگ" وفي كل بقاع هذا الوطن.

ذاكرة التيدوم كانت نافذة على البادية الموريتانية بمختلف تجلياتها " الانسانية والطبيعية.". ويكفينا شرفا أننا كنا السابقين إلى هذا التحدي الذي كان بالفعل مغامرة تم إنجازها في أقل من عشرة أيام وعلى مسافة 600 كلم من العاصمة نواكشوط. و بتمويل لا يصل نصف التكاليف التي صرفناها على إنتاجه دون رعاية ولا معونة من بنك أو شركة أو مؤسسة خاصة أو عامة.

دمتم بخير

أحمد محمود العتيق.