في حملته الانتخابية رفع الرئيس المنتخب محمد ولد الشيخ الغزواني شعار العبور الآمن، فهل كان الشعار للاستهلاك الظرفي الدعائي أم أن الرئيس يعي ضرورة العبور الآمن ؟
من الغباء أن يظن البعض أن الظرف الحالي يتحمل رفع شعارات براقة تنسى بمجرد الانتهاء من احتفالية التنصيب.
البلد اليوم يمر بمرحلة من الانقسام في الاتجاهين الأفقي والعمودي:
نخب سياسية كانت تقود المشهد السياسي انتهت صلاحيتها بتقدم السن أو بسبب الإفلاس السياسي أو الإخفاق في الأداء الحكومي طيلة عقود من التدوير وإعادة التدوير فهرولت لتحتمي بالنظام من المحاسبة الجماهيرية  فرأت في مساندة الرئيس طوق نجاة لها لكنها غير منسجمة في الأفكار والآراء وستتصارع حول السلطة مما سيخلق مراكز قوى داخل النظام.
معارضة ناشئة بعضها محروم من الترخيص على الرغم مما أظهرته من قدرات على الحشد في ظل إمكانيات دعائية ومالية شحيحة وبقايا من بقايا أحزاب معارضة فقدت الرموز وظلت قواعدها متماسكة مؤمنة بالتغيير ومتمسكة بالخط المعارض يغلب على قواعدها الشباب وهي ميزة تمنحها الديناميكية والقدرة على التأثير في الشارع، ولا قدر الله  قد تكون وقودا حيويا للعنف إذا ما ظل الواقع استاتيكيا.  
انقسام أفقي بين طبقات وفئات وشرائح تتلون بتلون هوياتها:
- ثلة من الاغنياء في وجه ملايين الفقراء.
- فئات مهمشة في مواجهة أرستقراطية اجتماعية ما تزال تستأثر بأغلبية مراكز النفوذ السياسي والمالي في الدولة.
- قوميات لم تتفق على هوية البلد على الرغم من معطيات الواقع والنصوص الدستورية التي حسمتها. 
- وضع اقتصادي هش لا يزال يعتمد على التصدير الخام للموارد الطبيعية ويستدين كل اجتماع لمجلس الوزراء مع غياب خطط إنماء واقعية و مجدية.
- أزمة فساد حولت الدولة إلى بقرة حلوب كل يمتص الثدي الذي يسيره، فساد متعدد الأبعاد.
- واقع جيوبوليتكي شديد الاضطراب بفعل أوضاع بعض الجيران و صراع القوى الكبرى على النفوذ في المنطقة.
هجرة سرية تضغط على الموارد وتزيد الأمن اشكالا.
أمام واقع كهذا يصبح لشعار العبور الآمن معنى  بل يصبح حتميا من ضفة الانهيار إلى ساحل الإنقاذ.
 فبأي حكومة سنعبر إلى بر الأمان :
إذا ما أردنا أن نعيد التأسيس ونتخلص من كل الأزمات ونحل كل الإشكاليات ونتخلص من رواسب فشل أكثر من ستة عقود ، فيجب أن تكون المأمورية الحالية مأمورية انتقالية وهو ما يتطلب حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع بالتناسب مع نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة مع تعيين تكنوقراط على الوزارات الخدمية كالصحة والتعليم والعدل مع فتح حوار وطني تحل من خلاله كل القضايا  الوطنية المطروحة.
إذا ما أصر أركان النظام على تجاهل ضرورة إعادة التأسيس وتنكروا لمستوى الاحتقان علنيا مع الشعور بمستوى الخطر فعلى الرئيس اختيار حكومة تكنوقراط من أصحاب الكفاءات النزيهة للتخفيف من مستوى الاحتقان والتخفيف من تردي المستوى المعيشي والخدمي وصولا إلى حالة من الاستقرار النسبي حتى نوقف التدهور ليلا لينزلق البلد في متاهات يصعب التحكم فيها.
أما إن دفن النظام رأسه في الرمال ورجع إلى سياسة التدوير المطعم باشراك المؤلفة قلوبهم من زعماء المعارضة فإن النظام سيصل إلى مرحلة التشمع الفسادي عندها لا ندري أي الحقن  سيمليها الواقع ولن تكون ضامنة للعبور الآمن. 
شيخنا محمد سلطان.